شيخ الأزهر يترأس الجولة الثالثة من الحوار بين الأزهر والكنيسة الإنجليكانية في لندن
ترأس شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، وكبير أساقفة كانتربري الدكتور جاستن ويلبي، أمس الثلاثاء، الجولة الثالثة من جولات الحوار بين الأزهر والكنيسة الإنجليكانية، وذلك في قصر لامبث بالعاصمة البريطانية لندن، مقر أسقفية كانتربري.
وأبدى الإمام الأكبر، خلال اللقاء، سعادته بالتواجد والإقامة للمرة الثانية في قصر لامبث، معرباً، عن شكره لكبير أساقفة كانتربري على حفاوة الاستقبال والاستضافة.
وأشار الإمام الطيب، إلى أن الحوار بين الأزهر والكنيسة الإنجليكانية يحتاج للتوقف أمام عدة إشكالات مهمة، أولاها غياب الدين عن توجيه الناس، مبيناً، أن هذا الغياب بدأ في الغرب ثم أخذ في الانتقال إلى الشرق، وهو يتلخص في "أنسنة الإله وتأليه الإنسان"، حيث ترتب على ذلك شيوع أخلاقيات ترتبط بغرائز الإنسان وليس بروحه، التي ترتبط بالقيم السامية للأديان.
وأوضح شيخ الأزهر، أنه يجب على قيادات الأديان التصدي للمآسي التي يتعرض لها البشر، والوقوف بجانب الفقراء والمهمشين، مشددا على أن تصدي الإسلام وحده أو المسيحية وحدها لهذا الأمر لن يكون كافياً، وإنما يجب أن نجتمع تحت خيمة واحدة عنوانها: "الدين ضرورة للإنسان"، ووجود هذه الخيمة يتطلب سلاماً بين قادة الأديان، موضحاً، أنه في هذا السياق جاء تحرك الأزهر، باعتباره منارة المسلمين الكبرى، لصنع السلام بين رواد المسجد والكنيسة.
وتطرق الإمام الأكبر، إلى التجربة المصرية في هذا السياق، حيث أثمر الحوار بين الأزهر والكنيسة بسرعة وقوة، من خلال مبادرة "بيت العائلة المصرية"، الذي يسهم بقوة في التأليف بين المسيحيين والمسلمين، ويقطع الطريق على من يريدون العبث بالنسيج الوطني الواحد للشعب المصري.
وقال رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن البذور الأولى لـ"منتدى شباب صناع السلام"، الذي انطلقت فعالياته في 8 يوليو (تموز) الجاري، تحت رعاية الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين وأسقفية كانتربري، كان ثمرة لجولة الحوار الماضية بين الأزهر وكانتربري، قبل عامين، حيث دار خلالها نقاش حول ضرورة نقل الحوار بين القيادات الدينية إلى الواقع المعاش، وتحديدا إلى الشباب، فالحوار يحتاج أشخاصاً قادرين على البذل والنزول إلى الشارع والوصول إلى الناس حيثما كانوا، ومن هنا تم التفكير في وجود نخبة من الشباب يؤمنون بقيم السلام والتسامح، ثم يتحولون إلى دعاة لهذه القيم.
وأضاف شيخ الأزهر، "نحن قادمون من منطقة عانت من العبث بالدماء والأرواح، وأتمنى أن ألقى الله وأنا سائر في طريق صنع السلام والتسامح".
من جانبه، أعرب كبير أساقفة كانتربري، عن سعادته بزيارة الإمام الأكبر والوفد المرافق، لافتا إلى أن الحوار بين الأزهر والكنيسة الإنجليكانية انطلق عام 2002، أي بعد تفجيرات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة بعدة أشهر، وقبل نحو عام من احتلال العراق، فيما كانت الانتفاضة مشتعلة في الأراضي الفلسطينية، ولذا فإن الحوار جاء في وقت كانت الأوضاع والتحديات في الشرق الأوسط صعبة.
وأوضح ويلبي، أن التحديات الآن ليست بأقل صعوبة مما كانت عليه في الماضي، خاصة فيما يتعلق بدور وقدرة القيادات الدينية على التأثير في الجماهير، وكيفية مشاركتها في صنع السلام وبناء عالم جديد، وذلك من خلال التركيز على ما تتضمنه الكتب المقدسة من قيم وتعاليم تحض على السلام والتعايش وقبول الآخر.