اليونان.. الإعادة القسرية لا تردع المهاجرين عن المغامرة بحياتهم من جديد
يحاول عدد متزايد من المهاجرين دخول اليونان من تركيا عن طريق البر. هذا في وقت تتحدث تقارير عن لجوء السلطات اليونانية لممارسات تخالف القانون الدولي كالإعادة القسرية إلى تركيا. "مهاجر نيوز" تلقت مقطع فيديو تم تصويره بسرية من قبل شخص يقول إنه كان ضحية إحدى تلك العمليات.
لم يتوقع الصحفي الكردي هيوا دارتاش وزوجته دناز أن تكون رحلتهما للفرار من كردستان العراق إلى أوروبا ستكون نزهة، غير أن ما لم يخطر على بال الزوجين هو أن يتم إلقاء القبض عليهما لحظة وصولهما اليونان ويُحبسا في غرفة صغيرة ويجردان من متعلقاتهما الشخصية ومن ثم يتم إبعادهما من قبل قوات ملثمة عبر الحدود إلى تركيا. لو كانا يعلمان ما سيحل بهما، ربما كان الزوجان قد فكرا في خطط مختلفة.
"كان السجن عبارة عن زنزانة بطول أربعة أمتار وبعرض مترين. النوم والتبول والتغوط في نفس الزنزانة (…) أخرجوا النساء والأطفال من الزنزانة وأحضروا أكثر من 50 سجين جديد. كنا نتصارع على نسمة الهواء من الاكتظاظ. حاولنا كسر الباب، وعلى إثر ذلك تعرضنا للضرب". يقول هيوا دارتاش وزوجته دناز أنهما أفلحا في الإفلات من قبضة الاعتقال في تركيا، إلا أن أكثر من 90 آخرين لم يحالفهما الحظ ووقعا في قبضة الأتراك بعد الإبعاد.
صور من فيديو الصحفي الكردي هيوا دارتاش
تقرير: وتيرة متسارعة
قصص من النوع الذي حصل مع الصحفي الكردي وزوجته خرجت إلى العلن بشكل متواتر في الآونة الأخيرة، حسب تقرير للمجلس اليوناني للاجئين GCR. في الشهور الأولى من هذا العام نشر المجلس تقريراً (رابط) يحوي عدداً كبيراً من الشهادات تتحدث عن حالات إبعاد ورمي تجري في منطقة إيفروس على الحدود التركية-اليونانية. ويدعي التقرير أن السلطات اليونانية تقوم، وبشكل ممنهج، باعتقال من هم بحاجة للحماية من "طالبي اللجوء وحتى اللاجئين المعترف بهم"، وتعيدهم إلى تركيا.
ويشار إلى أن المادة الرابعة من البرتوكول الرابع للميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان (ECHR) تنص على حظر إعادة طالب اللجوء قسريا إلى البلد الذي دخل منه.
ظروف مزرية وعنف
يزعم تقرير المجلس اليوناني للاجئين أن من بين ضحايا الإعادة القسرية مهاجرون من الفئات الضعيفة: أطفال وحوامل وأشخاص تعرضوا في بلدانهم للتعذيب. ويتحدث التقرير عن "مراكز احتجاز" يقوم عليها رجال مقنعون وآخرون يرتدون اللباس الرسمي للشرطة اليونانية أو لباسا شبه عسكري. ويضيف التقرير أن المقتنيات الشخصية للمعتقلين يتم مصادرتها ولا تعاد إليهم: النقود والهواتف النقالة وبطاقات الهوية الشخصية وأوراق الإقامة الشرعية.
ويسجل التقرير أن تلك الممارسات تعرض لها طالبو اللجوء الذين لا تبدو حظوظهم جيدة في الحصول على حق اللجوء ومن تقدم بطلب لجوء في اليونان، وحتى من مُنح حق اللجوء في بلد أوروبي آخر ويحاول دخول اليونان بطرق غير نظامية.
حمل يثقل الكاهل
في حين تراجعت أعداد طالبي اللجوء الواصلين إلى بقية البلدان الأوروبية مقارنة بعام 2015، فإن العبء الملقى على عاتق اليونان كبلد وصول أوليّ يبقى كبيراً. إذ سجلت السلطات وصول 22899 طالب لجوء في النصف الأول من العام الجاري، وهو رقم يشكل ضعفي العدد في الفترة نفسها من العام الفائت. ولم يدخل أي بلد أوروبي مثل هذا العدد من طالبي اللجوء.
كما تغيرت الطرق التي يسلكها طالبو اللجوء. فبعد إغلاق طريق البحر عبر الجزر اليونانية إلى حد كبير، لجأ المهاجرون إلى الطريق البري عبر الحدود مع تركيا. وقد سجلت المنظمة الدولية للهجرة ارتفاعا سريعا في أعداد المهاجرين السالكين للطريق البري.
The plight of Syrian refugees continues – as the one of this group of Syrians in Greece after having crossed the Evros river in April 2018 | Credit: REUTERS
الصورة من رويترز. لاجئون سوريون على طريق بري بعد دخولهم إلى اليونان من تركيا عبر نهر ايفروس
اتهامات بخرق القانون الدولي
تتعرض اليونان لضغوط كبيرة بعد انتشار أنباء تفيد أنها تلجأ للإعادة القسرية. وجاءت تلك الضغوط من عدة جهات منها مجلس أوروبا والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ويقول الخبراء القانونيون في اليونان إن ممارسات السلطات تعتبر خرقا للقانون وتشمل ممارسات غير إنسانية ومعاملة مهينة وتعريض حياة البشر لخطر الموت والتعرض للتعذيب بعد إعادتهم القسرية.
وقد حاول موقع مهاجر نيوز الاستفسار من وزارة سياسات الهجرة اليونانية عن الأمر، إلا أنه لم يتلق أي رد منها. ومن جهته يقول المحامي في المجلس اليوناني للاجئين، كليو نيكولوبولو، إن السلطات لا تعترف بأنها تقوم بإعادة طالبي اللجوء قسرياً إلى تركيا.
الصحفي الكردي هيوا دارتاش وزوجته دناز عازمان على عدم ترك نفسيهما فريسة لليأس: "لا مفر من محاولة الكرة من جديد للعبور من تركيا إلى اليونان". بيد أنهما يعرفان، هذه المرة على الأقل، ماذا ينتظرهما في بلاد الإغريق.
infomigrants