سحبان فيصل محجوب: هكذا كنا نوفر الكهرباء في العراق
عانى قطاع الكهرباء في العراق من تبعات القرار الجائر للأمم المتحدة ذي الرقم 661 والذي صدر يوم 6 آب من العام 1990 والمتضمن فرض عقوبات اقتصادية خانقة، من خلال وضع قيود صارمة على واردات العراق المختلفة، والتي نتج عنها حرمان المواطن من الحصول على الكثير من ضروريات الحياة، إذ لاحقت إجراءات تنفيذ هذا القرار لتشمل منع استيراد أقلام الرصاص وذلك بذريعة ما أطلق عليه (المواد ذات الاستخدام المزدوج) على وفق معايير وضعتها لجنة العقوبات الخاصة بالقرار 661، وقد استمر هذا الحصار باجراءات تعسفية مختلفة قرابة 13 سنة، إلى سنة 2003.
لمحطات ومكونات المنظومة الكهربائية الكثير من الأجزاء، التي تسمى (الفقرات الاحتكارية) للدلالة عن عدم إمكانية توفيرها محلياً الا من خلال استيرادها من المنشأ الأصلي المصنع لها، وبالرغم من الجهود الكبيرة، التي بذلت من قبل العاملين في قطاع الكهرباء وسائر الجهات الساندة له من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لتوفير بدائل لهذه الفقرات (الاحتكارية)، التي غالبا ًما تكون حاكمة في إنجاز أعمال الصيانة والتأهيل، الا أن الحاجة كانت قائمة وملحة للكثير منها وهو ما أدى إلى توقف العديد من وحدات التوليد العاملة أو اللجوء إلى تشغيلها بسعات تقل عن القدرات التصميمية لها.
لم تقتصر جهود العاملين في هذا القطاع ضمن محاولاتهم في كسر أطواق الحصار على هذا الجانب فقط، بل تصدت إدارته لهذه التحديات باعتماد قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات)، فاعتمدت حقائب السفر الشخصية مثلاً في حمل ما يمكن من مواد حاكمة وأجهزة دقيقة من خلال تكليف عديد من المسافرين خارج القطر بشراء هذه المواد وجلبها عند عودتهم لايصالها إلى مواقع المنظومة الكهربائية داخل العراق.
لم يقتصر هذا على المواد صغيرة الحجم، بل تعدى ذلك إلى محاولات إدخال بعض المواد ذات الاحجام الكبيرة الظاهرة وبشتى الطرق بالرغم من تبعات ذلك، كون تلك المواد تدخل ضمن مفاهيم خرق الحظر وما ينتج عنه من مخاطر على مستوى القوانين الدولية.
وأذكر هنا إحدى هذه المحاولات الناجحة، التي نفذتها مجموعة من رجال قطاع الكهرباء حيث استطاع هؤلاء النشامى من إدخال محولة طاقة كبيرة الحجم عبر الحدود المراقبة دولياً، إذ نقلوا هذه المحولة بوضع غطاء سميك عليها لتضييع معالمها، مستفيدين من وقت تبديل وجبات عمل مراقبي الحدود ليلاً، فكان هذا الانجاز مؤثرًا في توفير طاقة كهربائية مضافة يزود بها العراقي المحاصر، لتسهم في اختزال جزء من معاناة الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي، فكان هذا تحدياً ًلتداعيات الحصار اللئيم على عراقنا بلد الشموخ والآباء والتحدي.
*مهندس إستشاري