ترامب وصل إلى قمّة بروكسل كالأسد وغادرها كالحمل
نشر جوناثان ألّن، المحلل السياسي الامريكي، مقالة على موقع القناة الأميركية "إن.بي.سي"، قال فيه إن ترامب، بعكس يشاع في الإعلام، لم يحصل على "شيء كثير" مما أراده من قمّة منظمة حلف شمال الاطلسي ، التي انعقدت في بروكسل في اليومين الماضيين.
وقال ألّن إنّ ترامب وصل إلى القمة، التي انعقدت في مقرّ الناتو الجديد في بروكسل، كالأسد وإنه خرج منها كالحمل. ويضيف المحرر السياسي أنّ القمّة توصّلت إلى توافق بين الدول الأعضاء التسع والعشرين، ولكن هذا التوافق لم يكن جديداً.
فبعكس ما ذكرته وسائل إعلامية عن مطالبة ترامب الدول الأعضاء في المنظمة إلى رفع التمويل إلى نسبة أربعة بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي، فالاتفاقية التي تمّ التوقيع عليها لا تتحدث عن إنفاق بهذا الحجم، كما أنها لا تدين ألمانيا بسبب روابطها الاقتصادية والتجارية مع روسيا.
ويشير ألّن إلى أن القمة لم تعلّق على التدخلات والاعتداءات الروسية في أوكرانيا الشرقية ولا على تدخلات الكرملين في الانتخابات التي تمّت في الغرب.
لحظة وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مقر الناتوReuters
ويرى ألّن أنه بغير العناوين التي تصدّرت الصحف حول "كيفية تعاطي ترامب مع الحلفاء الغربيين" و"إغضابه المؤسسة السياسية في واشنطن وغيرها من عواصم القرار"، لم يحصل ترامب على "الكثير من القمة".
فالمليارات الثلاثة والثلاثين التي ذكرها ترامب في المؤتمر الختامي للقمة في بروكسل ليست جديدة، فترامب ذكر الرقم نفسه على هامش أحد التجمعات السياسية في مونتانا في الأسبوع الماضي.
ويخاف الغرب من أن يصدّع ترامب الحلف الأطلسي قبيل لقائه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ، في هيلسنكي قريباً، الأمر الذي أصبح أكثر حقيقة بعد وصف ترامب برلين "بأسيرة روسيا".
ويتابع الكاتب أن إحباط ترامب لم يتوقّف عند رفع النبرة في وجه ألمانيا، ففي الاجتماعات المغلقة طالب الرئيس الأميركي الدول الأعضاء بإنفاق يساوي ضعف ما تمّ التوافق عليه سابقاً، أي 4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لكلّ دولة، كما أنه هدد بالانسحاب من الحلف.
ويعود ألّن في الزمان إلى الحربين العالميتين ليبرهن وجهة نظره حول عدم رغبة الدول الأعضاء إلى رفع الإنفاق إلى هذه العتبة، ويقول إن تسليح الدول الأوروبية، عبر التاريخ، لم يكن في أيّ يوم أمراً جيّداً للسلام.
وفيما عمل زعماء أميركيون سابقون على إقناع ألمانيا والحلفاء بزيادة التمويل، لم يحصل أن قال رئيس أميركي إن "العالم والولايات المتحدة قد يكونان في حال أفضل من دون الحلف".
ويشير ألّن إلى أن مؤيّدي ترامب في الولايات المتحدة مخطئون عندما يقولون إنه حقق ما يريده.
فهؤلاء يرون أنه وصل إلى بروكسل وخرج باتفاق "يفرض على الأعضاء رفع الإنفاق المالي إلى نسبة 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي"، علما أنّ خطة رفع الإنفاق إلى حد الاثنين بالمئة كانت قد وضعت في 2006، فيما ترامب أراد رفع الإنفاق إلى 4 بالمئة وهذا ما لم يحصل.
ويقول ترامب إنه مستعد للخروج من منظمة حلف شمال الأطلسي، ولكن ليس من الواضح بعد إذا ما كان باستطاعته فعل ذلك من دون اللجوء إلى الكونغرس.
بكل الأحوال، يقول الكاتب، إن عدداً بسيطاً من الناس يعتقد أنه من مصلحة للولايات المتحدة الأميركية أن تبقى على الحياد.
فالقرن الفائت شهد على حربين عالميتين لم تستطع أميركا تفاديهما، وكذلك على حرب باردة كلّفت الخزائن الأميركية عدداً لم يفصح عنه من بلايين الدولارات، مشيراً إلى "أن وجود الناتو لا يضمن أمن أميركا مباشرة، إنما هو يساهم في ضمان أمن العالم".
ولكن بحسب ألّن، إن نظرة ترامب إلى العالم، تختصر بالدول ومصالح الدول الاقتصادية التي ترسمها الحدود الجغرافية، والعلاقات الثنائية، والثنائية فقط. ومنظمة حلف شمال الأطلسي، بحسب الكاتب، تشكل عائقاً في وجه هذه النظرة.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبيل المؤتمر الصحافي النهائي لقمة منظمة حلف شمال الأطلسيReuters
ويضيف ألّن قائلاً إن الولايات المتحدة الأميركية قد لا تتضرر من إنهاء التحالف مع دول صغيرة في منظمة حلف شمال الأطلسي ولكن طالما أن هناك دولاً كبرى مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا في المنظمة، فالتحالف اليورو-أطلسي ما زال يعتبر استراتيجياً بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية.
ويختم الكاتب مقالته بالقول إن القمة أثبتت أمرين، أوّلهما أنّ ترامب غير قادر على إجبار الشركاء على تنفيذ مطالبه، وثانيهما أنّ خروج الولايات المتحدة من المنظمة لن يكون مفيداً لها.