آراء
خالد القشطيني : فكاهة المطبخ
لم تكن السلطات السوفياتية تسمح للكوميديين بأن يقولوا على المسرح أي شيء تشم منه رائحة أي نقد للأوضاع القائمة. كان المجال الوحيد لتبادل النكات الساخرة هو أن تنطق بها في البيت بين أهلك وذويك، وعلى الأكثر في المطبخ. ولهذا سمى الروس هذه النكات بفكاهة المطبخ. وربما لهذا السبب منع المسؤولون الممثل الكوميدي زفانتسكي من السفر إلى مدينته، أوديسا. كانوا يتوقعون منه أن يتبادل هناك النكات الانتقادية التي تحلو له بين ذويه وأصحابه. شاعت فكاهة المطبخ إلى درجة أن أصبحت مهنة. كان القوم يخفون إلى بيت الممثل الكوميدي، ويستمتعون بنكاته في المطبخ، ثم يكافئونه ببعض الروبلات والهدايا.
يروي الفنان الكوميدي ميخائيل زادورنوف أن الفكاهة كانت خاضعة للرقابة. وفي أحد عروضه شطب الرقيب كلامه بأن البلاد مليئة بالحمقى. اعترض زادورنوف على هذا الشطب، وقال إن القانون يمنع فقط إفشاء سر من أسرار الدولة. فأجابه الرقيب: «قولك إن البلاد مليئة بالحمقى سر من أسرار الدولة»!
ونصح زفانتسكي زملاءه الكوميديين أن يربطوا دائماً حصاناً خلف المسرح، ليهرعوا إليه ويلوذوا بالفرار حالما يرون أحداً من الشرطة يدخل القاعة. وكانوا إذا سألوه كيف كان عرضك أمس، يقول لهم: «اسألوني هذا السؤال بعد عشرة أيام»، وهي المدة التي كان يتوقعها لإلقاء القبض عليه. وكثيراً ما تدخلت الرقابة لمنع عرض معين والادعاء بغياب الممثل لمرضه. وفي إحدى المناسبات قفز زفانتسكي وهو يرفل بالصحة والنشاط إلى خشبة المسرح بعد أن قرأ الجمهور الإعلان معلقاً على مدخل القاعة: «تأسف إدارة المسرح لإلغاء عرض هذا المساء بسبب توعك صحة الممثل»!
وقال هذا الكوميدي إن على الكاتب والممثل الساخر في الاتحاد السوفياتي أن يكتسب حساسية الحيوانات الوحشية، فيشعر بالخطر حال اقترابه. وهو ما فعله ذات يوم أثناء سرده للنكات أن شيئاً ما كان يجري وراءه خلف الكواليس. كان محافظ المنطقة بين الجمهور، وسمع ما لا يعجبه فأمر بإيقاف العرض واعتقال الممثل. وأخطأت الشرطة في إجراءاتها فأطفأت الأنوار. فاستغل الممثل الفرصة فهرب وركب أول قطار عائد إلى موسكو.
كان هناك نوع من التدرج الزمني. كانوا في عهد خروشوف يسمحون فقط بالنكات على ستالين. وفي عهد بريجنيف كانوا يسمحون بالنكات على خروشوف، وفي عهد غورباتشوف يسمحون بالنكات على بريجنيف. وهكذا روى المنكتون في عهد بريجنيف أن زوجة ستالين قالت له يوماً: أغلق الباب وراءك لئلا يصاب طفلنا بالبرد. فرد ستالين عليها قائلاً: لا بأس. لا بأس عليه. سيكون بإمكانه أن يموت مبكراً!
وفي عهد غورباتشوف رووا أن بريجنيف وقف يخطب في جماهير العمال فقال: في السنة المقبلة سنخفض أجوركم إلى النصف. فهتفوا «كلنا من أجل الاشتراكية». قال: وبعد سنتين ستعملون من دون أجور. قالوا «كلنا من أجل الاشتراكية». قال: وبعد ثلاث سنوات تدفعون أجوراً لكي تشتغلوا، فهتفوا «كلنا من أجل الاشتراكية». قال: وبعد خمس سنوات سنشنقكم جميعاً.
تساءل أحدهم قائلاً: «هل نأتي بالحبل معنا؟».
يروي الفنان الكوميدي ميخائيل زادورنوف أن الفكاهة كانت خاضعة للرقابة. وفي أحد عروضه شطب الرقيب كلامه بأن البلاد مليئة بالحمقى. اعترض زادورنوف على هذا الشطب، وقال إن القانون يمنع فقط إفشاء سر من أسرار الدولة. فأجابه الرقيب: «قولك إن البلاد مليئة بالحمقى سر من أسرار الدولة»!
ونصح زفانتسكي زملاءه الكوميديين أن يربطوا دائماً حصاناً خلف المسرح، ليهرعوا إليه ويلوذوا بالفرار حالما يرون أحداً من الشرطة يدخل القاعة. وكانوا إذا سألوه كيف كان عرضك أمس، يقول لهم: «اسألوني هذا السؤال بعد عشرة أيام»، وهي المدة التي كان يتوقعها لإلقاء القبض عليه. وكثيراً ما تدخلت الرقابة لمنع عرض معين والادعاء بغياب الممثل لمرضه. وفي إحدى المناسبات قفز زفانتسكي وهو يرفل بالصحة والنشاط إلى خشبة المسرح بعد أن قرأ الجمهور الإعلان معلقاً على مدخل القاعة: «تأسف إدارة المسرح لإلغاء عرض هذا المساء بسبب توعك صحة الممثل»!
وقال هذا الكوميدي إن على الكاتب والممثل الساخر في الاتحاد السوفياتي أن يكتسب حساسية الحيوانات الوحشية، فيشعر بالخطر حال اقترابه. وهو ما فعله ذات يوم أثناء سرده للنكات أن شيئاً ما كان يجري وراءه خلف الكواليس. كان محافظ المنطقة بين الجمهور، وسمع ما لا يعجبه فأمر بإيقاف العرض واعتقال الممثل. وأخطأت الشرطة في إجراءاتها فأطفأت الأنوار. فاستغل الممثل الفرصة فهرب وركب أول قطار عائد إلى موسكو.
كان هناك نوع من التدرج الزمني. كانوا في عهد خروشوف يسمحون فقط بالنكات على ستالين. وفي عهد بريجنيف كانوا يسمحون بالنكات على خروشوف، وفي عهد غورباتشوف يسمحون بالنكات على بريجنيف. وهكذا روى المنكتون في عهد بريجنيف أن زوجة ستالين قالت له يوماً: أغلق الباب وراءك لئلا يصاب طفلنا بالبرد. فرد ستالين عليها قائلاً: لا بأس. لا بأس عليه. سيكون بإمكانه أن يموت مبكراً!
وفي عهد غورباتشوف رووا أن بريجنيف وقف يخطب في جماهير العمال فقال: في السنة المقبلة سنخفض أجوركم إلى النصف. فهتفوا «كلنا من أجل الاشتراكية». قال: وبعد سنتين ستعملون من دون أجور. قالوا «كلنا من أجل الاشتراكية». قال: وبعد ثلاث سنوات تدفعون أجوراً لكي تشتغلوا، فهتفوا «كلنا من أجل الاشتراكية». قال: وبعد خمس سنوات سنشنقكم جميعاً.
تساءل أحدهم قائلاً: «هل نأتي بالحبل معنا؟».