أسوأ سر عن داعش تخفيه أمريكا… ما هو؟
يرى دانييل دي بيتريس، وهو زميل لدى منظمة "ديفينس برايوريتيز"، التي تُعنى بالسياسة الخارجية وتركز على الترويج لاستراتيجية واقعية لضمان أمن وازدهار أمريكا، أن واشنطن أخفت عن العالم أسوأ سر وهو أن داعش لم يهزم.
واستغرقت عملية تحرير بلدة الباغوز، آخر مكان تحصن فيه فلول داعش، وقتاً أطول، مما كان معتقداً، فضلاً عن استخدام قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً كماً هائلاً من الذخيرة، إلى أن تم الإعلان إلى العالم أن "دولة داعش أصبحت من الماضي".
لحظة شافية
وشعر ملايين من العراقيين والسوريين الذي أجبروا على الخضوع لوحشية داعش وتطرفه العقائدي بفرح كبير، عند تحرير آخر بقعة سيطر عليها التنظيم، واعتبروا النصر عليه بمثابة لحظة شافية.
كذلك، احتفت حكومات حول العالم بالانتصار. وعرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قبل أيام على صحفيين، خارطة تظهرحجم المساحة التي كان داعش يحتلها، ويرجح أن ينسب لنفسه الفضل في تحريرها. كما أصدرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بياناً دعت من خلاله لاعتبار استعادة بلدة الباغوز "حدثاً تاريخياً". وبعث وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتهانيهما للقوات على الأرض. وتوج مقاتلون أكراد ممن نفذوا معظم العمليات القتالية وقتل منهم الكثير، انتصارهم بطريقة احتفالية، بموكب وعزف موسيقى.
طريق شاق
ويرى الكاتب أنه لا يمكن لأحد أن يلوم المقاتلين الأكراد لاحتفائهم الكبير بانتصارهم. فقد كان الطريق بين داعش وإلحاق الهزيمة بخلافته طويلاً وعاصفاً، ومليئاً بالمصاعب. واستغرق إلحاق الهزيمة بالتنظيم أربع سنوات ونصف من قتال قدم فيه جنود وميليشيات عراقية، ومقاتلين أكراد تضحيات مذهلة عند خطوط الجبهة، وسقط منهم آلاف الضحايا.
خطأ كبير
ولكن، وحسب الكاتب، سيكون من الخطأ الافتراض أن تدمير دولة داعش يعني نهاية الحركة الإرهابية. وقد أشارت أجهزة استخبارات أمريكية إلى تلك النقطة في تقييماتها وفي شهادتها أمام أعضاء في الكونغرس. فقد يكون داعش قد ضعف، ولكنه لم ينته.
ويرى كاتب المقال أن عملية تحول داعش من شبة دولة إلى تنظيم متمرد ضعيف نسبياً، بدأت. وحسب تقديرات الأمم المتحدة، قد يكون هناك ما بين إلى 20 و 30 ألف مقاتل يتجولون بين قرى وصحارى وسهول العراق وسوريا. وفي الوقت نفسه، اعترف البنتاغون في تقارير سابقة أنه لا يستطيع تأكيد عدد المقاتلين في صفوف داعش.
وكما كانت تنظيمات إرهابية سابقة حين الفرصة وتستغل ضعف الحكومة العراقية لمصلحتها، سوف يستخدم داعش التكتيكات نفسها في الأشهر والسنوات المقبلة، من أجل المحافظة على وجوده وعملياته. وبعد أربع سنوات من أعمال القتل الوحشية والعشوائية، فضلاً عن ابتزاز وعقاب، لن يكون تجنيد عراقيين وسوريين لخدمة قضية داعش متاحاً في اللحظة الراهنة. ويبقى هدف التنظيم الآن بسيطاً وواضحاً، وهو البقاء وحسب.
مهلة
ويرى القائمون على السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن أنه بسبب العدد الكبير من المتعاطفين مع داعش، على الجيش الأمريكي أن يبقى على الأرض في المستقبل المنظور. وفي حال انسحاب قوات أمريكية من شمال شرق سوريا، أو خفض حجم تواجدها في العراق المجاور، سوف يمنح داعش مهلة يستغلها ليكون التمهيد لعودته قوياً.