د. عبدالرزاق محمد الدليمي: العالم وين وطنبورة العملية السياسية وين
منذ انتهاء مسرحية الانتخابات الاخيرة في العراق المحتل اللاديمقراطي والتي تحوم الشكوك حول مصداقيتها ونزاهة نتائجها وما حملته من فضائح بدأت تظهر على السطح وبشكل مستمر الواحدة تلو الاخرى وكل ذلك يؤكد ان مهازل الانتخابات الاخيرة واللواتي سبقتها منذ 2005 قد وجهت ضربة قاصمة وموجعة الى وهي جزء من الديمقراطية الموعودين بها من الاحتلال الامريكي البريطاني الى درجة ان دول كثيرة في العالم بدأت تعيد تقيم ادعاءات الولايات المتحدة الامريكية(وعززتها مواقف امريكا والغرب من الاحداث بين روسيا واوكرانيا) بأنها أم الديمقراطية ومنتجتها وحاميتها في العالم بل ان ادعاء النظام في امريكا بأنه نظام ديمقراطي اصبح مثير للسخرية..
في خضم تفاقم وزيادة وتيرة الاوضاع الخطيرة التي خطط لها في دهاليز المخابرات الامريكية والبريطانية تزايد الحديث في المنطقة العربية عن التغييرات، إذ لم تعد منطقة الشرق الأوسط، لوحدها من أكثر مناطق النفوذ الأمريكي إثارة للجدل، بملفاتها الساخنة، وأزماتها التي ربما زادت تعقيدا، في ظل استقطاب إقليمي حاد، وحروب مشتعلة في عدد من البلدان العربية بل ان الازمات التي افتعلت وستفتعل خلال المرحلة القريبة القادمة في اوربا واسيا(القوقاز والبحر الاسود وبحر الصين واطراف اليابان والكوريتين) ستشعل النيران في كل مرافق الحياة وسيتكوى منها غالبية سكان العالم خدمة لمصالح القوى الكبرى التي تتحكم بالعالم.
من كورونا الى النظام العالمي الجديد
فجأة أختفت كورونا مباشرة بعد تأزم الاوضاع بين روسيا واوكرانيا ولم نعد نسمع او نرى ماكان ينشر ويبث من اخطار تسببت بها كوفيد 19 وما تبعها من افلام ومسلسلات هندية .. عدنا نسمع وبأهتمام عن الملف السعودي، والحرب الدائرة في اليمن ، علاقة امريكا مع إيران، أما العراق وما وصلت فيه الاوضاع من سوء بسبب تحالف الاحتلال الامريكي البريطاني وبالتنسيق مع حكومة طهران فأنه أصبح في خبر كان.
المواطن العراقي الذي مازال تحت تأثير الطروحات الدينية المتطرفة والشعارات والممارسات المناطقية والطائفية والعنصرية اكتشف (ولو بعد حين) انه كان هدف سهلا لمخطط دولي اقليمي محلي متناغم في المصالح بين جميع اطرافه القذرة ،فكثير من العراقيين بما فيهم اناس كانوا يعتقدون انهم على قدر من الفهم والوعي ما يمكنهم من كشف اغوار وطلاسم ماخطط له اعداء العراق ، حيث فهم اغلب شعبنا لاسيما الشباب منهم ان تجربة 19 عاما عجافا من الظلم والاستبداد وعمليات الهدم والتخريب والقتل والنهب والتهجير والتغييب كان جميعه عملا منظما تم يتم تنفيذه بدقة، فالهدف من احتلال العراق ليس (بناء دولة وتحقيق الديمقراطية )كما يحاول بعض المتخلفين والدجالين والآفاقين ،تمريره على العراقيين والعالم ، بل هو مشروع ديني صهيوني طائفي قديم جديد ،وكان العراق المستقل القوي المتقدم علميا عقبة في طريق تنفيذه،ولذلك كان احتلال العراق وقبله زجه بحروب خططوا لها وكلفوا،من ينفذها
يعلم الجميع ان النظام القائم منذ احتلال العراق مكبل بسلسلة من التعقيدات التي شارك بوضعها الاحتلال بالتنسيق والتوافق مع النظام الحاكم في طهران وذيولهم المتوحشه ،فكل خطوه بأي اتجاه هي عبارة عن لغم جاهز للانفجار، ومنها ما بعد العملية الانتخابية الجديدة حيث مضت قرابة خمسة اشهر ولم يتفق اللصوص والقتلة على توزيع موارد العراق بينهم، علما ان جميع العراقيين الذين قاطعوا كل الانتخابات يعلمون علم اليقين مسبقا انهم لم ولن يستفيدوا من اية نتائج حتى ولو كانت متواضعة جدا قياسا بما يطالب به العراقيين ويحتاجون إليه بشدة،والملفت ان اكثر ما يركز عليه مطبخ الدعاية المسمومة للاحتلال وعملائه في العملية السياسية الفاشلة،لاقناع الناس والزامهم قسرا بأكذوبة ان عليهم ان ليضائلوا من التوقعات حول ما يمكن أن تحققه هذه الانتخابات او غيرها، وان يتعايشوا مع كونها الوسيلة الوحيدة لمن يفكر بألسعي إلى التغيير من خلال هذه الوسائل السلمية،بمعنى انهم يجب ان يقنعوا انفسهم بقبول أستمرار تدوير هذه النفايات القذرة من عملاء الاحتلال،الى يوم الدين، فالمشاكل التي ترافق كل هذه المسرحيات هي ذاتها كالمال السياسي وهيمنة المليشيات الوقحة المتوحشة التي لاتؤمن بشئ اسمه الدولة فالمهم لاحزاب السلطة العميلة ان تنتهي الامور بأعادة تدويرهم من جديد، فالانتخابات وما يعقبها تجري في بيئة يسودها عدم ثقة الجماهير في الأحزاب السياسية والقادة والحكومة والعملية الانتخابية الاحتيالية في البلاد بشكل عام، التي قدمت جنينا مشوها اخر زاد من قتامة وبؤس الوضع الذي يعيشه العراقيين منذ احتلال بلدهم.
غير خاف على اي عاقل عراقي او غيره ان الامم المتحدة هي احد اهم ادوات تنفيذ اهداف ومصالح الولايات المتحدة الامريكية ، وادت هذه المنظمة المحسومة الولاء لامريكا،دورا سئ الصيت ليس في شرعنة احتلال العراق بل واستمرارها بتنفيذ ما خطط من مؤمرات مستمرة ،ضد بلدنا ،وعادة ميتم اختيار اكثر الاشخاص قدرة ورغبة في تنفيذ ما توجبه صفحات المخطط الذي وضع لتدمير العراق وانهاء وجوده كدولة وشعب قدم اعظم الانجازات الحضارية للبشرية،ان كل ماينفذه ذيول ما يسمى بالمجتمع الدولي من خطوات لتحسين وتبيض الوجه الاسود للعملية السياسية الهجينة ، باءت بالفشل الذريع المحتوم والمعروف سلفا ورغم الكذب الواضح والمخزي لممثلي مايسمى بالمجتمع الدولي ومحاولتهم تدليس الحقائق وتزوير الوقائع، وتجميل النظام المتخلف الذي اوجدوه ،فأن الحقيقة لم تنفعهم كما لم ينفعهم الاتكاء على بعض رجال الدين من جميع الاطياف الذين بدأت مصداقيتهم وشعبيتم تتراجع بسبب دفاعهم وتبنيهم لاناس يمقتهم الشعب ،متمنين ان يبتعد رجال الدين عن السياسة في العراق ،لانها واقولها متأسفا ستنهي وجودهم ودورهم القيمي والاعتباري لدى العراقيين وساعتها لن يفيدهم الندم.
محورالشام الجديد
استضافت مدينة العقبة الاردنية في الايام القريبة الماضية (اللقاء يأتي قبيل جولة لوزير الخارجية الأميركي في المنطقة )قمة لقادة الاردن ،ومصر،والعراق والامارات العربية المتحدة ، وبحضور وزير الدولة السعودي ،لمناقشة أمن الاقليم والمنطقة في ظل المتغيرات والمستجدات وتعزيزالتعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب، ضمن نهج شمولي، يتضمن الأبعاد العسكرية والأمنية والفكرية، والمشهد ليس بعيدا عن الاجتماعات الاخيرة المنعقدة في بروكسل لحلف شمال الاطلسي الناتو والاتحاد الاوروبي ومجموعة السبع ،لبحث تداعيات الازمة الاوكرانية، وعن لقاء الرئيس المصري وولي عهد أبو ظبي ورئيس وزراء الكيان الصهيوني منذ أيام في مصر، وزيارة الرئيس السوري الى الامارات منذ أيام قليلة ايضا،هناك استحقاقات داخل دول الاقليم منها انتخابات رئاسة الجمهورية والوزراء في العراق،وملفات كبرى زادت من أهميتها الازمة الاوكرانية وفي مقدمتها ملف «أمن الطاقة» وضرورة الاسراع بمشروع خط النفط ( البصرة – العقبة – .. وصولا الى مصر) ..والتكامل بمشاريع «الامن الغذائي» ، وهذان ملفان زادت أهميتهما وتسارعت في ظل تداعيات الحرب في اوكرانيا،واحتمال التوصل لاتفاق حول الملف النووي الايراني ،وعلى دول المنطقة ان تستعد لهذه المرحلة أمنيا واقتصاديا وسياسيا.. اضافة لدور وثقل العراق والامارات والسعودية النفطي لسد النقص الخطير بالمعروض النفطي في العالم .. هذا التنسيق الذي سيتوسع حتما قادرعلى مواجهة التطورات والتحديات المتوقعة بتنسيق سياسي ، وتكامل اقتصادي فاعل، يساهم بخلق فرص نمو وتشغيل واستثمارات تنعكس ايجاباعلى دول مصر والشام والخليج العربي ، وهذا يتطلب العمل على حفظ أمن واستقرار الاقليم من خلال مواجهة تحديات تداعيات كافة الملفات وفي مقدمتها ما يحدث في العراق وقضية فلسطين و عدوان النظام الحاكم في ايران.
ان هذا اللقاء التشاوري، أتى استكمالاً لمشروع “الشام الجديد” الذي تعثر في السنوات الماضية بفعل عوامل عدة من بينها جائحة كورونا، وليس آخرها أزمة الحرب الروسية في أوكرانيا ومتوقع ضم الإمارات إلى الحلف الثلاثي بين الأردن والعراق ومصر، بمشروع “الشام الجديد”، والذي أطلق قبل نحو عامين، والذي يشكل تهديداً مباشراً لنفوذ إيران في المنطقة، وتحديداً في العراق، حيث تبدو فرص تجديد الثقة بحكومة الكاظمي محدودة بعد فوضى الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي ربما ستؤدي الى فرض حكومة طوارئ (قد تكون برئاسة الكاظمي).
أهداف جولة بلينكن
تأتي زيارة بلينكن للدول العربية (العراق ليس من بينها) في وقت دخلت الولايات المتحدة والقوى الدولية الكبرى وإيران المراحل النهائية من التفاوض بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، والتي تهدف إلى منع طهران من تطوير أسلحة نووية،وانسحبت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق احاديا في 2018 وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران علما ان نظام طهران مستمر بأنشطته النووية الحساسة.ويقول المسؤولون الأميركيون إن التوصل إلى اتفاق يتوقف على مسألة أو مسألتين رئيسيتين، لكن يتعين على طهران اتخاذ “خيارات صعبة” إذا كانت تريد اتفاقًا.غير أن التوصل إلى الاتفاق يثير قلق (إسرائيل) وحلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي ، حيث يشكل النظام في طهران مصدر تهديد دائم لهم،مع احتمال ان إبرام اتفاق نووي جديد، لن يمنع نظام الملالي من تطوير سلاح نووي. في وقت بعث بينيت برسالة نادرة إلى السعودية، معربا عن “الألم” إزاء موجة الهجمات التي شنها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران الجمعة والتي أصابت أهدافا داخل المملكة،واعتبر بينيت “هذا الهجوم دليل آخر على أن عدوان إيران الإقليمي لا يعرف حدودا”. تركز زيارة بلينكن، وهي المحطة الأولى في رحلة ستقوده أيضًا إلى الضفة الغربية والجزائر والمغرب، على حشد الدعم لأوكرانيا بعد الغزو الروسي،كما تهدف الزيارة الى تهدئة مخاوف الصهاينة بشأن اتفاق نووي وشيك مع إيران، ومناقشة النقص العالمي المحتمل في القمح الناجم عن الحرب في أوكرانيا والذي يمكن أن يسبب أزمة في الشرق الأوسط المعتمد بشدة على استيراد هذه المادة. حيث تستورد معظم البلدان ما لا يقل عن نصف حاجياتها من القمح” ومعظمه من أوكرانيا.
نظام عالمي جديد
خلال كلمة القاها الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر في العاصمة واشنطن يعتقد البعض ان العبارة الغريبة أفلتت منه وانا لا اعتقد انها فلتت بل هو يقصدها وهي عبارة عن “النظام العالمي الجديد”،في كلمته أمام اجتماع للوبي قادة الشركات الأمريكية الكبرى، اختتم بايدن حديثه بالقول: “لقد حان الوقت الآن لتتغير الأمور. سوف نقوم… سيكون هناك نظام عالمي جديد، وعلينا أن نقوده. وعلينا أن نوحد بقية العالم الحر للقيام بذلك”. لاقت استهجاناً على الشبكات الاجتماعية، لاسيما في أوساط المؤمنين بنظرية المؤامرة ،وسرعان ما انتشرت العبارة على تويتر ولم يضيع المعلقون على تويتر وقتاً في التعليق على ما اعتبروه استحضاراً لنظرية تدعي أن عصابة نخبوية عالمية تعمل من الخفاء لتقسيم العالم وفرض حكم شمولي.
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل بالضرورة يورو تايمز