انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة في أبوظبي
ابو ظبي / يورو تايمز
تحت رعاية وبحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح بدولة الإمارات العربية المتحدة، انطلقت اليوم الثلاثاء في أبوظبي فعاليات المؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة، تحت شعار "الفرص والتحديات"، بحضور أكثر من 600 مشارك من علماء دين وباحثين وشخصيات رسمية وثقافية وسياسية، يمثلون أكثر من 150 دولة.
وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن تجربة الإمارات تشير بكل وضوح إلى أن التسامح بين الأفراد والجماعات في سبيل خدمة الوطن والعالم يتطلب توافر عوامل متعددة، أهمها وجود قيادة وطنية واعية وحكيمة وشعب واعٍ حريص على كل عوامل السلام، بالإضافة لمؤسسات التعليم والإعلام التي تقوم بدورها دون تعصب أو انحياز، إلى جانب دور باقي مؤسسات المجتمع في مكافحة التعصب والتطرف والتمسك بالقيم الإنسانية التي يشترك فيها جميع السكان في هذا العالم الواحد.
وأضاف: "نحن في الإمارات ننطلق في ذلك كله من تعاليم الإسلام الحنيف، ومن تراثنا الوطني الخالد، ومن العزم والتصميم على أن تكون الإنجازات الهائلة التي تحققها الدولة قوة دفع إيجابية في تحقيق السلام والرخاء".
وتمنى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أن يوفق الله المشاركين في المؤتمر في عرض توصيات تسهم في تحقيق الخير والسلام في هذا العالم الذي تتداخل فيه المصالح والغايات، والذي أصبح فيه الواقع قرية عالمية صغيرة.
وحيّا مبادرة إنشاء المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة في أبوظبي "عاصمة التسامح والسلام"، داعيا الله بالنجاح والتوفيق لهذا المجلس ليكون دافعا لإدراك الفرص المواتية في المجتمعات المسلمة، والتعرف على التحديات التي تواجهها واستخدام التفكير الخلاق لإيجاد استراتيجيات ملائمة في مواجهة المخاطر والتحديات.
كما أعرب عن أمله في أن يكون عمل المركز انعكاسا لحقيقة واقعة هي أن المسلمين يعيشون الآن في كل دول العالم، ويمثلون الغالبية في 50 دولة، وأقلية عددية في الدول الأخرى.
وتابع الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أن المجتمعات البشرية أصبحت جميعها تتسم بالتنوع والتعددية في خصائص السكان، وأصبح التعامل مع ظاهرة التنوع والتعددية في خصائص السكان أحد أهم التحديات في هذا العصر.
وأضاف: "نلاحظ آثار ونتائج الفشل في التعامل مع هذه الظاهرة من صراعات وتهجير قسري للسكان، وانتشار الأفكار المتطرفة والهدامة ومحاولات فرضها على السكان بالقوة والعنف، ونرى في العالم حولنا مع الأسف أن العلاقات غير السوية بين الجماعات داخل المجتمع الواحد تمثل تهديدا خطيرا للنظام العام، ولقدرة المجتمع على استيعاب وتمكين جميع فئات السكان فيه".
واستكمل: "نلاحظ من جانب آخر أن المجتمعات الناجحة هي مجتمعات متقدمة ينتشر فيها الأمان والسلام والانتماء والولاء، والنظرة الواثقة نحو المستقبل، وإنني آمل بإذن الله أن يكون المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة على قدر الآمال كافة، ويقوم بإجراء البحوث والدراسات للمجتمعات المسلمة، وما قد تعانيه بعض هذه المجتمعات من فقر وأمية واضطهاد".
وواصل الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان: "نريد أن يساهم المجلس في تحقيق انتماء المسلمين في بلدانهم، ويعزز هويتهم الإسلامية ويجعل منهم مصدر خير وعطاء، ونأمل أن يكون أيضا الشباب المسلم في اهتمامات المركز، حيث إن هذا الشباب تؤثر فيهم التكنولوجيا وتجعلهم أهدافا للأفكار المتطرفة والهدامة.
وأعرب الشيخ نهيان بن مبارك عن تمنياته أن يساهم المركز أيضا في التخلص من الصور النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمين، وتنمية العلاقات مع أتباع الأديان الأخرى، وأن يكون منبرا مهما في التعريف بالإسلام على مستوى العالم، وأن يكون أداة فعالة في بناء التحالفات الوطنية والدولية من أجل توفير حياة كريمة للمجتمعات.
وأشار إلى إن انعقاد هذا المؤتمر في أبوظبي عاصمة الإمارات، هو انعكاس صادق لمسيرة الدولة، وتعبير واضح عن ارتباط الإمارات بمسيرة الأمة الإسلامية، ودعم قدرات هذه الأمة الخالدة، مضيفا: "نحن دولة قوية وتتسم بالوفاق بين جميع سكانها، وتحرص على تحقيق التواصل والمحبة بين الناس، والعمل الصادق والمشترك بين الجميع لما فيه منفعة الجميع".
وتابع: "نحتفل الآن في الإمارات بعام زايد الخير، هذا القائد العظيم الذي حقق الكثير للوطن والعالم، نتذكر هذا العام بالشكر والعرفان مؤسس دولة الإمارات المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان حكيم العرب والمسلمين، والذي أسس دولة ناجحة تتجنب الصراعات وتسعى دائما لتكون وطنا يعيش فيه الجميع دون تفرقة أو تمييز، ونحمد الله أن صاحب السمو الوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة– حفظه الله ورعاه – يرى أن التسامح والتعيش السلمي بين جميع السكان وسيلة أكيدة لتحقيق السلام والتنمية والتقدم، وكذلك أيضا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة".
من جانبه، أكد رجب ميداني، رئيس ألبانيا السابق، أن الطريقة الناجحة لاستيعاب المجتمعات المسلمة في دول العالم هي التكامل وقبول كل طرف ثقافة الطرف الآخر، للتأقلم فيما بينهم.
وقال ميداني: "كان من الشائع أن تسود ثقافة واحدة على الجميع، إلا أن الهجرة التي حدثت عبر الأزمنة المتعاقبة غيرت تلك الهيمنة، وأثبتت أن النموذج المتعدد الثقافات هو القابل والشامل لاحتواء الثقافات المختلفة".
وطالب بوجود سياسة وتوجه جديد للتنوع يضم نموذجا متعدد الثقافات، لافتاً إلى أن "هناك التزامات يجب علينا أن نتبعها، من بينها احترام الأقليات وإيجاد قوانين تحميها بغض النظر عن ديانتهم، وتبني رؤية مجتمعية متماسكة ودعم ثقافة الحوار والتواصل". بدورها، قالت كيشو نيفانو، رئيسة الحركة البوذية العالمية، إن دولة الإمارات العربية المتحدة، تؤكد للعالم في كل مرة أنها منصة عالمية لنشر التسامح وثقافة التعايش. وعبرت خلال مخاطبتها الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة بأبوظبي، عن تقديرها للدور الإماراتي المتمثل في نشر ثقافة التسامح والتعايش. وشددت على ضرورة قبول الآخر والعمل المشترك لدعم أساليب التعاون ونشر السلام والتسامح. وأضافت:" البوذية تعمل على تبادل الآراء مع الأديان، وبالأخص دين الإسلام لأجل تنمية مجتمع أفضل ومستقبل سلمي يحضن الحضارة المتسامحة". وأشارت إلى أنهم في الحركة البوذية العالمية يعملون على إيجاد آليات مشتركة لدمج المجتمعات المسلمة، والحفاظ على حقوق الأقليات بشكل عام في العالم. ونوه الدكتور طارق الكردي، رئيس مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون الأقليات في العالم، إلى تباين أوضاع المجتمعات المسلمة حول العالم، فهنالك مجتمعات تقبلهم وأخرى تواجههم بالرفض. ودعا الكردي لميثاق تسامح بين المجتمعات المسلمة حول العالم، مشيراً إلى أن بعض وسائل الإعلام تصوّرها على أنها مهمشة اقتصاديا وتهدد المجتمع بالعنف والتطرف. وأكد أندرياس كيفر، الأمين العام لمؤتمر السلطات المحلية والإقليمية لمجلس أوروبا، في الجلسة الافتتاحية، أن المجلس الأوروبي مهتم بحقوق الإنسان وعملية دمج المجتمعات المسلمة في سياق حضاري وديمقراطي. وتابع:" على السلطات المحلية والمنظمات المدنية أن تعمل معا لحماية حقوق المجتمعات المسلمة وضمان تواجدها في مختلف المجالات". وحث كريفر المنظمات الحقوقية العربية والمسلمة على التواصل مع البلدان الأخرى لدعم قضايا المجتمعات المسلمة. ويعد المؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة، الذي يقام تحت رعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ويستمر يومين، منصة عالمية للتواصل بين قيادات المجتمعات المسلمة، في كل من كمبوديا وسريلانكا وروسيا وبريطانيا ودوّل البلقان وغيرها، ومجموعة من النواب المسلمين من جنوب أفريقيا، ونيجيريا وإريتريا والبرلمان الأوروبي ومن دول آسيا والأمريكتين. ويهدف لمد جسور التعاون بين قيادات المجتمعات المسلمة حول العالم، وتفعيل دورها الحضاري والحفاظ على أمنها الفكري والروحي وتحقيق العيش السليم المشترك، من خلال أكثر من 60 بحثاً للتعاون وتفعيل المواثيق الدولية، خصوصا تلك المتعلقة بالحقوق المدنية للأقليات، الأمر الذي يسهم في تحقيق الأمن العالمي. ويتصدر تفعيل الدبلوماسية الدينية أجندة المؤتمر، لدورها الكبير في فض النزاعات والحروب والفتن، ومواجهة تيارات العنف والكراهية بما يعزز الحوار بين الشعوب. وترتكز رؤية المؤتمر على تحقيق المشهد الحضاري للمجتمعات المسلمة، من خلال التفاعل الإيجابي مع باقي مكونات مجتمعاتها، وتعزيز منظومة المواطنة والاعتزاز بالانتماء الوطني. وكانت اللجنة المنظمة للمؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة، برئاسة الدكتور علي راشد النعيمي، أعلنت في 16 أبريل/ نيسان الماضي، من خلال مؤتمر صحفي عن إطلاق المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، ومقره العاصمة الإماراتية أبوظبي، ليمثل الغطاء القانوني والشرعي للمسلمين في مختلف أرجاء العالم.
يورو تايمز/ الحقوق محفوظة