النمسا تضغط على اللاجئين بخفض المساعدات
غير أن مواقف الناخبين من المهاجرين تشددت بسبب المخاوف الأمنية والاقتصادية، بعد أن قبلت النمسا أكثر من 1% من سكانها من طالبي اللجوء في عام 2015.
وغذى ذلك التأييد لحزب الحرية اليميني المتطرف، وكاد مرشحه أن يفوز في انتخابات الرئاسة العام الماضي، وما زالت الهجرة القضية السياسية المهيمنة قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 15 أكتوبر (تشرين الأول).
وفي يناير (كانون الثاني) خفض النواب في ولاية النمسا السفلى حيث يعيش علي المساعدات المقررة للوافدين الجدد، وقال النواب إن من الضروري حماية نظام المساعدات من طوفان اللاجئين.
وانتقل علي وزوجته الحامل من جديد إلى فيينا في يوليو (تموز)، حيث تصرف لهما المساعدات بالكامل.
وقال علي "معظمنا هرب عندما وصل الخطاب ليخطرنا بأن مساعداتنا الاجتماعية ستخفض، في البداية لم نصدق ثم شاهدنا ذلك في حساباتنا المصرفية".
وأضاف علي أنه لم يتقن بعد اللغة الألمانية بما يتيح له العثور على عمل.
وقررت 3 من ولايات النمسا التسع، هي النمسا السفلى وبورجنلاند والنمسا العليا، خفض المساعدات للوافدين الجدد، ويريد وزير الخارجية زعيم حزب الشعب المحافظ سيباستيان كورتس، الذي يتصدر استطلاعات الرأي تطبيق تخفيضات مماثلة على مستوى البلاد.
أما المستشار كريستيان كيرن، الذي تبين استطلاعات الرأي أنه يتنافس على المركز الثاني مع حزب الحرية، فقاوم الفكرة، لكنه قال إنه سيؤيدها في الحالات التي يرفض فيها الوافدون الجدد عروض العمل.
التحدي القانوني
حتى الآن، أثرت التخفيضات في الأساس على مهاجرين من أمثال علي طلبوا اللجوء في النمسا عندما فتحت حدودها عام 2015، وذلك رغم أن بعض النمساويين العائدين لبلادهم تأثروا بالتخفيضات أيضاً.
وفي بورغنلاند، تطبق القواعد على كل الناس الذين يطلبون مساعدة وأمضوا أقل من 5 سنوات من السنوات الست السابقة على تقديم الطلب في النمسا.
وصور بيان مرفق بمشروع القانون في النمسا العليا التخفيضات على أنها وسيلة لمعالجة مشكلة "جاذبية مساعدات الرعاية" فيما يخص اللاجئين، وامتنعت حكومة النمسا السفلى عن التعقيب بسبب تقديم طعن قانوني على التخفيضات.
وفي دعوى قضائية رفعتها جمعية خيرية، من المتوقع أن تصدر المحكمة الدستورية في النمسا قرارها فيما إذا كانت التخفيضات التي قررتها ولاية النمسا السفلى في أواخر عام 2016، وطبقتها منذ أوائل العام الجاري مخالفة للقانون.
وتنص اتفاقية اللاجئين التي أبرمتها الأمم المتحدة عام 1951، على ضرورة أن تقدم الدول المضيفة للاجئين نفس المعاملة التي تتيحها لرعاياها فيما يتعلق بالمساعدات العامة.
وأصدر الاتحاد الأوروبي توجيهات مماثلة عام 2011، ونددت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين "بالنقاش الدائر حول كراهية الأجانب" في الدوائر السياسية في النمسا قبل الانتخابات، ووصفت خفض المساعدات بأنه مخالف للقانون الدولي والقانون الأوروبي غير أنه لم يتم رفع أي دعاوى على المستوى الدولي.
ودافعت متحدثة باسم ولاية بورغنلاند عن خفض المساعدات، وذكرت أنها تستهدف الرعايا النمساويين أيضاً.
وأضافت "من هنا لا توجد مخالفة لتوجيهات الاتحاد الأوروبي أو اتفاقية اللاجئين".
وقال متحدث باسم كورتس إنه سيتم إقرار تشريع لتوسيع نطاق التخفيضات وصياغتها بشكل "لا يدع الفرصة لظهور أي شك لدى أعلى المحاكم".
حد الكفاف
خفضت الولايات الثلاث المساعدات للوافدين الجدد حتى بعد حصولهم على اللجوء إلى حوالي 570 يورو (669 دولاراً) في الشهر، أي أقل من نصف الحد الأدنى للفقر البالغ 1200 يورو، بالمقارنة مع حوالي 850 يورو للنمساوي الذي لم يسافر للخارج قط، وتقرر أن يكون الحد الأقصى للأسرة 1500 يورو.
وبدلاً من العيش على أقل مما يعتبره أغلب النمساويين حد الكفاف، اختار كثيرون ممن شملهم التخفيض الانتقال وخاصة إلى العاصمة.
وانتقل علي إلى شقة ليقيم مع أقاربه في مبنى متداع على أطراف المدينة بإيجار 1100 يورو في الشهر.
وقال علي في غرفة المعيشة التي تضم أريكتين وجهاز تلفزيون وصورة للزعيم الكردي مسعود برزاني "لا يهمهم كم طفلاً لديك، وربما يخفضونها من جديد".
ووجد علي شققاً أرخص لكن مالكيها لا يريدون تأجيرها للاجئين، وقالت مالكة إحدى الشقق إنها تخشى خفض المساعدات الاجتماعية للاجئين في فيينا أيضاً.
وقال رئيس مكتب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في النمسا كريستوف بينتر: "بدلاً من تخفيض شبكة الأمان الاجتماعي يجب دعم الاندماج والاستقلال، نخشى أن تعلم اللغة والتدريب والبحث عن عمل سيتأثر إذا لم يعرف المعنيون كيف يسددون إيجاراتهم".
ورغم أن حزب الحرية والمحافظين بزعامة كورتس كانوا الأعلى صوتاً فيما يتعلق بخفض مساعدات الوافدين الجدد، فإن الولايات الثلاث التي أقرت التخفيضات تحكمها ائتلافات ثنائية مختلفة من الأحزاب السياسية الرئيسية الثلاثة.
غير أن أغلب الذين تأثروا بالتخفيضات ممن تحدثت إليهم رويترز يخشون فوز كورتس في الانتخابات.
وقال سوري يدعى باسل من درعا عمره 24 عاماً "إذا فاز كورتس فستكون مشكلة كبيرة"، وانتقل من ولاية النمسا السفلى إلى فيينا في يوليو (تموز) وترك أصدقاءه وعمله كمصفف شعر.
وأوضح أن التخفيضات تشل الناس من أمثاله من الخوف، وأضاف "وتتوقف عن التفكير في المستقبل".