أخبار

روسيا تبحث تكتيكات أقوى مع تباطؤ تقدم جيشها في أوكرانيا

دخل الغزو الروسي لأوكرانيا أسبوعه الثاني اليوم الخميس وسط ما يبدو أنه فشل في التخطيط حتى الآن، حيث توقفت قوتها الهجومية الرئيسية منذ أيام على طريق سريع شمالي كييف وتوقفت عمليات اجتياح أخرى على مشارف مدن تتعرض لقصف شديد.

وقالت الأمم المتحدة، إن عدد اللاجئين الذين فروا من أوكرانيا ارتفع إلى أكثر من مليون. وسقط مئات القتلى من الجنود الروس والمدنيين الأوكرانيين، كما سقطت روسيا نفسها في عزلة لم يتعرض لها من قبل اقتصاد بهذا الحجم.

وعلى الرغم من خطة المعركة الأولية التي قالت الدول الغربية إنها تستهدف الإطاحة السريعة بحكومة كييف، فإن روسيا لم تستول حتى الآن سوى على مدينة أوكرانية واحدة فقط، هي مدينة خيرسون الواقعة على نهر دنيبرو والتي دخلتها دباباتها أمس الأربعاء.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في تحديث للاستخبارات، “الجزء الرئيسي من الرتل الروسي الكبير الذي يتقدم صوب كييف لا يزال على بعد أكثر من 30 كيلومتراً من وسط المدينة بعد أن تأخر بسبب المقاومة الأوكرانية الباسلة والأعطال الميكانيكية والزحام”.

وأضافت، “لم يحرز الرتل تقدماً ملحوظاً يذكر خلال أكثر من ثلاثة أيام. ورغم القصف الروسي العنيف فلا تزال مدن خاركيف وتشرنيهيف وماريوبول في حوزة الأوكرانيين”.

وقد ظل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف حيث يبث لقطات مصورة بانتظام للشعب. وقال في رسالته الأخيرة، إن الخطوط الأوكرانية صامدة. وأضاف “ليس لدينا ما نخسره سوى حريتنا”.

وفي بوروديانكا، وهي بلدة صغيرة تقع على بعد 60 كيلومتراً شمال غربي كييف حيث يتصدى السكان المحليون لهجوم روسي، تناثرت هياكل مدرعات روسية محترقة تماماً على الطريق السريعة المحاطة بمبان حولها القصف إلى أطلال. وأضاءت ألسنة اللهب من مبنى سكني محترق السماء قبل بزوغ الفجر. وكان كلب ينبح بينما كان عمال الطوارئ يسيرون وسط الأنقاض في الظلام.

وقال رجل في الشقة التي كان يحتمي بها مع أسرته، “بدأوا إطلاق النار من ناقلة جند مدرعة خاصة بهم باتجاه الحديقة أمام مكتب البريد”، في إشارة إلى ناقلة جند مدرعة روسية.

وأضاف، “ثم أطلق هؤلاء الأوغاد قذائف من دبابة وبدأوا في إطلاق الرصاص على متجر كبير كان محترقاً بالفعل. واشتعلت فيه النيران مجدداً”.

وتابع، “جرى مُسن إلى الخارج كالمجنون وهو مذهول وقال (أعطني زجاجة مولوتوف!) سأشعل النار في ناقلة الجند المدرعة!… أعطني بعض البنزين وسنصنع زجاجة مولوتوف ونحرق الدبابة!”.

جولة ثانية من المحادثات

وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رد الفعل الغربي على التحركات الروسية بأنه “هيستيري”، مضيفاً أنه سينقضي. وقال إنه يتوقع جولة ثانية من محادثات السلام مع الوفد الأوكراني اليوم الخميس. وعقدت أول جولة في روسيا البيضاء يوم الإثنين دون إحراز تقدم.

ولم تصوت سوى روسيا البيضاء وإريتريا وسوريا وكوريا الشمالية بالرفض على مشروع قرار عاجل للجمعية العامة للأمم المتحدة يندد “بالعدوان” الروسي.

وفي بكين أعاد منظمو دورة الألعاب البارالمبية الرياضيين المنتمين لروسيا وروسيا البيضاء إلى بلديهما. ووصفت روسيا منع الرياضيين من المشاركة بأنه “شنيع”.

وفي روسيا نفسها، حيث سجنت السلطات أو نفت كافة رموز المعارضة في حملة على مدى العام الماضي، حظرت السلطات أي تغطية إعلامية تصف العملية العسكرية الخاصة التي أعلنها الرئيس فلاديمير بوتين في 24 فبراير (شباط) بأنها “غزو” أو “حرب”.

وقالت وكالة تاس اليوم الخميس، إن إذاعة “إيخو موسكفي”، أشهر إذاعة مستقلة بعد الحقبة السوفيتية، ستغلق. وتصدت الشرطة سريعاً للاحتجاجات المناهضة للحرب وألقت القبض على الآلاف.

وذكر مسؤول في الاتحاد الأوروبي، أن التكتل يرى مؤشرات على أن روسيا قد تفرض الأحكام العرفية.

ومع فشلها في السيطرة على المدن الأوكرانية غيرت روسيا أساليبها وكثفت قصفها. وأصبحت مساحات واسعة من وسط خاركيف التي يقطنها 1.5 مليون نسمة أنقاضاً.

وحاصر قصف عنيف مدينة ماريوبول الساحلية في شرق أوكرانيا وانقطعت إمدادات الكهرباء والماء بالمدينة. ويقول مسؤولون إنهم عجزوا عن إجلاء المصابين. وقارن مجلس المدينة الوضع بحصار ليننغراد في الحرب العالمية الثانية.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، إن ملايين اللاجئين “شُردوا بسبب هذه الحرب العبثية” في 7 أيام في واحدة من أسرع موجات النزوح التي يشهدها على مدى 40 عاماً من أعمال الإغاثة. وأضاف “كل ساعة وكل دقيقة يفر المزيد من الناس من الواقع العنيف المروع”.

تعطل الزحف
يقول محللون عسكريون إن تقدم روسيا شكل إخفاقاً تكتيكياً، إذ تقتصر التشكيلات العسكرية المنظمة إلى حد ما على الطرق الرئيسية مع تحويل ذوبان الجليد في الربيع أراضي أوكرانيا لوحل.

ويقول مايكل كوفمان وهو خبير في شؤون الجيش الروسي في مركز ويلسون بواشنطن، إن في كل يوم تقبع فيه القوات الرئيسية المخصصة للهجوم عالقة على طريق سريع شمالي كييف تتدهور أوضاعها.

وقال في تغريدة، “كلما طالت مدة تأهب القوات الروسية للقتال تقل جاهزيتها الفعلية له ويتراجع الأداء. من كل الجوانب بدءاً من حالة الإطارات وتوافر الإمدادات وصولاً للمعنويات”.

لكن القلق الأكبر هو أن تلجأ روسيا، مع تراجع احتمال تحقيق نصر سريع، لتكتيكات استخدمتها في سوريا والشيشان وهي أساليب دمرت مدناً كبرى مثل حلب وغروزني.

واعترفت روسيا بالفعل بمقتل ما يقارب 500 من جنودها. وتقول أوكرانيا إنها قتلت نحو 9 آلاف منهم لكن تلك الأرقام لا يمكن التأكد منها. وعرضت السلطات الأوكرانية إطلاق سراح الأسرى الروس إذا جاءت أمهاتهم لاستلامهم. وأول مركز حضري كبير يسقط كان مدينة خيرسون، وهي عاصمة إقليم يقطنها نحو 250 ألف نسمة. وقال رئيس بلديتها إيغور كوليخاييف مساء أمس الأربعاء، إن القوات الروسية في شوارع المدينة ودخلت مقر مجلسها.

وقال، “لم أقطع لهم أي وعود… فقط طلبت منهم ألا يقتلوا الناس”.

وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إن فريق استطلاع ترك مقر المحكمة في لاهاي متجها لأوكرانيا اليوم الخميس لبدء تحقيق في جرائم حرب محتملة. وتنفي روسيا استهداف المدنيين وتقول إنها تهدف “لنزع سلاح” أوكرانيا واعتقال قادتها الذين تصفهم بأنهم من النازيين الجدد.

وروسيا من أكبر دول العالم في إنتاج الطاقة كما أنها هي وأوكرانيا من بين أكبر مصدري الحبوب في العالم. وقد ارتفعت أسعار النفط والسلع لمستويات قياسية وواصلت ارتفاعها اليوم الخميس.
رويترز

زر الذهاب إلى الأعلى