سحبان فيصل محجوب: حتى الكهرومائية لم تسلم من التبعية
بعد أن تمكنت إيران من إجبار الحكومات التي تعاقبت على العراق بعد الاحتلال سنة ٢٠٠٣ على استيراد الغاز لتشغيل العديد من محطات توليد الطاقة الكهربائية (الحرارية والغازية) داخل العراق وأصبح جزء كبير من قدراته الانتاجية يعتمد على هذا الاستيراد الذي وصل إلى حدود ٦٠٠٠ ميكاواط وهو ما يعادل ثلث الإنتاج الحالي على وفق ما أعلنته الجهة المعنية… حتى أصبح توفير هذا الثلث من الإنتاج مرهونًا بتأمين كميات الغاز المستوردة والتي تسدد أثمانها الباهضة إلى الجهة الإيرانية المزودة على وفق عقود يجري تمديدها تباعاً، بعد استحصال موافقات الجانب الأميركي على استثناءات خاصة تعفي بموجبها إيران من العقوبات الاقتصادية المعلنة والخاصة بتصدير منتوجاتها النفطية!
تأكدت معلومات عن حفر إيران أنفاقًا على مقربة من الحدود العراقية لها للحد من تدفق المياه إلى مجرى روافد ديالى وسيروان والزاب الصغير داخل الأراضي العراقية وحرف اتجاه سريان هذه المياه إلى الداخل الإيراني والذي سيؤدي حتما إلى انخفاض مناسيب المياه في بحيرتي دوكان ودربندخان في شمال العراق وتالياً سيوقف عمل محطتي التوليد الكهرومائية المشيدتين خلف سدي هاتين البحيرتين.
إن هذا الإجراء الذي اتخذته إيران سوف يضمن لها استمرار حاجة العراق من الطاقة الكهربائية المصدرة منها والغاز اللازم كوقود لتشغيل العديد من محطات الكهرباء التي تجهز المنظومة الكهربائية العراقية حيث ان استمرارية
عملها يبقى مرهونًا بما توفره إيران من حصص وقود أو مياه تقررها هي ليكون ذلك داعمًا فاعلاً لمصالحها السياسية والاقتصادية.
هدرت عشرات المليارات من الدولارات الأميركية التي خصصت لقطاع الكهرباء العراقي طوال سنوات الاحتلال المستمر ولم يتمكن هذا القطاع أن يتحرر من الهيمنة الايرانية على العديد من مفاصل عمله، بل زادت مظاهر التبعية والاستسلام لمخططاتها.
من ناحية أخرى فإن رضوخ من يعنيهم هذا الأمر في السلطة الحاكمة، الآن، لما يحدث من تجاوزات خطيرة متتالية ومؤثرة وعدم الاكتراث بنتائجها وتحاشي مجابهتها بشجاعة يعني الايغال المستمر من الجانب الإيراني في تسخير عوامل مبتكرة بهدف تحقيق الاضطراب في عمل المنظومة الكهربائية وخلق حالة التردي والفشل الدائم في إيجاد عوامل إنقاذها وترميمها لتساهم في توفير متطلبات الخدمة الكهربائية المستقرة، كما ينبغي، ويعد هذا انصياعا خارج الوعي الوطني (بتعمد أو من دونه) لمخططات أقليمية هدفها تحقيق التبعية المقيتة.