فرنسا: ماكرون يزور مرسيليا للإعلان عن خطة اقتصادية للمدينة والمعارضة تعتبرها “حملة انتخابية”
يبدأ إيمانويل ماكرون مساء الأربعاء زيارة ميدانية إلى مدينة مرسيليا بجنوب شرق فرنسا لمدة يومين ونصف (من 1 إلى 3 أيلول/سبتمبر)، يكشف خلالها عن الخطوط العريضة التي تتضمنها خطته الاقتصادية الهادفة إلى إعطاء دفعة جديدة في مجال الاستثمار وتحسين قطاع النقل العام والتعليم بهذه المدينة، التي لا تزال تعاني من مشاكل عديدة أبرزها ارتفاع نسبة البطالة وغياب الأمن والآفاق الاقتصادية. بينما تنظر الطبقة السياسية المحلية إلى هذه الزيارة بنوع من “الحذر” و”الحيطة” وتضعها في خانة “الحملة الانتخابية لـ2022”.
تأتي الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ابتداء من مساء الأربعاء لغاية الجمعة المقبل إلى مدينة مرسيليا عشية الدخول المدرسي، وقبل أشهر قليلة فقط من موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل/ نيسان 2022، حيث تلعب فيها هذه المدينة دورا هاما.
ويرافق ماكرون سبعة وزراء من حكومة جان كاستكس في زيارة داخلية تعد الأطول إلى منطقة فرنسية منذ توليه السلطة في 2017.
ويرغب ماكرون في جعل مرسيليا “عاصمة منطقة المتوسط”، لا سيما أنها تتصارع اقتصاديا وسياحيا مع مدن متوسطية أخرى لا تقل أهمية واستراتيجية، مثل مدينة برشلونة الإسبانية أو أثينا اليونانية ومدن ساحلية أوروبية أخرى.
وفي بيان له، برر قصر الإليزيه هذه الزيارة المطولة لثاني مدينة فرنسية بالقول: بأنها تحتل مكانة “فريدة” في فرنسا وعلى مستوى حوض البحر المتوسط من جهة، وبسبب «الوضع الأمني المتردي”، والذي يتمثل في ارتفاع نسبة العنف خاصة خلال موسم الصيف والبطالة من جهة أخرى.
“ليست خطة مفروضة من قبل العاصمة على مرسيليا”
وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قال بونوا بيان، رئيس بلدية مرسيليا (43 عاما): “مدينة مرسيليا تعيش أزمة مالية خانقة وفوتت مواعيد تنموية كثيرة”.
لكنه أضاف بأن المدينة لا تطلب “الصدقة” من الرئيس الفرنسي الذي سيقوم بعرض خطته التي تدعى “مرسيليا بنظرة كبيرة” في قصر “الفارو” بمشاركة منتخبين محليين ومسؤولي هذه المدينة.
هذا، وشدد ماكرون على أن هذه الخطة هي نتيجة “عمل تشاوري وثيق بين مستثمري المدينة وجميع القوات الحية التي تعيش فيها، بمن فيهم المنتخبون والمسؤولون السياسيون والاقتصاديون، وليست خطة مفروضة من قبل العاصمة على مرسيليا”.
فيما يتوقع أن يكشف عن ظرف مالي معتبر سيتم تخصيصه لتمويل خطة إصلاح قطاعات كثيرة، كالتربية والمواصلات والتجديد الحضري.
هذا، وسيغتنم الرئيس الفرنسي تواجده بمدينة مرسيليا لزيارة مدرسة، تقع في الأحياء الشمالية الفقيرة صباح الخميس بمناسبة عودة التلاميذ إلى المدارس، وسيقدم تفاصيل أوفر عن الخطة التي ينوي اقتراحها من أجل تحسين ظروف المعيشة في هذه الأحياء البعيدة عن مركز المدينة، إضافة إلى تجديد مباني أكثر من 200 مدرسة من بين الـ472 المتواجدة فيها بمبلغ يقدر بـ1.2 مليار يورو، تأخذ الدول الفرنسية قسما كبيرا منه على عاتقها.
ملف الأمن حاضر بقوة
كما سيعلن أيضا ماكرون عن استثمارات جديدة في قطاع المواصلات العامة، خاصة وأن مرسيليا لا تتوفر سوى على خطين لمترو الأنفاق لحوالي مليون ساكن، فضلا عن استثمارات جديدة في قطاع البناء وذلك على خلفية أزمة انهيار المباني العتيقة في شارع “أوباني” الشعبي والذي راح ضحيته 8 أشخاص قبل ثلاث سنوات.
ملف الأمن سيكون أيضا حاضرا في مدينة تعيش بشكل منتظم على وقع الاقتتال وتصفية الحسابات بين تجار المخدرات وعدم توفر الأمن في هذه المدينة الساحلية التي يقصدها عدد كبير من الزوار.
ولوقف تدهور الوضع الأمني فيها، تعهد وزير الداخلية جيرالد دارمانان الذي يرافق ماكرون بدعم المدنية بـ300 شرطي إضافي مع حلول عام 2023، لكن رئيس البلدية بونوا بيان أكد أن المدينة باتت تحتاج إلى حوالي 800 رجل أمن إضافي.
من جهته، اغتنم مطران مرسيليا جان مارك أفلين زيارة ماكرون لهذه المدينة ليخرج من صمته وينتقد العنف الذي تعيشه مدينته.
وقال “متى ستستيقظ الضمائر؟ مافيات قاتلة وعديمة الضمير تستغل شباب الأحياء الفقيرة أمام عيوننا وتحولهم إلى مدافع للقيام بأسوء المهمات كبيع المخدرات والأسلحة وبأعمال الدعارة”.
“الحيطة” و”الحذر” لدى السياسيين المحليين
وتنظر الطبقة السياسية المحلية إلى زيارة ماكرون لمرسيليا بنوع من “الحذر” و”الحيطة”. وانتقد النائب إريك سيوتي من حزب “الجمهوريون” المعارض الزيارة قائلا: “ماكرون سيكشف عن مبلغ مالي لكن لا ندري هل ستصل أم لا هذه الأموال إلى مرسيليا. نحن في زمن الحملة الانتخابية. ينفق الأموال ومستوى الديون سيرتفع أكثر”.
نفس الشيء تقريبا بالنسبة للمنتخبين المحليين الآخرين الذين يفضلون انتظار تحقيق الوعود على أرض الواقع.
ويخشون أن تكون هذه الزيارة مشابهة لتلك التي قام بها رئيس الحكومة الفرنسية السابق جان مارك إيرولت في 2012 وما رافقها من وعود مالية وخطط اقتصادية لم تتحول إلى حقيقة ميدانية.
هذا، وسيلتقي إيمانويل ماكرون مع رئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي مساء الخميس فيما سيخصص يوم الجمعة لزيارة الحديقة الوطنية “كذلك” وذلك في إطار المؤتمر الدولي لحماية الطبيعة الذي تحتضنه مرسيليا لغاية 11 أيلول/سبتمبر المقبل.
ويسعى الرئيس ماكرون إلى احتلال الساحة السياسية الفرنسية ليظهر بأنه الوحيد الذي يهتم بمشاكل الفرنسيين وبمدن فرنسية أخرى غير باريس، وذلك قبل شهور قليلة من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إلا أن المعارضة انتقدت هذه الزيارة ووضعتها في خانة “الحملة الانتخابية لـ2022”.
فرانس24