أغنى مدن العراق… هذه مطالب أبنائها “الثائرين ضد الفقر والجوع”
تظاهر البصريون، أبناء أغنى مدن العراق بالنفط والنخل، رفضا لما وصفوه بالجوع والفقر وتجرع المياه غير الصالحة للشرب الممزوجة بقاذورات الصرف الصحي لسنوات طويلة تقاسموها بالحرمان وأيضا إقصائهم والاعتماد على يد عاملة من الخارج ومن مدن أخرى في المشاريع الاقتصادية المدرة للثروة.
مع اشتداد الحر، ومع مسلسل انقطاع الكهرباء —الذي يفوق تكرارها على مسلسلات الفانتازيا والخيال في العالم كصراع العروش- ثار أهالي البصرة ذات الصيف الحارق، غضبا من معاناتهم وفقرهم والبطالة، في تظاهرات عارمة، وعلى ضوئها، حاورت مراسلة "سبوتنيك" في العراق، إدارة صفحة البصرة "Basra" عبر موقع "الفيسبوك"، — الذي واكب "الغضب الشعبي وغليانه" منذ اليوم الأول لانطلاقه، حول الأزمة، والوضع الحالي، والمطالب والحلول.
إلى نص الحوار:
متى بدأت المظاهرات ومن أين انطلقت في البصرة؟
كحركة فعلية على الأرض ابتدأت المظاهرات منذ مطلع الأسبوع الماضي، كانت شرارتها من قضاء المدينة شمالي البصرة عندما خرج مجموعة من الشباب بوقفة احتجاجية للمطالبة بالوظائف أمام مقر لإحدى الشركات النفطية العاملة في المنطقة.
ما الذي حدث هناك؟
— حسب المعلومات المتوفرة فإن صِداماً حدث بين المتظاهرين والقوة المكلفة بحماية الشركة النفطية، نتج عنه إطلاق نار من طرف القوات الأمنية أدى إلى مقتل أحد المتظاهرين وإصابة 4 آخرين.
كم بلغت ذروة أعداد المتظاهرين حتى الآن؟
— في البداية كانت أعدادهم لا تتجاوز العشرات، متفرقين على المناطق وخصوصاً في شمالي البصرة ولكن بمرور الأيام ازدادت الأعداد، لا نعلم الأرقام بدقة ولكن في مظاهرات اليوم تجاوزت الآلاف، وربما ترتفع الأعداد في الأيام القادمة.
ما هي مناطق تركز المظاهرات وانطلاقها؟
— قرب المنشآت الحيوية، حاول البصريون من خلال هذه الخطوة التأثير على الاقتصاد لخلق نوع من التأثير والاستجابة، لأنهم يعلمون أن محافظتهم هي مركز الاقتصاد العراقي وأي خلل فيها سينعكس على المدن الأخرى، لذلك حاولوا إيصال صوتهم بقوة عن طريق إحداث تأثير وجر المدن الأخرى معهم ليشعروا بمعاناتهم فتكون استجابة الحكومة أسرع.
سبوتنيك: ماذا حصل في ميناء أم قصر؟
— لممارسة نوع من الضغط والاحتجاج على الفساد المستشري في هذه المؤسسة المهمة قام اليوم الجمعة مجموعة من شباب البصرة بالاحتجاج أمام البوابة الرئيسية لموانئ أم قصر، مما أدى إلى توقف حركة البضائع الخارجة والداخلة، اغلب البصريين يعلمون أن الكثير من الأحزاب و"الميليشيات" تمتلك أرصفة كاملة في هذه الموانئ.
حصل إغلاق للطرق، وهل مازال مستمر حتى اللحظة؟
— نعم، منذ بداية المظاهرات كان هناك غلق للطرق وهو مستمر إلى الآن، بعض المتظاهرين يستخدم الإطارات المحروقة وبعضهم يستخدم الحجارة.
سبوتنيك: هل كانت هناك مظاهر مسلحة وإطلاق نار على المتظاهرين؟
— من جانب المتظاهرين لم نشهد هذا الأمر إطلاقاً، ولكن حدثت عدة إطلاقات للنار من قبل القوات الأمنية على المتظاهرين في مناطق متفرقة خلال الأيام الماضية.
شاهدنا بعض الصور لما يقال إنها عمليات "فرهود" كما يطلق عليه العراقيون حصلت في احد المواقع؟
— حقيقة الأمر اخذ صدى لا يستحقه، كان هناك مجموعة ملثمة صغيرة حاولت استغلال الهيجان الشعبي وسرقة بعض المعدات من مقر القوة الأمنية المكلفة بحراسة احد المواقع النفطية ولكن تم التصدي لهم ولم نشهد أي أمر مشابه لهذه الحالة، مع العلم أن جميع الشرائح في البصرة استنكرت هذا الأمر.
ما هي مشاكل البصرة بشكل عام؟
— حسنا، هذا السؤال مهم والإجابة عليه تحتاج إلى الكثير من الكلام ولكن سنحاول أن نختصر، تشكل الواردات القادمة من البصرة أكثر من 85% من الموازنات الاتحادية للعراق، ومع هذا لا يتوفر لأهالي المحافظة مياه صالحة للشرب، المياه التي يتم تجهيزها للمنازل هي مياه بحر يضاف إليها تلوث الصرف الصحي الذي يرمى في الأنهار، كما أن هنالك سوء في تجهيز الكهرباء مع ارتفاع في نسب البطالة بين الشباب وتردي الخدمات العامة من البنية التحتية والطرق والخدمات الصحية وزيادة العشوائيات والتلوث الناتج من العمليات النفطية والقائمة تطول، كل هذا وهم يعلمون أن مدينتهم مصدر ثروات البلاد وإحدى أغنى مدن العالم بالموارد الطبيعية فكيف للإنسان أن يحتمل؟؟
ما هي مطالب المتظاهرين؟
— طوال السنوات السابقة بل نستطيع أن نقول على مدى الـ 90 عاما، السابقة اختبر أهل البصرة جميع أنواع الحكم المركزي وصوره، وجميعها فشلت في إدارة الدولة وفي إحداث تنمية حقيقية تستحقها هذه المدينة، أهالي المحافظة الآن يدركون أن الحل هو بصلاحيات محلية واسعة (إدارية واقتصادية) لا تحتاج المدينة بعدها الرجوع إلى العاصمة الاتحادية لاكساء طريق في ناحية ما، أو إنشاء محطة لتحلية المياه في قضاء ما.
نبحث عن حلول دائمية لا ترقيعية ونرى إن جميع الحلول للمشاكل التي تعاني منها البصرة تتلخص في الحكم اللا مركزي، وأهالي المحافظة بشعبها من غيرهم.
ما هو الحل للبصرة برأيكم؟
— ربما يجد البعض كلامنا هذا مبالغ فيه، ولكن طوال القرن الماضي وحتى الآن أثبتت جميع الشواهد أن ربط اقتصاد البصرة وإدارتها المحلية بحكومات المركز قد فشلت فشلاً ذريعاً، فبالرغم من كون المدينة تتفوق في ثرواتها وإمكاناتها وموقعها على جميع مدن المنطقة والخليج هي الآن شاهد على فشل الدولة العراقية، فأي دولة هذه التي لا تستطيع أن تمنح سكان أغنى مدنها مياه صالحة للشرب أو كهرباء مستمرة على اقل تقدير؟ الحل برأينا هو منح البصرة حكماً ذاتياً وفق الدستور لتدير شؤونها الاقتصادية والخدمية بنفسها، لا حل آخر، صدقاً، لقد قمنا بتجربتها جميعاً، وللأسف جميعها فشلت.
سبوتنيك