د. عبدالرزاق محمد الدليمي: نجح الشعب وفشلت انتخابات الاحتلال وعملائه
كانت الضربة التي وجهها شعب العراق الثائر موجعة فعلا ،عندما افشل مسرحية الانتخابات وكشف زيف وبهتان من ادعوا انهم كانوا ورائها، شهد العراق الاحد الماضي خامس مسرحية انتخابات منذ عام 2005 وجرت هذه الانتخابات قبل موعدها بأدعاء انها حددت تلبية لمطالب الاحتجاجات والمظاهرات الواسعة التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، مطالبة الحكومة بتقريب موعدها والإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وتسلم الرئيس الحالي للحكومة مصطفى الكاظمي هذا المنصب،في حين يعرف العراقيين ان كل ماحدث كان قد تم تقريره في الغرف المظلمة للاحزاب العميلة وبتوجيه من مرجعياتهم الدينية؟!وكما هو متوقع كانت نسبة المشاركة أقل من سابقاتها بكثير ،لاسيما بعد فشل حكومة الكاظمي في تنفيذ مطالب ثوار تشرين في محاسبة الجنات المتورطين بقتل قرابة الف من المتظاهرين والمحتجين منذ تشرين الاول 2019 وأصابة اكثر من ثلاثين الف منهم ناهيك عن خطف المئات من النشطاء، وفرار مئات اخرى من الوجوه البارزة في الاحتجاجات إلى محافظات اربيل والسليمانية ودهوك شمال العراق أو إلى خارجه.
أكاذيب دعاية الاحتلال وعملائه
الملفت كما في مسرحيات الانتخابات السابقة ترتفع اصوات عملاء الاحتلال وحلفائه والمأجورين في خدمته الى تزوير وتشويه الحقائق، ويتسائل العراقيين،ما هو سر الاندفاع والأهمية والاهتمام والإشادة بنزاهة ما يسمى بالانتخابات العراقية من قبل بعض الاصوات النشاز مثل قناتي العربية والحدث وما هذا التركيز والأهمية والاهتمام بمسرحية ما يسمى الانتخابات المزعومة في عراق مدمّر وخاوي على عروشه على مدى 19 عما عجافا قاتمة السواد كوجوه الحتلال وعملائه، مراسلون صحفيون ومندوبون شبكة الجزيرة ينقلون ( كذب ودجل وتزوير) مسئولي العملية السياسية وما يسمى بمفوضية الانتخابات ..( والمأجورة بلا سخارات وفريقها المنعوت بالاممي)..ووسائل اعلام السلطة…بعيدا عن واقع الحال والحقيقة..مثلا رئيس المفوضية المعين من المحتلين… قال ( قبل الساعة التاسعة من صباح هذا اليوم ( يوم التصويت) إن المشاركة واسعة ..ويشهد شخص او ( مراقب زور) أممي يقف بجانبه( وهو يهز رأسه بالايجاب..قبل أن يشير أليه رئيس المفوضية..)..وكأنه مبرمج منذ ايام ..؟!شبكة الجزيرة التي تدعي انها صاحبة النهج الفريد..وشعار الرأي والرأي الآخر ..لقد حادت وانحرفت كثيرا عن اي نهج مهني عادل منصف وعن شعارها الراي والرأي الآخر..واتجهت منحازة بصفاقة نحو ( الرأي الواحد) الموجه من قبل محتلي العراق وعملائهم وعبيدهم.
لقد وصلت فضائحهم الى العالم فهذه ممثلة بعثة الاتحاد الاوروبي لدى العراق، فيولا فون كرامون، رأت يوم الأحد، بأم عينها حجم عزوف الكثير من المواطنين عن المشاركة في الاقتراع الذي يحمل رسائل سلبية…. وأضافت كرامون لـ قناة 25 تشرين الفضائية ، إن “عزوف الكثير من المواطنين العراقيين عن المشاركة في الاقتراع يحمل رسالة سلبية إلى الحكومة الحالية والحكومات السابقة”،وأشارت إلى أن “البعثة شخصت عدة مخالفات وخروقات”، مبينةً أن “تلك الخروقات والمخالفات ستعلن في تقرير مفصل يوم الثلاثاء المقبل وقد اكدت البعثة ان المشاركة في الانتخابات لا تتجاوز ال 30% في احسن الحالات ! !
الامم المتحدة شاهد زور
بعد ان ادت الامم المتحدة ومجلس امنها مهمتهم في مساندة وشرعنة الحروب والحصار الاقتصادي والتفتيش عن الأسلحة في العراق قبل 2003، بدأت الأمم المتحدة دورها الجديد بإضفاء غطاء شرعي دولي على الاحتلال بعد نحو سبعة أشهر من السيطرة على بغداد، ففي السادس عشر من تشرين الأول من عام 2003 أصدر مجلس الأمن الدولي قراره المرقم 1511 لتخويل قوات الاحتلال البقاء عاماً آخر في العراق،وتبعت ذلك بسلسلة من القرارات التي تثبت في كل مرة ان منظمة الامم المتحدة هي دائرة او قسم يتبع الخارجية الامريكية والمخابرات الامريكية.
لم يعد خافيا على احد أن الأمم المتحدة ول تشكيلاتها تعمل على تعزيز مصالح الولايات المتحدة وليس في مواجهتها،لذلك كان العراقيون ينظرون الى ماتقوم به ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت،بالشكوك والريبة،ولن نجد الكثير من الاستجابات المتفائلة بزيارة إلى طهران، ولقائها علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، مطلع فبراير/شباط الماضي.
حتى وصل الامر الى اعتبار فعلها هذا خيانة وانها تجاوزت صلاحيات مهمتها بالعراق، علما إن قرارَي مجلس الأمن رقم 1770 و2522 لا يتضمنان أي تفويض للممثل الخاص للأمين العام أو ليونامي يتيح له زيارة دول المنطقة أو التباحث معها بأي حال من الأحوال، وهذا يعني ان التحرُّك المريب لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة يعد نوعاً من اعتراف هذه المنظمة الدولية بالوصاية الإيرانية على العراق،ومما زاد من الدلالات السلبية لصورة جلوس بلاسخارت مع علي أكبر ولايتي(مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي) هو تصريحاته حول موضوع اللقاء، ففي البيان الذي وزّعته “يونامي” ذكرت أن “الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت زارت طهران يومَي 31 يناير/كانون الثاني و1 فبراير/شباط، وعقدت محادثات مع مسؤولين إيرانيين حول القضايا الإقليمية، وذلك ضمن جهود دعم الاستقرار بالعراق”.وأضاف البيان: “الممثلة الخاصة كانت قد زارت عدداً من دول المنطقة بما في ذلك إيران من قبل. وتأتي هذه الزيارات تعزيزاً لتفويض بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2522 (2020)، الذي يتضمن تيسير الحوار والتعاون الإقليميين، بما في ذلك حول قضايا أمن الحدود والطاقة والتجارة والبيئة والمياه والبنية التحتية والصحة العامة واللاجئين”.
ونقلت التغطيات الخبرية عن ولايتي، ، بحثه خلال لقائه بلاسخارت العلاقات الإيرانية-العراقية، كما شدّد على ضرورة “عدم تدخل الأجانب والدول الأجنبية بشؤون العراق”.هذا الجزء الأخير من تصريح ولايتي هو ما أثار في الحقيقة ردود الفعل والتعليقات المستهجنة بين العراقيين، لما يكشفه من نبرة فوقية للإيرانيين في التعامل مع العراق، عزّزها شعور الأمم المتحدة بضرورة التحاور مع إيران في سبيل “استقرار العراق”، وكذلك إنجاح الانتخابات البرلمانية الاحد الماضس التي فشلت فشلا ذريعا. وفي الجانب الآخر فإن للأمم المتحدة وممثلة أمينها العام جنين بلاسخارت مهمات أخرى ربما هي الاهم، رغم ان هذه المهام تتجاوز صلاحيات التوصيف الأممي لدورها بالعراق، واهمها أن تكون بلاسخارت ساعي بريد ينقل الرسائل بين الجانبين الإيراني والأمريكي، خصوصاً بعد مجئ إلادارة الجديدة بالبيت الأبيض في سعي لفكّ مغاليق العلاقة المسدودة بين الجانبين، بما يتعلق بالملف النووي لإيران ونشاطها الإقليمي ذي الطبيعة العسكرية والاستخبارية في الشرق الأوسط.
قد يقول بعض حسني الظنّ والنية إن الهدف الأساسي لعمل الأمم المتحدة في العراق هو تبريد الصراعات وتعزيز الاستقرار، ولكن هذا قد يتعارض مع مطالب “التغيير” الذي تسعى إليها القوى المعارضة لأحزاب السلطة الكبيرة، ما خلق ويخلق بكلّ تأكيد أشكالاً من الصراع وعدم الاستقرار. خصوصاً أن هذه الأحزاب استخدمت أذرعها المسلّحة بكلّ وحشية لفضّ الاحتجاجات الواسعة وملاحقة الناشطين، بل وتصفيتهم، ما يكشف عدم تكافؤ هائل بين طرفي الصراع، وقد عبّر ناشطون عن مرارتهم من برود الأمم المتحدة بل وعدم حيادها في مشهد الصراع بين الشعب وجلاديه إلى حدود التواطؤ مع القتلة، كما يعّبر ناشطون بكتاباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي.إن النظر إلى دور أكثر فاعلية للأمم المتحدة في العراق على أنه طوق نجاة وعتلة من عتلات التغيير السياسي المفترض بالانتخابات الاخيرة قد يكون أمراً مبالغاً فيه. فهذه المنظّمة الدولية تحرص على علاقة إيجابية مع القوى النافذة بالمشهد السياسي العراقي، وأن تستمر بعملها ولا تتحوّل إلى عدو لهذه القوى.وبالتالي فإن مطالب المتظاهرين ومن خلفهم قطاعات واسعة من المواطنين اليائسين والمحبطين من الأوضاع العامة السيئة في البلاد لن تكون أولوية ملحّة لدى الأمم المتحدة، فضلاً عن الصعوبات الفنّية في أي دور أكثر سعة للمنظمة الدولية في مراقبة الانتخابات كما حصل فعلا، فرغم نشر اعدادا من المراقبين على صناديق الاقتراع، لم يمنع التلاعب والتزوير والترهيب والاعتداءات وووو، ويعلم كل العراقيين ان الأمم المتحدة وجودها جزء من ديكور المسرحية وستكتفي بتقديم “المباركة” على نتائج الانتخابات أياً كانت هذه النتائج، المهم بالنسبة للامم المتحدة كما في الانتخابات السابقة امام الرأي العام العالمي ان هناك مسرحية قد نفذت وهي تعلم علم اليقين ما رافقها من عمليات تزوير واسعة.
ضربة اخرى يوجهها الشعب للاحتلال وعملائه
اشارت التقارير والمتابعات الاعلامية العراقية والعربية والعالمية المنصفة التي غطت مسرحية الانتخابات الاخيرة الاحد الماضي الى ان هذه الانتخابات كان اسوء بكثير من سابقاتها من حيث ضعف ومحدودية المشاركة بل وعزوف ملفت وواضح من قبل العراقيين ، ولولا اجبار منتسبي القوات المسلحة والاجهزة الامنية بما سمي بالتصويت الخاص على اعطاء اصواتهم بالتهديد تارة وبالترغيب ورشوتهم بالمال وببعض الهبات،لما كانت نسبة المشاركة رغم التضخيم والاكاذيب تزيد عن 7-9%.
ورغم كل اكاذيب الامم المتحدة ومحاولات حكومة ذيول الاحتلال لاضفاء المصداقية على مسرحية الانتخابات الاخيرة وانها ستكون أساسية لمستقبل العراق، ويجب على جميع الأطراف والسلطات العراقية المعنيةانجاحها،الا أن غياب المصداقية (كما كان متوقعا من قبل الشعب وقواه الرافضة للاحتلال وعمليته السياسية الفاشلة) سيؤدي حتما خلال الفترة القريبة القادمة إلى تصاعد غضب العراقيين نتيجة خيبة أملهم الكبيرة والدائمة والمتصاعدة ، وستسهم بدورها في زيادة زعزعة استقرار البلاد اذا لم تغير دول الاحتلال (وتحديدا امريكا وبريطانيا) سياساتها المحبطة والمناهضة لارادة الشعب العراقي الذي فاض كيله ونفذ صبره وهو يزداد قناعة ان هذه الدول ومعها الأمم المتحدة متواطئة منذ ١9 عاما مع هذه العصابات المارقة والقاتلة للعراقيين وهي المؤسسة والمسؤولة عما جرى ويجري في العراق المحتل من إرهاب وقتل ودمار وتهجير وهي متهمة بكونها مرتشية ولذلك فالشعب العراقي الموحد خلف قواه الوطنية الشريفة يطالب من موقع القوة ان تنفذ كافة مطالبه التي اصبحت واضحة ومعلومة للقاصي والداني،والا فنحن ذاهبون الى ما لا يحمد عقباه فلم يبقى لدينا شئ نخسره اثمن مما قدمناه ،وهل هناك اثمن من التضحية بالنفس وقد قدمنا خيرة شبابنا((تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ” [القصص : 83))