د. حسن السوداني : مشروبات روحية!!
يقترن شهر رمضان المكرم لدى الكثير منا بطقوس روحية تهدف الى ترويض النفوس على جماح الشهوات والارتقاء بالروح الى مصاف عالية من التجلد والصبر.. شهر وعدنا الله فيه بغفران الذنوب واطفاء الديون المستحقة التي تترتب علينا طوال شهور السنة المتبقية.
هذه الاجواء الروحية التي تتطلب مراجعة النفس والهدوء والسكينة ما انفكت تتهاوشها ثقافة الاستهلاك والعنف وعالم الجريمة عبر مسلسلات تلفزيونية فيها كل شئ الا السكينة.. فيها كل ما يغيظ الروح ويخدش الحياء ويشل التفكير..جيوش من اصحاب وصاحبات المخدرات تعيث في الارض فسادا وتمارس القتل والبغاء والتهديد وانواع التزوير ليدفع ثمنها اناس بسطاء همهم الاول والاخير العيش بامان!!
فمن حول المتطلبات الروحية الى مجرد مشروبات روحية؟ ومن حول القداسة الى مجرد دناسة؟! ومن يريد اطفاء ثمالة الضوء المتبقية في عالمنا المليئ بجنون الاقوياء؟
اختفت في هذا الشهر الفضيل دراما التاريخ والسيرة النبوية العطرة والصحابة والتابعين واختفت قصص الف ليلة وليلة وقصص القران والانبياء والاقوام السالفة.. اختفى ذلك كله ليحل محلها سيرة شياطين تلبسوا باشكال البشر تجبرك على متابعتها بعد يوم طويل ومتعب يحول مزاجك الى اسوء حالاته.
هل بات رمضان رهينة التجار والمرابين وهم يوظفون اموالهم في كسب ملايين الدولارات في زرع افيون القيم الهابطة , وهل باتت العائلة العربية رهينة افكار تجار الدم؟
فرصة رمضان التي هيئها الله لنا لمراجعة النفس ضاعت بين( الهيبة ولمس الاكتاف وبركة ورامز في الشلال وحرملك وغيرها من مسلسلات رمضان) … اما الايتام والمحتاجين ولم شمل الاسرة ولفت الانتباه الى قيم الله اصبحت رهينة قيم الشيطان وتبرير الخطأ بحجة العوز والفاقة واللعب على حبل الرغبات الدنيا.
ناهيك طبعا عن المسلسل (الهندي العجائبي الغرائبي) وبطله ترامب الامريكي وتهديداته لايران وحصاره المميت وابتزازه اللامنقطع لرؤوس المال الخليجية بحجة الدفاع المشروط!! وفرحة امراء الحرب في المنطقة في لعب دور الدمى الماريونتية لدى هذا الطرف او ذاك! وخوف العباد من مهلكة جديدة يضيع فيها الشباب وتزداد كروش القادة الاشاوس!!
ايها السادة خذوا سنتكم بقضها وقضيضها واتركوا لنا رمضان.. عله يجعلنا نقف مع انفسنا ونتذكر ان هذا العالم لخالق العالم وليس لتجار الفضائيات!!