داعشي يرغب بالعودة لإيطاليا ويخشى “الخلايا النائمة”
وتحدث منصف المخير (22 عاماً) المنحدر من أصول مغربية ونشأ في إيطاليا إلى رويترز في أول مقابلة منذ استسلامه لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة قبل شهرين.
والرجل محتجز في السجن منذ خروجه من قرية الباغوز، آخر جيب للتنظيم في شرق سوريا. وتتأهب قوات سوريا الديمقراطية لانتزاع الباغوز من التنظيم الذي بسط سيطرته في وقت من الأوقات على ثلث العراق وسوريا.
وتحدث المخير عن تزايد الفوضى بين أعضاء التنظيم مع اقتراب الهزيمة وعن نزاعات بينهم مع فرار كبار القادة من سوريا.
لكنه أوضح أن داعش تخطط للمرحلة التالية، وتهرب مئات من الرجال لتؤسس خلايا نائمة عبر العراق وشرق سوريا، وأن المتشددين مصممون على الرد.
والمخير واحد من آلاف من أنحاء العالم جذبتهم وعود إقامة خلافة إسلامية تتجاوز الحدود. ووصفه مسؤولو الأمن الأكراد بأنه إيطالي، ويقول هو إنه يحمل الجنسية الإيطالية.
وقال المخير الذي يسير على عكازين بعد إصابة ساقه في القصف "أنا أتمنى أن أرجع إلى إيطاليا عند أهلي وأصدقائي…يستقبلوني يساعدوني أن أعيش حياة جديدة. أنا أريد فقط أن أخرج من هذا الفيلم تعبت".
من ميلانو إلى الميادين
تقول وسائل إعلام إيطالية إن محكمة في ميلانو قضت على المخير في عام 2017 بالسجن ثمانية أعوام بتهمة نشر دعاية لداعش ومحاولة تجنيد إيطاليين. ونتيجة لذلك، فمن المحتمل أن يقضي العقوبة إذا عاد إلى إيطاليا.
وأجرت رويترز معه المقابلة في مكتب أمني بشمال سوريا في وجود مسؤول من قوات سوريا الديمقراطية.
ومع اقتراب النصر، تسعى قوات سوريا الديمقراطية لحل معضلة المقاتلين الأسرى الذين جاءوا من الخارج بزوجاتهم وأطفالهم للالتحاق بالتنظيم.
وقبل الهجوم النهائي على الباغوز، قالت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد إنها تحتجز نحو 800 متشدد أجنبي فضلاً عن وجود ألفين من زوجات وأطفال المتشددين داخل مخيمات. وارتفع العدد بشكل كبير منذ ذلك الحين.
وتريد قوات سوريا الديمقراطية إعادة المتشددين الأسرى إلى بلدانهم الأصلية. لكن الحكومات الأجنبية لا ترغب في استقبال مواطنين قد تجد صعوبة في مقاضاتهم بعدما بايعوا الخلافة التي ارتكبت سلسلة من المجازر.
وانضم المخير، الذي كان ملحداً ويهوى موسيقى الراب ويحلم بالانتقال إلى الولايات المتحدة، إلى داعش في سن الثامنة عشرة.
وقال إنه قضى معظم حياته في ميلانو مع خالته التي يصفها بأنها أمه قبل إيداعه في دار يشرف عليها قس إيطالي للشبان الذين يعانون من اضطرابات . وقضى المخير أيضاً شهراً في السجن في تهمة تتعلق بالمخدرات.
وبعد ذلك، بدأ يشارك في تسجيلات فيديو لداعش على موقع يوتيوب، ويتحدث إلى المسؤولين عن التجنيد على موقع فيس بوك. واحتاج الشاب شهراً واحداً ليقرر الانتقال إلى سوريا مع أحد أصدقائه قبل أربعة أعوام.
وقتل صديقه فيما بعد بساحة المعركة. وبعد تدريب عسكري وديني، حارب المخير على جبهات عديدة. وبعدما خسر التنظيم مدينة الرقة معقله في سوريا، اتجه المخير إلى الميادين على نهر الفرات ثم اتجه شرقا عبر الصحراء باتجاه الحدود العراقية.
"نحن نخرج"
وقال المخير إنه وسط سلسلة من الهزائم العسكرية في شرق سوريا، عمت الفوضى بين زعماء التنظيم مشيراً إلى أنهم قتلوا رجال دين وقادة منافسين.
وأضاف أنه حاول الفرار من القتال لكنه وُضع في السجن ثم أرسل مجددا للخطوط الأمامية مع احتدام الهجمات.
وأصيب المخير في الباغوز حيث قال إن المتشددين انقسموا بين مجموعة ترغب في الاستسلام وأخرى آثرت القتال حتى الموت.
وقال المخير إن زوجته، وهي كردية سورية من كوباني تزوجها قبل ثلاثة أعوام، أقنعته بالرحيل.
وأضاف "خلاص قلنا نحن نخرج نحن نشوف أطفال ماتوا من الجوع…صار شي فوق الطاقة فأنا شوف طفلي صغيرة ماريا ضعيفة كتير فخفت على أطفالي يموتوا".
وقال إنه لا يستطيع النوم من التفكير في زوجته وطفلتيه المقيمات في مخيم للنازحين بجزء آخر في شمال شرق سوريا. وتنتظر زوجته مولوداً جديداً خلال شهر.
وأوضح المخير أنه لا يزال يؤمن بفكرة إقامة خلافة للمسلمين لكنه اتهم قادة تنظيم داعش بحكم الأراضي التي كانت تابعة للتنظيم مثل "المافيا" عبر السعي فقط لجمع المال وانتهاك القواعد التي أسسها التنظيم ذاته مع الإفلات من العقاب.
وقال إن القادة سرقوا الأموال وفروا إلى تركيا أو العراق أو دول أوروبا الغربية وأمروا الأعضاء بالبقاء والدفاع عن الإسلام.
وأوضح "هذا فكر أنا لن أغيره ولكن هون بالدولة لا يوجد هاد الشي يعني هو في الظاهر موجود هاد الشي ولكن في الحقيقة مو موجود…لا يوجد عدل".
وأضاف" بصراحة أنا جيت بسرعة لهنا فلما جيت لهنا وجدت فيلماً آخر".