آراء
نور القيسي : الجنس مقابل البراءة من الارهاب .. ومفعول إبرة “الحجي”!
انتهيت للتو من فديو بعثه لي احد الاصدقاء من بغداد، يظهر فيه مجموعة من منتسبي وزارة الداخلية العراقية يضربون شاب في العشرينات، داخل محله الخاص لبيع الالبسة الرجالية، في منطقة الكرادة.
اعاد لي هذا المشهد حادثة مررت بها قبل ان اغادر ارض السواد دون ادنى نية للرجوع الى هناك.
قبيل شهر محرم عام 2012، كان اصغر اخوتي وصديقه يجلسان عند باب منزل صديقه، يشربون علب الجعة بالخفاء خوفاً من ذويهم ومن الجيران.
ما هي الا دقائق ثم اختفى اخي وصديقه، اخبرنا احد سكان المنطقة انه راى سيارة تابعة للفرقة الحادية عشر، وهي تعتقل اخي وصديقه بالضرب والاهانة، دون ادنى مقاومة منهم.
وصلني خبر خطف اخي من قبل عناصر عسكرية، مع رقم العجلة، اتصلت بزملائي في العمل اطلب منهم المساعدة، وكالمعتاد تم انكار اخي وصديقه من قبل الدورية واكد الضابط الذي كان يراس العملية انه لم يتحرك من مكانه..
اخبرت الزميل الذي توسط لمعرفة مكان اخي انني قمت بتصوير الدورية واحتفظ برقم العجلة، ثم جاء الخبر كالصاعقة..
- ست نور اخيك وصديقه تم القاء القبض عليهم، بعد وصول معلومات عن، نصبهم سيطرة وهمية، والقبض على سيارة محملة بالاسلحة، التهمة كانت معدة سلفاً للتملص من التبعات القانونية لعملية الخطف..
- اخبرت واسطتي ان اخي وصديقه كانوا يشربون الخمر في باب المنزل، واكدت له اننا لا نملك سلاح او سيارة ليقطع اخي بها الشارع.
- بالحرف الواحد اعتذر مني وقال "اخوك سيتم التحقيق معه ضمن مادة 4 ارهاب. نصحني ان اطرق الابواب الصغيرة يقصد الضباط الصغار لان الامور تجري حسب هواهم في تلك الاماكن" وياسادتي الكرام لمن لا يعرف هذه المادة، هي عبارة عن ثقب اسود تم اختراعه من قبل مافيات في وزارة الداخلية، لاستنزاف جيوب المواطنين وابتزازهم.
- طلبت المساعدة من الجميع وكان الجواب نفسه الاعتذار لان القضية سيتم رفعها الى الجهة المختصة، تخيلت اخي يخسر شبابه داخل دهاليز الداخلية، لم انم ليلتها كنت اسمع صوت صراخه تحت التعذيب، استرجع كل الفديوات التي كانت تصلنا لمقر عملي او الايميل من قبل مواطنين يتم تعذيبهم بيد القوات الحكومية، لاجبار ذويهم على الدفع او التنازل عن حقوقهم، مواطنين يستنجدون لانقاذهم وانقاذ اولادهم من ظلم اكثر الاجهزة الحكومية حساسية.
- خطر على بالي شخصا ربما يساعدني، لانه يعرف عائلتي.. اخبرته القصة من الالف الى الياء، طلب مني مهلة لساعة، ليرى كيف ممكن ان يساعدني "الحجي" لم اعرف من هو الحجي لكنني عرفت من المكالمة الثانية لنفس الشخص، ان اخي متهم بتهمة خطرة، وقد تم تدوين اعترافه وشهادات الشهود وهم منتسبي المفرزة نفسهم وستحال اوراقه للمحكمة، لكن بمقدور "الحجي" ان يخرجه مثل الشعرة من العجين، لان كلمته مسموعة، سألني اذا كان عندي وقت لترتيب موعد على الغداء معه واخبرني ان لا اخاف لان الحجي خاصته امان، والموضوع مثل "چكت الابرة" ردد هذه العبارة وضحك ضحكة خبيثة، صدقيني مثل "چكت الابرة".
- افقدتني هذه الجملة الاخيرة توازني شعرت بان الارض كانت تبتلعني دون ان تكون لي ادنى مقاومة للنجاة بحياتي، مصير حياة اخي معلقة بقبولي لتحمل "شكت ابرة الحجي او رفضها.
- كنت اسمع عن مثل هذه المساومات من قبل كان يتداولها الناس في زمن الديكتاتور، فيما بينهم ليبقوا جنب الحيط لايشكون من جوع ولا من ضيق الحال ولا من تردي الخدمات الصحية او التعليمية، ليبقى الرئيس على عرشه.
- شكة الابرة يا اخوتي هي جملة مشفرة تعني "الام افتضاض بكارة البنت" الواسطة الذي كان يعرف عائلتي جيداً كان يريد بيعي كجارية جنس لِاحدد الحجاج الذي ورث على ما يبدو منصباً يخوله اخراج اخي من ظلمة تهمة لفقت له.
- بكيت بحرقة اخبرت السائق الذي كان يوصلني لمقر عملي بتفاصيل مصيبتي، اخبرني ان ابن خالته يعمل في الفرقة الحادية عشر، لم يتاخر بالاتصال به، وعدني خيراً، لكنه طلب مني 400$ لان الويلاد يريدون مني "ريوگ"، دفعت هذا المبلغ دون ان اناقش بالسعر، اردت فقط ان اخلص اخي، وانقذ نفسي من هاوية "الاغتصاب" .
- حين خرج اخي من مقر الفرقة الواقع في منطقة الكم في الاعظمية، اخبرني الضابط ان اخي ليس ارهابياً ولم يتم تدوين اقواله ولا تعذيبه، كل ما هنالك ان احد السادة الضباط شعر بالغيرة منه، لان حبيبة هذا الاخير كانت تتردد على محل اخي لشراء الاكسسورات، ولم تخفي اعجابها بوسامته، فما كان من السيد الضابط الهمام الا ان يخطف اخي بملابس البيت ويلفق له تهمة تصل به الى المشنقة.
تذكرت هذه الحادثة الاليمة بعد ان رايت فديو لمنتسبي الشرطة يضربون صاحب محل للالبسة الرجالية لانه "وسيم" وهذا جرم كافي ان بسببه ضرب احدهم او خطفه او تغيبه لسنوات وسلبه حياته.
الصدفة وضعت بدربي مروان "سائق التكسي الذي كان يقلني الى مقر عملي« انقذني بشهامة من كابوس مرعب ، خُيرت فيه بين شرفي وحياة اقرب الناس لي اصغر اخوتي، صدقوني كان خياراً صعباً ومذلاً، نجوت منه باعجوبة، لكني اتسال دائماً هل ستكون هذه الصدفة كريمة مع اناس اخرين يخيرون بين شرفهم وحياتهم؟ لست متاكدة، لكنني تمنى ذلك.
كاتبة عراقية مقيمة في السويد