أم بريطانية تحكي كيف أثر محمد صلاح في حياة طفليها
تعالت الصرخات حول منزلي عندما سجل اللاعب المصري محمد صلاح هدفه الأول المذهل في مرمى روما الإيطالي في مباراة الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا مساء الثلاثاء الماضي. وكنت أسمع الأصوات تتعالى: "محمد صلاح! هيا، انطلق".
ويشعر طفلاي – هناء التي تبلغ من العمر ثماني سنوات، ومحمد، ست سنوات – بسعادة غامرة وهما يشاهدان صلاح يسجد بعد إحراز الأهداف، وهو الأمر الذي بات احتفالا مميزا للاعب المصري.
ويصعب ألا تلاحظ الاهتمام الكبير الذي يحظى به "الملك المصري" ونجم ليفربول في منازل مثل منزلي في بريطانيا، وربما في جميع أنحاء العالم.
ويمكن القول بأن إنجازات صلاح تعمل على توحيد المجتمعات.
يصلي داخل الملعب
إنه يسجد داخل الملعب ويظهر بلحيته المميزة بكل كبرياء ويقدم كرة قدم ممتعة هي الأفضل بدون أدنى شك خلال الموسم الجاري.
هل لديكم أدنى فكرة عن مدى تأثير ذلك على أطفال مثل أطفالي؟ إنه نموذج يحتذى في الوقت الحالي.
لقد ولدت وترعرعت في شرق العاصمة البريطانية لندن لأبوين مهاجرين من اليمن وبورما (ميانمار حاليا).
وعلى عكس كثيرين ممن هم في مثل عمري، لم أواجه مطلقا مشكلة انتماء إلى هذه الدولة.
ومع ذلك، فأنا أدرك تماما أنه في ظل الأجواء الحالية، فإن الأطفال الذين ينتمون لدين مختلف وأقليات عرقية ليس لديهم نفس الشعور.
إنهم يتعرضون لأجندة إخبارية تجعلهم متخوفين من عرض تراثهم الإسلامي.
لذا، لم يكن من الغريب أن يأتي لاعب مثل صلاح ويجعلهم يشعرون بالفخر.
تشعر ابنتي هناء بشيء من الرهبة وهي ترى صلاح يرفع يديه إلى السماء ويدعو الله بعد كل هدف يسجله.
وتقول: "أمي، إننا نفعل ذلك أيضا".
ويخفق قلبي عندما أرى طفلي البالغ من العمر ست سنوات وهو يقف أمام المرآه ويضع شعر طفل صغير على ذقنه ويقول إن لديه لحية مثل صلاح.
ويمكن القول إنه أفضل لاعب في العالم في الوقت الحالي.
ما يفعله محمد صلاح يوحد المجتمعات معا، وأنا أشعر بذلك.
الملك صلاح
ويمكنك أن ترى اللافتات في ملعب إنفيلد وهي تصور صلاح على أنه ملك فرعوني.
كما يردد جمهور ليفربول الأغنيات عن المساجد والمسلمين في المدرجات وفي جميع أنحاء البلاد.
ويعشق جمهور ليفربول صلاح ويكن له احتراما كبيرا، والمسلمون سعداء للغاية برؤية ذلك.
وفي مصر، يعد صلاح ملكا متوجا وجوهرة التاج في المنتخب المصري، وقد ارتفعت شعبيته عندما أحرز هدفا من ركلة الجزاء الحاسمة التي قادت منتخب بلاده للصعود إلى كأس العالم في روسيا.
وعندما يلعب صلاح مع نادي ليفربول أو منتخب مصر، فإن الجميع في مصر ينحون كافة القضايا السياسية جانبا ويجلسون سويا في المقاهي والمنازل لمتابعة نجمهم المفضل.
وبصفتي محجبة، فإنه لشيء رائع أن ترى السيدات اللاتي يرتدين الحجاب بلون قميص ليفربول أو علم مصر وهن يجلسن بين الجمهور للاستمتاع بما يقدمه صلاح.
وهذا هو السبب بالنسبة لعائلات مثل عائلتي في أن الأمر يتجاوز كونه مباراة لكرة القدم.
وقبل عدة أسابيع، عادت هناء إلى المنزل من المدرسة وهي محبطة للغاية بسبب سماعها لحديث بين صديقاتها عن حملة للهجوم على المسلمين في الثالث من أبريل/نيسان. وكانت هناء تشعر بالخوف والقلق.
وقضينا الأيام التالية نشرح لها أن هذا الأمر يحدث من قبل مجموعة صغيرة فقط من الأشخاص الذين لا يفهمون الدين الإسلامي ولا يعرفون المسلمين، ونؤكد لها أن الغالبية من الناس في هذه الدولة ليس لديهم نفس الشعور المعادي للمسلمين على الإطلاق.
وللأسف، عندما جاء الثالث من أبريل/نيسان، كانت هناء لا تزال تشعر بالخوف ورفضت الخروج من المنزل، وهو الأمر الذي جعلني أنا ووالدها نشعر بالحزن الشديد.
كيف يمكن أن توضح لأطفال صغار أنه لا يوجد ما يدعو للقلق على الإطلاق، على عكس الحقيقة، بينما نفكر نحن في هذه المخاطر بشكل شبه يومي؟
صلاح يغير الانطباع عن المسلمين
لكن محمد صلاح يغير الانطباع عن المسلمين، وإنه لأمر رائع أن نرى ذلك. ولأول مرة منذ وقت طويل، لا يُصور المسلمون على أنهم أشرار.
bbc