آراء
عين على ايران
يوروتايمز – صفاء صبحي
منذ أيام الدولة القاجارية في ايران بين (1794-1925) كان حكام ايران يستمدون الشرعية في الحكم من قوتين اجتماعيتين كبيرتين هما كبار الملاك والتجار، ورجال الدين.
في عام 1963 اطلق الشاه محمد رضا بهلوي برنامجا اصلاحا اقتصاديا واجتماعياً وسياسيا سمي بالثورة البيضاء واستمر الى عام 1978.
السبب الأساسي لهذه البرنامج هو: تدعيم شرعية حكم الشاه بإستمالة الطبقات المسحوقة من الشعب وخاصة الفلاحين بعيدا عن سطوة رجال الدين والإقطاعيين والتجار، لانه كان يعاني من عقدة ان والده الشاه رضا بهلوي لم يكن ملكا أصيلا بل مجرد ضابط عسكري عمل انقلابا على الملك احمد مرزا القاجاري وأعلن نفسه ملكا عوضا عنه.
هذه العقدة بقيت ملازمة لابيه الشاه رضا بهلوي الذي أورثها لابنه محمد رضا بهلوي.
في الخمسينات ظهر جليا ان حكم الشاه محمد رضا هش جدا مع انقلاب رئيس الوزراء محمد مصدق عام 1953 وعودته للحكم على ظهر طائرة عسكرية بريطانية.
مع ذلك، ومنذ العام 1925 كان كبار الملاك والتجار ورجال الدين يمارسون دورهم التقليدي في دعم حكم الشاه طالما كان يوفر لهم البيئة المناسبة لاستمرار ونمو أعمالهم وازدياد مكانتهم الاجتماعية خاصة بالنسبة الى رجال الدين.
في عام 1963 اطلق الشاه محمد رضا بهلوي برنامجه الإصلاحي وتلقى دعما كبيرا من رئيس الوزراء حسن علي منصور لكنه سرعان ما اغتيل ولم يمضِ على وزارته عام واحد، فخلفه امير عباس هويدا الذي اسميه (نوري السعيد ايران).
تخرج امير عباس هويدا من الجامعة الامريكية في بيروت ثم اكمل دراسته العليا في بروكسل وباريس ونجح في تحويل ايران من دولة زراعية الى دولة صناعية حديثة في غضون 12 عاما فقط بين عامي 1965 و 1977. كل الصناعات الخفيفة والثقيلة التي تشاهدوها في ايران حاليا وضع لبناتها امير عباس هويدا.
لكن..
اعترض كبار الملاك على برنامج الشاه الإصلاحي، لانه تضمن اعادة توزيع الاراضي على الفلاحين ففي غضون 10 سنوات استلمت ربع مليون أسرة فلاحية قطع أراضي بملكية كاملة. جزء كبير منها انتزع من كبار الملاك.
كما اعترض رجال الدين على أمرين في هذا البرنامج الاول توزيع الاراضي لانه سيحرمهم من الخمس الشرعي الكبير الذي كان يقدمه كبار الملاك والأمر الثاني…
احزروا؟
الامر الثاني هو ان برنامج الشاه الإصلاحي احتوى على فقرة تكفل حق المراة في الترشيح والانتخاب والحقوق المدنية الاساسية.
من هنا انطلقت معارضة الخميني للشاه، التي بدأها عام 1964.
الثورة البيضاء في ايران ثورة تحديثية تنويرية عظيمة لكن نتائجها السياسية كانت عكسية، فبدلا من ان يتلقى الشاه دعم الفئات المسحوقة وخاصة في الريف، انقلب الجميع ضده بتحريض من رجال الدين وكبار الملاك والتجار.
كانت النتيجة هي انقلاب فبراير 1979
حين حدث الانقلاب رفض امير عباس هويدا الهرب مثل كثير من رجالات الشاه وسلم نفسه الى الحكومة التي عينها الخميني.
في يوم 7 ابريل 1979 عُقدت محاكمة صورية لأمير عباس هويدا في احدى المدارس استمرت ساعة وصدر عليه الحكم بالإعدام، وبعد ساعة أخرى فقط تم تنفيذ الحكم عليه في سجن مجاور للمدرسة.