فيس بوك وتويتر وواتس آب أدوات الثورة في العراق
وبشكل مفاجئ بعد 1 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، تغير مضمون صفحة فيس بوك لعلي جاسب المتخرج في كلية العلوم الاجتماعية، فاختفت صور لاعبي كرة القدم، وأعلام الأندية الأوروبية التي كان ينشرها، وباتت صفحته مليئة بصور، ومقاطع فيديو عن المتظاهرين، وهم يقعون جرحى، أو يتخبطون بسبب الغازات المسيلة للدموع، او يئنون من الوجع في المستشفيات.
وحتى عندما قطعت السلطات الإنترنت مدة أسبوعين وشددت الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي، تمكن المحتجون من التحايل على هذه الإجراءات عبر تطبيقات "في بي أن".
وعلي جاسب من بين هؤلاء، فهو ينشر صوره وأشرطة الفيديو للمحتجين من ساحة التحرير نفسها في بغداد، أين يطالب المتظاهرون بإسقاط النظام، في بلد يعتبر من الأكثر فساداً في العالم، وأين تتوزع مناصب الحكومة وفقاً للمحاصصة الطائفية والعرقية.
يقول علي جاسب: "أنشر كل ما أشاهده من قلب الحدث، ليعرف الناس ما يجري في العراق بشكل مباشر".
ويؤكد أنه حريص على توثيق الأحداث في الوقت الحقيقي لأن "السلطات الحكومية تعمل على تشويه أخبار التظاهرات لبث الذعر، فتقلل عدد المشاركين في الاحتجاجات".
ولنشر معلوماتهم التي تتناقض مع الرواية الرسمية، يعمد الكثير من الشبان إلى استخدام هواتفهم المحمولة للتصوير، والنشر، ولا يترددون أحياناً في شحن بطارياتها من سيارات الإسعاف، وحتى من سيارات الشرطة، لمواصلة توثيق الأحداث.
وقال القاسم العبادي، وهو طبيب أسنان ومدون: "نتحمل مسؤولية نشر الحقيقة في حين أن وسائل الإعلام التقليدية لا تفعل ذلك".
واتهم الشاب الذي يرتدي قناعاً مضاداً للغازات المسيلة للدموع التي تستخدمها قوات مكافحة الشغب بكثافة "جهات حكومية وجهات مجهولة الهوية بالسعي إلى منع وسائل الاعلام المحلية من نقل ما يجري في ساحة التحرير".
ويقول علي جاسب، إنه مستهدف بسبب مقاطع الفيديو التي ينشرها، وكذلك بسبب تعليقاته القاسية ضد الزعماء السياسيين العراقيين، وايران صاحبة النفوذ الكبير في البلاد.
وقال: "يوم أمس الساعة الخامسة صباحاً اتصل بي شخص وقال لي: سنقتل والدتك ما لم تتوقف، والسبب أن غالبية تعليقاتي هي ضد عملاء إيران، وضد الميليشيات التي تسيطر على الحكم".
ويؤكد هذا الناشط أنه أحياناً ينشر بالإنجليزية "ليعرف الناس في الخارج ماذا يحصل عندنا عبر نقل مباشر".
بدوره يقول القاسم العبادي، إنه إضافة إلى نقل المواجهات والتظاهرات الدامية "ننقل أيضاً صورة الحياة اليومية، والهتافات التي تطلق، وكيفية توزيع الطعام" في ساحة التحرير.
ولأن الكثيرين من الشبان خاصةً باتوا يتجاهلون المحطات التلفزيونية المحلية التقليدية، بات واتس اب، وفيس بوك، وتويتر، وانستغرام، المصادر الرئيسية لنقل المعلومات.
فمن خلال تطبيق تويتر علم المتظاهرون على سبيل المثال بأن صوت الانفجار الذي سمعوه الأربعاء، كان صاروخاً سقط للتو بالقرب من السفارة الأمريكية، فسارع بعضهم إلى وضع علامة عاجل مع تغريداتهم.
ومرة أخرى وجهت دعوات ليلة الأربعاء الخميس على شبكات التواصل الاجتماعي "للحفاظ على سلمية التظاهرات" بعد أن حاول متظاهرون إزالة الحواجز من على اثنين من الجسور المؤدية إلى المنطقة الخضراء.
ويضيف علي جاسب "كثيرون من المحتجين يوجهون لي رسائل على فيس بوك مطالبين بتأمين أقنعة واقية من الغاز، أو أشياء أخرى".
وينشر جاسب هذه النداءات، وبما أن عدد متابعيه كبير، يلبي مجهولون أحياناً كثيرة هذه النداءات لإيصال أقنعة، أو أطعمة، وأدوية يحتاجها المحتجون.
وبعد أيام وليال طويلة قضاها بين المتظاهرين عاملاً على نقل معاناتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يقول: "فقط عندما أقوم بما أقوم به، أستطيع أن أنام وضميري مرتاح".