وسط تحذيـرات من استمـرار اشتعـال أسعـار الغـاز.. أوروبـا مهددة بشتـاء قـارس
حذّرت وكالة الطاقة الدولية من احتمال استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي خلال الشهر المقبل، مما يزيد من الضغوط على المستهلكين في أوروبا قبل حلول فصل الشتاء.
وصرح المدير التنفيذي للوكالة، فاتح بيرول، في مقابلة مع شبكة تلفزيون «بلومبرغ»: «ربما نظل نرى ارتفاع أسعار الغاز بشكل محدود خلال الأيام والأسابيع المقبلة»، مضيفاً أن «أهم عامل هنا على المدى القصير سيكون الظروف التي ستسود خلال فصل الشتاء».
وارتفعت أسعار الطاقة في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا في ظل خروج الاقتصاديات من جائحة «كورونا» وتعافي الاستهلاك. وارتفعت أسعار الغاز في أوروبا ثلاثة أضعاف خلال العام الجاري مع اتجاه الدول لتعويض احتياطياتها المستنفدة، وهو ما أدى بدوره إلى ارتفاع تكاليف الكهرباء في أنحاء القارة.
وقال بيرول: «في حالة وجود شتاء قاسٍ، ربما تواصل أسعار الغاز ارتفاعها في أوروبا وآسيا، ويرجع السبب في ذلك بشكل أساسي إلى الطلب القوي للغاية نتيجة التعافي الاقتصادي».
وبدوره حذّر بنك «باركليز» البريطاني من خطورة استمرار الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة الأوروبية، قائلاً إنه ينبغي السيطرة على الأسعار لمصلحة المستهلكين وهوامش أرباح الشركات في هذه المرحلة، حسبما أفادت وكالة «بلومبرغ».
وكتب الخبير الاستراتيجي إيمانويل كاو، في مذكرة للعملاء، قائلاً إن الصناعات الأكثر عُرضة لارتفاع أسعار الطاقة هي النقل والمعادن والتعدين وتوليد الكهرباء والمواد الخام.
وقال محللون في «باركليز» في وقت سابق هذا الأسبوع إن أسهم أوروبا الشمالية الأقل تنظيماً في قطاع الخدمات قد تكون من المستفيدين المحتملين من وقف ارتفاع أسعار الطاقة.
ويضيف كاو: «رغم أنه من المحتمل أن يكون لدى الكثير وسائل تحوط للتخفيف من التقلبات قصيرة الأجل في التكاليف وهو ما يساعدهم في إدارة أعمالهم التجارية والأسعار التي يفرضونها على العملاء… فكلما ظلت الأسعار مرتفعة، زاد الشعور بالتأثير مع بدء عمليات التحوط».
ويوضح كاو أن هذا الأمر قد يضرّ في النهاية بهوامش أرباح الشركات ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى العملاء، فضلاً عن تفاوت أسعار التضخم بالنظر إلى نجاح الشركات في الآونة الأخيرة في تحميل العملاء تكاليف المدخلات. ويحتفظ المحللون الاستراتيجيون في بنك «باركليز» بتفضيل نسبي لقطاع الطاقة على قطاع المرافق كتحوط من التضخم.
وأثار ارتفاع أسعار الطاقة إلى مستويات قياسية مخاوف المستثمرين في بداية الأسبوع. وتراجعت هذه المخاوف قليلاً يوم الخميس. لكنّ المكاسب استؤنفت (الجمعة) الماضية، مع عدم وجود مؤشرات على تحسن الإمدادات قبل الشتاء. ويرى بنك «باركليز» أن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء قد يُضعف الثقة بالنسبة إلى المستهلكين، لكنّ تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على التضخم يجب أن يكون معتدلاً في النصف الأول من عام 2022 حيث يبدأ في التقليل من مقارنات أكثر صرامة.
ووسط هذه المخاوف، قال فاميل صاديغوف، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «غازبروم»، عملاق صناعة الغاز في روسيا، إن الشركة أبقت على توقعاتها بشأن صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا وتركيا لعام 2021 حيث تحتفظ الإدارة بـ«نهج محافظ».
ونقلت وكالة «بلومبرغ»، عن صاديغوف قوله في بيان إن الهدف «يظل دون تغيير عند 183 مليار متر مكعب». وتضم «غازبروم»، في خططها الداخلية، تركيا إلى المنطقة الأوروبية.
وحسب الوكالة، من شأن هذه الخطوة أن توجه صفعة إلى أوروبا، أكبر مستورد للغاز من «غازبروم»، والتي تواجه أزمة شديدة بسبب نقص إمدادات الغاز. وتسابق المنطقة الزمن في سبيل إعادة ملء مستودعاتها من الغاز الطبيعي قبل بدء موسم التدفئة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ولا تزال واردات الغاز التي تحملها خطوط الأنابيب إلى أوروبا محدودة في ظل إجراء عمليات صيانة بالنرويج، وأيضاً بسبب تركيز «غازبروم» على إعادة ملء الخزانات المحلية، واستمرار المنافسة مع آسيا بشأن شحنات الغاز المسال.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، قد قال الأسبوع الماضي إن من شأن البدء في نقل الغاز الطبيعي الروسي عبر الخط الجديد «نورث ستريم 2»، الذي اكتملت عمليات التشييد به مؤخراً، أن يخفف من حدة أزمة نقص إمدادات الغاز في المنطقة.
وقالت «غازبروم» إن بإمكانها نقل نحو 5.6 مليار متر مكعب من الغاز عبر الخط الجديد تحت مياه بحر البلطيق خلال هذا العام، ولكن لم يتضح ما إذا كانت هذه الكميات سوف تأتي على رأس صادرات الشركة لعام 2021، أم سيعاد توجيهها من طرق تصدير أخرى متجهة إلى الغرب.