اليونسكو تعزّز مساعي الحكومة الفرنسية من أجل إسلام متجدّد متنور
بعد أيام من انعقاد منتدى “الإسلام في فرنسا” الذي نظّمته الحكومة الفرنسية بحثاً عن تمثيل أكثر شرعية وفاعلية لثاني أكبر ديانة في البلاد، مُعلنة بشكل رسمي وفاة “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية” الذي حاور الدولة منذ 2003، وتحت شعار “الإسلام والهويات، بين العبادة والثقافات” تُقام أعمال مؤتمر باريس الثاني حول الإسلام بالقرن الحادي والعشرين في القاعة الكبرى بمنظمة اليونيسكو في باريس، وذلك على مدى يومي الأربعاء والخميس 16 و17 فبراير(شباط) 2022.
يُشارك في المؤتمر نخبة من الباحثين والأكاديميين في عّدة طاولات مستديرة تتناول جوانب مهمة ذات صلة بالإسلام في الغرب وتحدّيات القرن الـ 21، مع طموح بمُقاربة جديدة للتصدّي للفكر المتطرف وتبني نهج الإصلاح ضدّ التشدّد وخطاب الكراهية.
إسلام متنور
وتدور محاور المؤتمر الرئيسة حول “مأزق إسلام خارج الثقافة”، المسلمون بين العقيدة والثقافة، المسلمون والآخر، والإسلام في القرن الحادي والعشرين. إضافة لقضايا: الدين والهوية الثقافية، الإسلام بعيداً عن الهوية، الآخر في الفكر الإسلامي، ومنزلة الإسلام في التربية وتثقيف المُجتمع.
حول مؤتمرها الدولي الثاني، أكدت جمعية “الإسلام في القرن الحادي والعشرين” الجهة المُنظّمة بالتعاون مع اليونسكو، والتي تعمل من أجل إسلام متجدد متنور، رغبتها في المساهمة في فهم أفضل لعالم إسلامي متنوع وغير مركزي بشكل غير عادي، ومحاولة الإجابة على سؤال “ماذا يعني أن يكون الإنسان مُسلماً اليوم”؟ ويتصدّى المؤتمر في توجّهاته الفكرية للمُتشددين الإسلامويين ومؤيدي اليمين المُتطرّف في ذات الوقت، سعياً لتأكيد وجود “إسلام حقيقي صحيح واحد” ليبرالي تحرري، وأهمية الآخر في العلاقات الإنسانية لدى الغالبية العُظمى من المسلمين في العالم.
وتُنظّم الجمعية، التي يرأسها صادق بلوصيف، وهو مفكر وطبيب فرنسي من أصل جزائري، المؤتمر كل عامين، وتنشر أبحاثاً تقترح مُقاربات متعددة التخصصات تسمح بتعزيز الحوار في علوم الأديان والعلوم الإنسانية والاجتماعية من أجل إعادة تأسيس الفكر الديني الإنساني.
استيراد الأئمة
في دورته الأولى التي عُقدت في 2019، ناقش المؤتمر الفكر الإصلاحي في الإسلام والتعامل معه على أساس أنه دين منفتح على الحوار والنقاش، وليس مغلقا يختصر فقط في مجرد استهلاك الأفكار والقوالب الجاهزة. وأجمعت مُداخلات غالبية المُتحدثين على التحذير من الاستمرار في استيراد أئمة المساجد من خارج أوروبا، من كلّ من تركيا والجزائر والمغرب بشكل رئيس، والسعي إلى وقف إطلاق الفتاوى الدينية دون ضوابط.
ومن بين المُشاركين في المؤتمر الثاني، الأستاذة الجامعية والكاتبة التونسية هالة الوردي، الباحثة في جامعة السوربون بباريس هالة الباجي، المفكر حكيم القروي المُستشار لدى الإليزيه في شؤون الإسلام الفرنسي حول “أفكار الجهاد لدى الجيل الجديد”، أسامة حسن المحلل السياسي في معهد توني بلير للتغيير العالمي حول “تحرير الإسلام من الإسلاموية”. د.صوفيا تسورلاكي حول “التفريق بين الدين والثقافة وتقديرهما: طريقة جديدة للإسلام”، د.أوليفييه هان أستاذ التاريخ الجامعي حول “الإسلام والتراث الثقافي الفرنسي: أوجه التشابه والانفتاح”، د.ماتياس روزنفيلدت حول “الإسلام الحديث في النظرية والتطبيق: الآثار المترتبة على الهويات الإسلامية الأوروبية “، د.ستيفن دوارت حول “الإسلام الليبرالي والآخر اليهودي: تحدٍ طموح “، والأكاديمي والباحث الفرنسي فرانسيس ميسنر حول “السياسات الدينية من حيث النقل الثقافي للإسلام: إنشاء معاهد الدين في أوروبا”.
ونجحت الحكومة الفرنسية في تحقيق إنجازات ملحوظة العامين الأخيرين في مُحاصرة الإسلام السياسي وممثليه من الذين تمكنوا على مدى السنوات الماضية من السيطرة على العديد من المراكز الدينية الإسلامية والترويج لخطاب مُتشدد في عقول الشباب المُسلم. وشهدت فرنسا في العام 2021 حلّ وحظر العديد من الجمعيات الدينية، وذلك لتأكّد وجود شبهات تطرّف وتمويل من مصادر خارجية. كما وصعّدت الحكومة من حربها ضدّ الكراهية والخطاب الانفصالي.
24