لاجئون سابقون يطالبون بلدانهم باستضافة لاجئي سوريا
فوادة هاتكيتش تتذكر بكل دقة أيام هروبها عندما وصلت في نوفمبر 1993 إلى وطنها الحالي سويسرا حيث كانت جريحة ونحيفة بسبب الجوع، كما تروي. هاتكيتش وُلدت في تسليتش، مدينة صغيرة في شمال البوسنة والهرسك. وقبل 25 عاما كانت مجبرة مع ابنتها في شهرها الرابع حينها على الهرب من حرب البوسنة. هاتكيتش كانت محظوظة عندما وصلت عبر صربيا والمجر والنمسا وألمانيا إلى سويسرا. "الكثير من مواطني بلدي لم يتمكنوا من النجاة على هذه الطريق"، تقول هاتكيتش. وفي سويسرا تمكنت الأخصائية في التربية الاجتماعية من بداية حياة جديدة.
وهاتكيتش مذهولة اليوم من التحريض الحاصل ضد اللاجئين في وطنها السابق البوسنة والهرسك. "نحن بالتحديد وجب علينا معرفة ذلك بشكل أفضل"، تقول هاتكيتش التي تخجل من السياسة في البوسنة والكثير من البوسنيين الذين يعاملون اللاجئين من سوريا وبلدان أخرى بدون كرامة. وقبل أيام أطلقت بالاشتراك مع ابنتها أميلة وبدعم من المدون كريستوف باوم غارتن عريضة # لأننا بشر.
وفي رسالة مفتوحة إلى الحكومة البوسنية ناشدت السياسيين وضع حد للتحريض ضد اللاجئين والتوقف عن تأجيج ذلك: "أنتم تسمحون بأن يتم التحريض ضد هؤلاء الناس، وأن يتم وصفهم كلصوص وكخطر على البوسنة وككيان يجب خشيته".
بدون سقف فوق الرأس
هاتكيتش لا تريد تخيل المتاعب التي يتحملها هؤلاء الناس اليوم من أجل الهرب. فبالنسبة إلى 7.000 لاجئ الذين قدموا هذا العام إلى البوسنة لا يوجد تخفيف لتلك المتاعب، بل العكس، لأن الكثير منهم مرغمون على العيش في العراء والاكتظاظ داخل خيم وفي الغالب بدون طعام ولا سقف. "يوجد معسكر لاجئين رسمي بالقرب من موستار تسهر عليه الحكومة"، يقول باوم غارتن "هناك تسير الأمور إلى حد ما".
وفي منطقة سراييفو الكبيرة يتم إيواء اللاجئين في مساكن طوارئ وتعتني بهم منظمات إغاثة. ويوجد أيضا أشخاص في المجتمع المدني ومنظمات إغاثة تلتزم، لكنها تفقد هي الأخرى مع مرور الوقت الأموال والموارد. "وفي الجانب الآخر توجد مخيمات عشوائية، وفي بهادج يقيم مئات الأشخاص داخل رواق شركة"، كما يقول باوم غارتن.
ويكون الوضع خطيرا بالنسبة إليهم على الحدود مع كرواتيا حيث واجه مؤخرا لاجئ سوء معاملة من طرف رجال شرطة كروات بعدما حاول تجاوز الحدود. "الناس مسجونين حاليا في البوسنة"، يقول باوم غارتن. عندما يتم إغلاق طريق البلقان يتم التسبب في كوارث إنسانية. والرسالة المفتوحة ليست بالتالي موجهة إلى الحكومة البوسنية فقط، بل أيضا إلى الاتحاد الأوروبي الذي تخلى في هذه القضية عن البوسنة. كما أن وسائل الإعلام الشعبية البوسنية تساهم في اشتداد دوامة المشاهد السلبية بشكل كامل، يشرح باوم غارتن.
والعريضة لقيت أكثر من 150 موقعا والكثير من المساندين، بينهم الفنانة البوسنية عايدة سيهوفيتش التي تعيش اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية أو دنيزا هوزيتش الملتزمة ضمن الحزب الاشتراكي في النمسا العليا. ومساندون إضافيون ينحدرون من ألمانيا وصربيا وكذلك سلوفينيا.
"يجب وقف التحريض"
وتم جلب الاهتمام للموضوع من خلال إصدار العريضة في مجلة "كوسمو" الصادرة في فيينا. وتركز المجلة تغطيتها على الناس من يوغوسلافيا السابقة في النمسا. وتقول الصحفية دوزيتشا بافلوفيتش من مجلة "كوسمو" التي ترجمت الرسالة المفتوحة إلى البوسنية: " نريد تغطية الظروف الحالية في البوسنة لكي يحصل اللاجئون في البوسنة، لكن أيضا أكثر من ألف مساعد متطوع على صوت". وتضيف بافلوفيتش إنه بالطبع من المستحيل بالنسبة إلى بلد مثل البوسنة فيما يخص مأوى اللاجئين ضمان نفس الظروف الموجودة في النمسا وسويسرا أو ألمانيا. ولكن لو على الأقل توقفت أعمال التحريض، وتم إيجاد مستويات أولية، فقد نكون قد حققنا بعض النتائج. "هذا الموضوع لا يهم في النهاية فقط البوسنة والهرسك، بل أيضا الاتحاد الأوروبي"، تقول زميلتها في مجلة "كوسمو" الصحفية مانويل بارير. "نريد خلق وعي من أجل ذلك".
ويأمل المحررون في أن تصلهم فيديوهات إضافية يحكي فيها لاجئون بوسنيون سابقون عن تجاربهم. ولا يتوقع أحد من أصحاب المبادرة صدور مواقف رسمية عن الحكومة. لكن يوجد أمل، كما يؤكد ذلك باوم غارتن الذي قال:" إذا حصل من خلال العريضة اهتمام على مستوى الاتحاد الأوروبي، فإن الحكومة البوسنية ستقع تحت ضغط التبرير. وإثرها على أبعد تقدير يجب عليها التدخل".
dw