أبو العلاء المعري «لاجئاً»
حاله حال ملايين السوريين، تحول أبو العلاء المعري لاجئاً. فبعد جهد ناهز العام، انتهى العمل على نصب برونزي للشاعر ساهم في تمويله عدد من السوريين المقيمين في الشتات، بتنفيذ النحات الشهير عاصم الباشا، الذي حصل على دعم لوجيستي من أصدقائه الإسبان في ورشته بغرناطة.
النصب البرونزي جاهز للعرض في أي ساحة مدينة أوروبية شهيرة بدلالاتها الثقافية. وحسب منظمة «ناجون» السورية المسجلة في فرنسا من قبل مثقفين سوريين، وهي التي أشرفت على المشروع، فقد تم التواصل مع بلديات مدن أوروبية كثيرة، بينها مدينة باريس، ليطل من ساحاتها نصب فني يذكر العالم بانتظار السوريين للسلام، السلام الذي يطبق بإحلال العدالة للجميع ومحاكمة مجرمي الحرب في سوريا. أو كما تقول رسالة «ناجون»: «محاربة ثقافة الإفلات من العقاب» بالفن والفكر والإعلام والحقوق.
إنه انتظار مؤقت رمزه «رأس المعري»، المنحوتة التي كانت ضحية حرب شنها نظام على شعبه، واستجلابه كل مقاتلي الأرض إلى الساحة السورية التي تحولت إلى بؤرة عنف وتطرف. وطالما أن المنحوتة بقيت متنقلة بين ساحات المدن، فإن وجودها هناك، بتوقيع مئات السوريين الذين مولوها وأهدوا العمل الفني لمئات ضحايا الحرب من معتقلين وشهداء ومختفين، ستبقى أيقونة تذكر العالم الديمقراطي بأن السوريين لا يزالون ينتظرون العودة من المنافي، وآخرون ينتظرون الخروج من أقبية المعتقلات والتغييب القسري، وبأن منحوتة رأس شاعر نبذ العنف قبل قرون، تنتظر العودة إلى الأرض التي احتضنت رفات صاحبها في معرة النعمان شمال سوريا.
«رأس أبو المعري» سيكون رمزاً للسوري التائه، فهل يطول مقامه في المنفى؟