ما هي قصة المافيا العربية و عالمها السري في ألمانيا؟
تسمى بعصابات العائلات العربية وهي موجودة في ألمانيا منذ عقود.
السرية بطبيعة الحال تحيط بها ولكن ما هو خطير فعلاً أن الصمت السياسي والأمني حولها يظهر حجم هيمنتها وقوتها.
العائلات هذه تتمركز في برلين وبريمن وأسن وهي مافيا بكل ما للكلمة من معنى وتشمل نشاطاتها السرقة والتجارة بالمخدرات والهيمنة على شوارع وأحياء والقتل والدعارة وغيرها.
قيل بأن هناك أكثر من 30 عائلة كل واحدة منها يصل عدد أفرادها الى 500 فرداً 10٪ منهم متورطين وبشكل دائم في أعمال إجرامية بينما البقية تشارك بين حين وآخر في الاعمال المافيوية وقلة قليلة لا علاقة لها بالنشاط الإجرامي المباشر.
يتم وصفهم بأنهم لبنانيين أو أكراد ولكن وفق موقع دوتشيه فيلا فإن هؤلاء مجموعة عرقية تسمى «المحلمية» وذلك نسبة الى القبائل القديمة التي سكنت منطقة جنوب تركيا وشمال سوريا. هؤلاء يعانون من أزمة هوية إذ انه غير مقبولين كعرب ولا كأكراد، ولكن المواقع الألمانية وصحفها تستخدم مصطلح «العرب» الذين تتنوع جنسيتهم بين لبنانيين واكراد وفلسطينيين ومؤخراً سوريين.
هؤلاء بدأوا بالوصول الى المانيا في بداية السبعينات ولكن اعدادهم تزايدت وبكثرة خلال الحرب الاهلية اللبنانية ومع سقوط حائط برلين إستفادوا من الفوضى ليتحولوا الى قوة لا يستهان بها.
نشاطهم الإجرامي واسع ويتنوع بين السرقة، والمخدرات، والدعارة، وجباية الآتاوات والقتل.
مؤخراً أعاد إلقاء القبض على 4 أشخاص على خلفية أكبر عملية سرقة للذهب من متحف في برلين المافيا العربية الى الواجهة وعاد الجدل مجدداً حول هذه العائلات وحول الصمت الحكومي وعجز الأجهزة الأمنية.
بعض من «أعمالهم»
في التاسع والعشرين من يوليو من العام الحالي تم إلقاء القبض على 4 منهم على خلفية عملية سطو طالت متحف في برلين. هؤلاء سرقوا عملة نقدية بحجم عجلة سيارة وزنها 100 كيلوغرام وتقدر قيمتها بأربعة مليون دولار من متحف بادو الذي يقع قبالة منزل المستشارة الالمانية انجيلا ميركل.
لهم هيمنة شبه مطلقة على «قطاع الدعارة» في برلين كما أنهم من أكبر تجار المخدرات
وهم يستغلون أطفال المخيمات الفلسطينية في لبنان اذ يتم تدريبهم وتهريبهم وإدخالهم الى المانيا بحجة انهم من طالبي اللجوء.
لا يكترثون للسلطة ولا القوانين وأكبر دليل على ذلك هو مشاجرة بين طفلين تحولت الى جدال بين عائلتين ثم مواجهة شملت 70 شخصاً وتطلب ضبط الوضع 90 عنصراً من عناصر الأمن.
أزمة النازحين .. أكثر ربحاً من تجارة المخدرات
في العام 2015 كشفت تقارير للشرطة الألمانية ان المافيا العربية تجني ثروات طائلة من خلال تأجير المباني للحكومة الألمانية التي تستخدمها كمراكز للنازحين السوريين وبأسعار متضخمة. وإتهمت الصحف ميركل بتحويل موضوع اللاجئين الى تجارة باتت بالنسبة للمافيا العربية دجاجة تبيض ذهباً وبالتالي يجنون منها أضعاف ما يتم جنيه من تجارة المخدرات.
منذ بداية وصول اللاجئين الى المانيا والمافيا العربية تقوم ببناء المراكز والمباني بشكل «هستيري» وعليه باتوا الجهة التي تؤجر والتي تتحكم بالأسعار. فسعر شقة 20 متر مربع في برلين والتي يتم عادة إستئجارها لخمسة نازحين إرتفع سعر إيجارها من 342 دولار الى 4221 دولار.
الشرطة تتفادهم
رغم الإعتقالات التي تتم بين حين وآخر والتي بطبيعة الحال لا تتناسب مع حجم النشاط الإجرامي فإن الشرطة تحاول قدر الإمكان تفاديهم. وفق المكتب الإتحادي لمكافحة الجريمة فإنه يصعب التحقيق في جرائمهم لان الاجهزة الامنية لا تملك القدرة على إختراقهم من خلال محققين سريين كما انهم يمارسون ضغوطات كبيرة على الشهود وقد ينتهي الامر بالشاهد مقتولاً أو بعائلته برمتها مقتولة.
ولكن امر بسيط مثل تحرير مخالفة مرور يمكنه ان يتحول الى أزمة اذ ما تلبث الحشود الغاضبة ان تقف بوجه الشرطة. في العام 2009 مثلاً إستجابت وحدة من الشرطة لنداء لإلقاء القبض على شخصين يمارسان الاحتيال، وما ان وصلوا حتى نزل 50 شخصاً الى الشارع وبدأوا اعمال شغب ولم تهدأ الأوضاع الا بعد ان تم إستدعاء الدعم.
مافيا بواجهة إجتماعية مرموقة
غسيل أموال تجارة المخدرات والدعارة وغيرها من الاعمال المافيوية يتم وبشكل ممنهج منذ سنوات. وعليه باتوا يستثمرون في أعمال قانونية وبالتالي يصعب على الاجهزة الامنية تتبع مصدرها ولكن ذلك ليس بعذر فغالبية الصحف الالمانية تدين الاجهزة الامنية وتحملها مسؤولية توسعهم بهذا الشكل بسبب غياب الرقابة. الإستثمار في أعمال قانونية جعل هؤلاء يستلقون السلم الإجتماعي وباتوا من أصحاب المؤسسات والمطاعم ووكالات تأجير السيارات والعقارات وغيرها.
صراعات داخلية ومع غيرهم من العصابات
بطبيعة الحال العائلات هذه ليست على توافق مطلق، فهناك صراعات ونزاعات داخلية كما هناك صراعات مع مافيات اخرى من جنسيات اخرى. فالصراع دائم على مصادر الربح مع بعضهم البعض ومع غيرهم. قصص التصفية عديدة جداً وهي غالباً ما تتمحور حول مخدرات مسروقة أو خلافات على حصة من عمل إجرامي ما.
الجثث التي ما تنفك الشرطة تعثر عليها يتم ربطها بسهولة بالمافيات العربية ولكن الأسباب الفعلية غالباً ما تبقى غير معروفة. صور قد تبدو وكأنها جزء من فيلم هوليوودي.. ولكنها ليست كذلك هي واقع معاش في المانيا.