ارتداء الكِمامة لا يؤثر على قدرة أداء التمارين الرياضية
وجدت دراسة أميركية حديثة لباحثين من كليفلاند كلينك، أن ارتداء قناع الكِمامة آمن عند ممارسة الجهد البدني، ولا يؤثر على قدرة عموم الأصحاء في أداء التمارين الرياضية اليومية للحفاظ على الصحة واللياقة البدنية والاستمتاع بالأنشطة الترفيهية.
وضمن رسالة بحثية تم نشرها في عدد 30 يونيو (حزيران) الماضي من مجلة الرابطة الأميركية للطب JAMA Network Open، عرض الدكتور ماثيو كامبيرت وزملاؤه من كليفلاند كلينك نتائج تقييمهم ارتداء الأصحاء غير المدخنين، لقناع الكِمامة أثناء إجراء اختبار إجهاد التمرين Exercise Stress Testing علي جهاز الدواسة الكهربائية Treadmill، وصولاً إلى ذروة الإرهاق، وذلك من ناحية مدى تسببه بأي تأثيرات تتعلق بالسلامة الإكلينيكية. ووجدوا أن ذلك آمن ولا يبدو أنه يحد من القدرة الفعلية على ممارسة الرياضة.
ارتداء الكمامة
وقال الباحثون في مقدمة الدراسة: «يُنصح بارتداء القناع أثناء الراحة أو أثناء أنشطة الحياة اليومية بالنسبة لغالبية البالغين الأصحاء، ليكون آمناً وفعالاً في تقليل مخاطر انتقال كوفيد – 19 من شخص لآخر عبر الهواء. وفي هذه الدراسة، اختبرنا ما إذا كان ارتداء قناع الكِمامة أثناء تمرين اختبار الإجهاد، إلى حد ذروة الإرهاق، يثير أي مخاوف تتعلق بالسلامة الإكلينيكية».
وقارن الباحثون بين ثلاث حالات في ممارسة ذلك الاختبار الطبي الرياضي، وهي: عدم ارتداء قناع الكِمامة، وارتداء نوعية كِمامة N95، وارتداء قناع كِمامة من القماش مزودة بنوعية PM2.5 Masks ذات خاصية الترشيح بالكربون النشط.
ووجد الباحثون أن أداء اختبار إجهاد التمرين مع قناع الكِمامة أدى إلى انخفاض ذروة امتصاص الأكسجين ومعدل ضربات القلب مقابل عدم وجود قناع، ولكن لم يظهر لدى أي مشارك في الدراسة أي دليل على وجود مؤشر إكلينيكي يتطلب إنهاء الاستمرار في الاختبار، قبل التوقف الطوعي المرتبط بتحقيق ذروة الإجهاد البدني المتوقع. وعلاوة على ذلك، كانت نتائج بلوغ الذروة في الإجهاد البدني Peak Exercise Values، ومدة الوصول إلى ذلك Mean Exercise Duration، ضمن الحدود الطبيعية في حالات كل من: عدم ومع استخدام الأنواع المختلفة من أقنعة الكِمامة.
وقال الباحثون: «لا تدعم هذه البينات أن ثمة أي أهمية إكلينيكية لاحتمال أن يكون لارتداء قناع الكِمامة تأثير في تقييد القدرة على ممارسة الرياضة».
تأثيرات صغيرة
وكان باحثون من جامعة كاليفورنيا وجامعة واشنطن وجامعات أميركية أخرى قد نشروا في عدد مارس (آذار) الماضي من مجلة مدونات مجمع الصدر الأميركي Ann Am Thorac Soc، مراجعة علمية بعنوان «أقنعة الوجه والاستجابة القلبية التنفسية للنشاط البدني في الصحة والأمراض». وأفادوا بالقول: «أعرب البعض عن قلقهم من أن هذه قد تؤثر على الجهاز القلبي الرئوي عن طريق زيادة عمل التنفس، وتغيير تبادل الغازات الرئوية وزيادة ضيق التنفس، خاصة أثناء النشاط البدني. وبمراجعة الدراسات حول تأثيرات أقنعة الوجه المختلفة أثناء النشاط البدني، تشير البيانات المتوفرة بشكل عام إلى أن التأثيرات على عمل التنفس، وغازات الدم، والمعايير الفسيولوجية الأخرى التي تفرضها أقنعة الوجه أثناء النشاط البدني، هي صغيرة، وغالباً ما تكون صغيرة جداً بحيث لا يمكن اكتشافها، حتى أثناء التمرينات الشاقة للغاية. ولا يوجد دليل حالي يدعم أن هناك اختلافات باختلاف الجنس أو العمر، في الاستجابات الفسيولوجية للتمرين أثناء ارتداء قناع الوجه».
وفي تحديثها بتاريخ 28 مايو (أيار) الماضي، وتحت عنوان «ممارسة الرياضة»، أفادت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية CDC قائلة: «ارتدِ قناعاً يغطي أنفك وفمك للمساعدة في حماية نفسك والآخرين. وقم بتنظيف أو تطهير يديك قبل وبعد الممارسات والألعاب ومشاركة المعدات. وأحضر معك أقنعة إضافية ومعقما لليدين». وأضافت: «ارتدِ قناعاً إذا كان ذلك ممكناً. وإذا لم تتمكن من ارتداء القناع، ففكر في إجراء النشاط في مكان به قدر أكبر من التهوية وتبادل الهواء (على سبيل المثال، في الهواء الطلق) وحيث يكون من الممكن الحفاظ على مسافة فعلية من الآخرين. وإذا تبلل القناع، فتأكد من تغييره لأنه قد يكون من الصعب التنفس من خلاله».
نصائح المدربين
وضمن مقالته الطبية بعنوان «نصائح لارتداء القناع أثناء ممارسة الرياضة» على موقع مايوكلينك، أفاد جيريمي أموندسون، مدرب متخصص في الطب الرياضي، بالقول: «يُعد ارتداء القناع أحد الطرق لإبطاء انتشار الأمراض المعدية، بما في ذلك كوفيد – 19. ومع ذلك، يرى بعض الناس أن القناع يمثل عائقاً محتملاً عند محاولة ممارسة الرياضة، خاصة عندما تكون بعيداً عن المنزل. وبالنسبة للبالغين، سواء كنت مرتاحاً بالفعل لارتداء قناع أثناء التمرين، أو متردداً في ممارسة الرياضة مع ارتداء القناع، يمكن أن تساعدك هذه الأسئلة في تحديد الطريقة الأكثر أماناً لممارسة النشاط».
وعن سؤال: هل من الآمن ارتداء الكمامة أثناء ممارسة الرياضة؟، أجاب: «نعم، من الآمن ارتداء الكمامة أثناء ممارسة الرياضة. وأظهرت البحوث أن معدل ضربات القلب، ومعدل التنفس، وضغط الدم، ومستوى الأكسجين، ووقت الإرهاق، كلها لا تتأثر بشكل كبير بارتداء قناع الكِمامة أثناء النشاط البدني الهوائي (إيروبيك) بمستوى معتدل إلى مستوى شاق Moderate – Strenuous». وأضاف: «وأيضاً، قد ترغب في التفكير في امتلاك قناع احتياطي في متناول اليد لاستبدال القناع الرطب. ومن الطرق الرائعة للحفاظ على نظافة اليدين عند تغيير الأقنعة، حمل حاوية بحجم السفر من معقم اليدين معك».
وعن سؤال: هل سيؤثر ارتداء قناع الكِمامة على أدائي الرياضي؟ أجاب قائلاً: «لا، لقد توصلت الأبحاث إلى أن الأقنعة الجراحية وأقنعة القماش ليس لها تأثير على وقت الإرهاق أو ذروة الطاقة». وذلك في إشارة منه إلى دراسة تم نشرها ضمن عدد نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من المجلة الدولية لبحوث الصحة العامة البيئية Int. J. Environ. Res. Public Health، وفيها قال الباحثون ما ملخصه: «يوجد جدل حول ما إذا كان ارتداء أقنعة الوجه أثناء ممارسة التمارين الرياضية القوية يؤثر على الأداء. وعملنا على مقارنة تقييم آثار كل من: ارتداء قناع جراحي، أو ارتداء قناع من القماش، أو عدم وجود قناع، أثناء إجراء اختبار قياس الجهد إلى حد الإنهاك. وتم تقييم تشبع دم الشرايين بالأكسجين Arterial Oxygen Saturation ومؤشر أكسجة الأنسجة Tissue Oxygenation Index، وذلك طوال اختبارات التمرين. ولم يكن لمقارنة ارتداء أقنعة الوجه أو عدم ذلك، أي تأثير على الأداء في مقدار وقت بلوغ الإجهاد Time To Exhaustion، ولا على مقدار ذروة الطاقة Peak Power. وعندما يتم التعبير عنها بالنسبة لذروة أداء التمرين، لم تكن هناك فروق واضحة بين ارتداء أو عدم ارتداء قناع، على درجة تشبع الأكسجين الشرياني، أو مؤشر أكسجة الأنسجة، أو معدل ضربات القلب، في أي وقت أثناء اختبارات التمرين. ولم يكن لارتداء قناع الوجه أثناء التمرين القوي أي تأثير ضار ملحوظ على أكسجة الدم أو أكسجة العضلات، ومقدار أداء التمارين، لدى المشاركين الشباب الأصحاء».
فرق بين التأثير الفسيولوجي والشعور بعدم الراحة
حول سؤال: ما الذي من المتوقع أن يحدث عند ارتداء القناع؟، أجاب جيريمي أموندسون، المتخصص في الطب الرياضي، بالقول: «قد تشعر بالحرج أو عدم الارتياح في المرة الأولى التي ترتدي فيها قناع الكِمامة أثناء ممارسة الرياضة. هذا أمر طبيعي وقد يكون مماثلاً لشعورك بارتداء قناع في العمل أو المدرسة أو أثناء التسوق. يجب أن تقل هذه المشاعر بمرور الوقت. بشكل عام، لا يمكنك توقع أي اختلاف في أدائك تمارين إيروبيك الهوائية (الهرولة، قيادة الدراجة الهوائية) أو تمارين الإيروبيك اللاهوائية (تمارين تقوية العضلات). وإذا بدأت تشعر بالإعياء أو الصداع أو النعاس أو ضعف العضلات أثناء ممارسة الرياضة، فتوقف وخذ قسطاً من الراحة حتى تهدأ».
وهو ما أكدته الدكتورة كيتلين لويس، من قسم العظام بكليفلاند كلينك والمتخصصة في الطب الرياضي، في مقالتها العلمية بعنوان «هل يجب عليك ارتداء قناع الوجه عند الجري في الهواء الطلق»، وأفادت فيه قائلة ما ملخصه: «قناع الوجه سيقلل من تدفق الهواء، مما يجعل التنفس أصعب قليلاً، ولكن لن يقلل الأكسجين أو يزيد من تراكم ثاني أكسيد الكربون في الدم. وقد تواجه صعوبة في التقاط أنفاسك إذا كنت تركض مرتدياً قناع الوجه، ولهذا السبب، قد تحتاج إلى تعديل شدة الجري. وراقب ما تشعر به أو إذا كنت تعاني من أي أعراض غير عادية. وإذا كنت تواجه أي شيء خارج عن المألوف، فابحث عن مكان آمن بعيداً عن الآخرين، وأزل قناعك. اجلس أو امش حتى تلتقط أنفاسك وتشعر بتحسن. والخبر السار هو أنه، مثل جميع جوانب اللياقة البدنية، كلما مارستها أكثر، تمكنت من تحملها لفترة أطول وأفضل. لذلك يمكن أن يتكيف مستوى لياقتك مع ارتداء قناع الوجه».
نقلا عن :الشرق الاوسط