د. عبدالسلام الطائي: هلاك ايران باذربيجان وافغانستان!
- لم اصبح الصداع السني الحدودي الافغاني / العراقي، للمقدادية، اكثر الما لايران ؟
- أباتت افغانستان والمقدادية الحدوديتان لايران مراكز للهزات والاهتزازات عليها وعلى غيرها؟
- وما علاقة الخاصرة السنية لايران، المقدادية، بالحزام الذهبي الشيعي الايراني ؟
مسلمتان متلازمتان لا تقبلان الجدل، الا وهما “التحالف الغادر” بين ايران وامريكا واسرائيل- وان اختلفا احيانا فهو مجرد خلاف بالصوت على الفضائيات لاغير- من جانب اخر، فمن مبادئ السياسة ايضا، اقرار بان ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم، وما شاه ايران وعودة طالبان الا شاهدان . لقد قلناها منذ سنوات وبصوت عال وعلى الفضائيات ان ايران ايلة للتفكيك، لانها ليست اقوى من الاتحاد السوفيتي ، لكن المصيبة في امة اقرأ باتت لاتقرأ ولا تسمع الصوت العراقي ، وان سمع بعضهم وفهم، بعد حين، وجد ان المياه قد سارت من تحتهم والرياح قد اخذت تجري بما لاتشتهي السفن، سيما بعد انهيار المرجعية القومية، العراق، ليصبح الهدف الثاني لايران، المرجعية الاسلامية، مكة المكرمة، قبلة المسلمين، من اجل ان تستكمل اجتثاث العروبة والاسلام، بطلقة واحدة كما تتخيل ايران واسرائيل، لكونهما عماد الحضارة والشخصية العربية الاسلامية، ليتسنى لها بعد ذلك قضم الدول العربية الواحدة تلو الاخرى. وبناءا عليه، فان خارطة الدول العربية منذ 2003 اخذت بالتدحرج من (البلقنة) الى (اللبننة) ثم الى (الاحووزة)- نسبة للاحواز، والعراق نموذجا.
هلاك ايران بالشعوب غير الفارسية
معضلة الأمن القومي الإيراني أن الدول الواقعة على حدودها ،كاذربيجان الشيعية وافغانستان وتركمانستان وغيرها تشكل امتداداً للعرقيات والأقليات المتواجدة داخل إيران، تلك الدول ستؤدي لامحال الى زعزعة استقرار وامن واقتصاد ومياه ايران. ناهيكم المصالح اقتصادية والجذور الدينية لهذه الدول مع دول كبرى كالصين وروسيا، التي مازال يعانى المسلمين فيها من اضطهاد الدول الكبرى وايران معا. ولعل ذلك الاضطهاد سيشكل عاملا ودافعا قويا من عوامل تاكل وتفكيك ايران كما حصل للاتحاد السوفيتي السابق الذي تاكسد داخليا وخارجيا، رغم كون كلا الايديوجيتين االسوفيتية والخمينية ذات طابع شمولي، وان كان احداهما علماني والاخر قومي فارسي مبرق بالاسلام.
وعلي الصعيد الداخلي لايران فان “جبهة الشعوب غير الفارسية” التي قد تشكل شعوبها غالبية الغلاف السكاني لايران، والذي قد يفوق كثافة الفرس، حسب التقديرات، حيث تضم: دولة العرب الاحوازيون المحتلة والاذرية والاتراك وللور والبلوش والكرد، حيث شدت تلك الشعوب غير الفارسية داخل ايران النطاق ووضعت اصبعها على الزناد، رغم ان ايران قد ابتعلتهم واضطهدتهم . لقد استطاعت هذه الجبهة القومية المناضلة من توحيد شعوبها المضطهدة ضد نظام الملالي الفارسي، واتخذت من المقاومة والتحرير شعارا لها من اجل استقلالها، زعزع ذلك الوضع الداخلي واربك النظام الايراني، جراء كفتتحها العنيد ومطالبتها بالاستقلال وحق تقرير المصير.
هلاك ايران بافغانستان
ايران اليوم، بين مطرقة وسندان اذربيجان وافغانستان، فان عودة طلبان دق ناقوس الخطر والانذار في روسيا والصين ايضا، وهي اول الهزات التي شكلها الصداع السني الافغاني على ايران ناهيكم عن تردداته الدولية. ما تجدر الاشارة اليه هنا، لقد تسارع سابقا ظهور خرائط وخطة البروفيسور بيرنارد لويس، المتخصص في التاريخ الاسلامي عام 1992، بعد شهور من انهيار الاتحاد السوفيتي وغزو العراق للكويت، والتي عرضها لويس بيرنارد على بريجنسكي مستشار الامن القومي الامريكي ليقدمها الاخير الى الرئيس الامريكي، والهادفة الى اعادة ترسيم خارطة المنطقة العربية بما فيها ايران، وبناءا عليه، جاء التمدد الايراني بالمنطقة منذ 2003 ، عسى ان يكون لايران موطئ قدم في الخارطة الجديدة ، لكن عودة طلبان وقيام المناورات العسكرية التركية الاذرية على الحدود الايرانية علاوة على التقارب الاسرائيلي الاذربيجاني خيب امال فرس وملالي ايران.
وتقتضي الضرورة بهذا الشان، التمييز بين ايران والدول الواقعة في مركز الهزات التي حدثت بافغانستان ومحيط دائرة ارتداداتها على الدول الاخرى طالما “العديد من قادة وعوائل طالبان يقيمون في مدن زاهدان واصفهان الإيرانية ، ضاعف ذلك من القلق والخوف الإيراني من حكومة طالبان، دعا ايران الى الاسراع في “تأسيس حشد ( حرس أفغاني) من قومية الهزارة، وهم قوم من الشيعة الأفغان ذو اصول ايرانية”
ومن غير المستبعد ان يترتب على هذا التحسب السريع لايران الى حصول رد فعل مسلح ومضاد يساهم في تنامي الجماعات الجهادية العقائدية، جراء إخفاق الأمريكيين في أفغانستان، كما حصل بعد هزيمة السوفييت بعد خروجهم من افغانستان قبل عشرات السنين .اخذين بعين الاعتبار، ان روسيا كانت تنظر الى طلبان كمنظمة إرهابية ساهمت مع الامريكان بالحرب على طالبان بحجة مكافحة الإرهاب
ونظرا لكون الامن القومي الروسي يقتضي احتواء طالبان للحد من تمدد نفوذها وتأثيرها في اسيا الوسطى، شرعت روسيا مد الجسور مع الصين للتقرب اكثر من طالبان بسبب الخطر المشترك بينهما، سيما ما يتعلق بمسلمي الصين الإيغور المضطهدين. علما ان إيران وروسيا والصين تعد من أكثر الدول المجاورة تضرراً بعودة طالبان، فالصين مدانة بإضطهادها لمسلمي الإيغور، ربما سيشجع ذلك مسلمي شمال الصين على تبني المقاومة على غرار طالبان، والظروف باتت متوفرة، اما على صعيد إيران فان قيام دولة سنية، افغانستان، محاذية لها سيؤرقها وسيزيد من صداعها، كما تؤرقها اليوم مدينة المقدادية السنية بمحافظة ديالى في العراق، لكونها تقع على حدود ايران.
هلاك ايران بارمينيا واذربيجان!
يشكل الامن المائي والاروائي لنهر اوراس الذي يصب ببحر قزوين الغني بالغاز والنفط احد اهم مرتكزات الامن القومي لايران، لكونه تتشاطئ عليه ايران واذربيجان الشمالية وتركمانستان ودولة الاحواز العربية المحتلة والمجاورة للعراق، فلقد تسبب وقوف ايران مع ارمنينيا المسيحية ضد اذربيجان الشيعية في حربهما مزيدا من الكراهية لدى شيعة اذربيجان تجاه اايران( الشيعية) . اخذين بنظر الاعتبار، ان اذربيجان وجورجيا وارمينيا تشكل المجال الحيوي لامريكيا تجاه بحر الصين الجنوبي ومنه الى روسيا للتجارة البحرية العالمية، (بينس) نائب الرئيس الامريكي لترامب في 4/10/2018 وصف الصين ب”الخصم الاستراتيجي” بسبب قواعدها في بحر الصين الجنوبي، معتبرا تواجدها هناك تدخلا بالشان السياسي والاقتصادي لامريكا، لذك دعا الى تكثيف القوات البحرية في بحر الصين.
وفق تلك المعطيات، فان امريكا تسعى الى محاصرة الصين بايران، وايران تحاول محاصرة امريكا بالدروع الديموغرافية في العراق وسوريا ولبنان والحوثي باليمن المطلتان على البحرين، الاحمر والابيض. لهذا فان تعزيز التعاون بين روسيا والصين يشكل اكبر تهديد لامريكا.(3)لكن يبقى تهديد امريكا لايران، في حقيقته، هو “تهديد الى روسيا لعرقلة تشييد مشروع النقل التجاري في منطقة اوراسيا و”طريق المريديان” السريع “Meridian highway” الذي سيربط القارتين الاوربية والاسيوية. وهو ما يعزز الاحتمال، بان أمريكا ماضية في حربها التجارية ضد الصين، وهي مستعدة لاستهداف الصينيين “لأي سبب ومن دون أي سبب” مثلما استهدفت العراق.
ديالى وافغانستان صداع سني مزمن لايران
حدود الدم الملتهبة على حدود العراق وسوريا التي استعر اوارها منذ ان وطأتها، ايران عام 2003، تمتد من محافظة ديالى لكونها اقرب المدن الى بغداد و الى ايران وسوريا ايظا، وهي ذات غالبية سنية، على الاخص مدنها الكبرى، كالمقدادية وبعقوبة، مدينتان حيرت امريكا وايران بمقاومتهما في سلسلة جبال حمرين ومنصورية الجبل وغيرها، فالمقدادية خاصرة ايران ، لكونها اقرب المناطق الى بغداد والطارمية من جهة واقرب طريق موصل الى سوريا سيجنب فيه ايران ومليشياتها مخاطر المرور بالانبار السنية. انظر الخاطة لطفا.
وبهذه الاستراتيجية، فان استهداف المقدادية غايته استكمال طريق الحزام الذهبي لايران الممتد من ديالى الى سوريا ولبنان.
علاوة على ذلك، فان تغير الغلاف السكاني للمقدادية وبعقوبة لجعلهما مناطق خالية من السكان السنة ، سيمهد السبيل لامحال الى تاسيس “محافظة الهادي”، ك” محافظة شيعية مغلقة” تمتد من منطقة الكاظمية – الطارمية- الى سامراء. كي يصبح الطريق سالكا وبامان لسير جيش القدس من المقدادية الى الطارمية الى الموصل وسنجار، التي سيمر منها طريق الحرير الصيني، من جانب اخر، فان الهدف الاخر هو ، عزل تركيا السنية عن الموصل وكركوك وتلعفر تحديدا، ليتسنى لايران تامين طرق نقل الاسلحة والنفط والمخدرات والميليشيات عبر معبر ديالى الحدودي الاقرب الى بغداد – سامراء- الموصل—سنجار ثم الى سوريا ولبنان عبر درعا والقلمون.
.لتلك الاسباب، ووفقا لستراتيجية الديمغرافيا السياسية المتحركة، سعت ايران والاحزاب الولائية لها الى تغير الغلاف السكاني لتلك الطرق المارة بتلك المدن، بكل الطرق بما فيها القتل الجماعي والتهجير القسري والتطهير العرقي لجعل تلك المناطق خالية من السكان السنة حصرا. فلم تكن مجزرة المقدادية الوحيدة بتلك المدينة الفريدة ببيئتها الديموغرافية البستانية الزاهية المتنوعة الاعراق والجميلة كجمال ثمار بساتينها المعمرة والمتعايشة منذ الاف السنين ، فقد سبقتها مجازر مثل ، جامع السارية وبهرز والوجيهية وأبي صيدا ومكيشيفة والسعدية والمنصورية والعظيم ويثرب وبلد والضلوعية والإسحاقي. كل ذلك يحصل، من اجل ان تبقى القنبلة الديموغراقية للعراق وسوريا ولبنان واليمن سلاحا بيد ايران للضغط على القرار السياسي للامم المتحدة من اجل التفاوض بها لصالح برنامجها النووي، ومن اجل مواجهة الشيطان النووي بالشيطان الديموغرافي، وفق ستراتيجيةصراع الشياطين.
قصة انهيار جيشان في الموصل وافغانستان!
مثلما ابهر جيش الدمج ( العراقي) بهزيمته العالم، لكونه ارتكب اسرع هزيمة في التاريخ امام مئات من مقاتلي داعش في الموصل، كذلك ابهرت سرعة هزيمة وانهيار الجيش الافغاني العالم. لقد هرب جميع الجنود والضباط الشيعة في افغانستان مع أسلحتهم إلى ايران، علما ان كلا الجيشان شكلتهما القوات الأمريكية والايرانية، هذا وتسوغ هزيمة هذان الجيشان، لكون جنودهما من المجندين الإجباريين “السنة و ضباطه من “الهزارة الشيعة” ذوي الاصول الايرانية الولائية، على غرار تشكيلات الجيش السوري .لقد تحمل السنة الافغان الكثير من اضطهاد واذعان الشيعة الهزارة وجرائمهم اللانسانية “في المدن الأفغانية..التي سيطر عليها هذا الجيش المصطنع مثلما تحمل السنة عامة وشيعة ثوار تشرين خاصة علاوة على كل المكونات الاخرى افي العراق من اضطهاد ايران واحزابها الولائية.
نافلة القول، سيبقى العراق عصيا على الفرس والامريكان، شاء من شاء وابى من ابى، فهو كالطائر العنقاء سينهض كما نهض اثناء الغزو المغولي والاحتلال الصفوي و البريطاني. وها قد بانت ملامح النهوض في الحراك الثوري التشريني.
هذا هو الوضع الدولي والاقليمي المتأكسد والمتاكل لايران والعراق بعد عودة طالبان وشروع القوات العسكرية الاذربيجانية والتركية القيام بالمناورات على حدود ايران .
فهل من متدبر ؟
ـ استاذ علم الاجتماع/ستوكهولم