فرنسية تعافت من فيروس كورونا تروي معركة علاجها من المرض… “26 يوما بدون أن أضم ابنتي وزوجي”
تروي إحدى المتعافيات من فيروس كورونا في فرنسا قصتها مع المرض بمراحله المختلفة، منذ تشخصيها "إيجابيا" حتى شفيت بالكامل. ساندرين هوريز شوليتسكي، البالغة من العمر 48 عاما، والتي تعمل كمساعدة مدير مدرسة جان دو لا فونتان للمرحلة الإعدادية بمنطقة لواز بشمال فرنسا، كانت من أوائل الفرنسيين الذين أصيبوا بكوفيد-19.
بدأت القصة ليلة 25 إلى 26 فبراير/شباط حين توفي زميلها، أستاذ مادة التكنولوجيا بمدرسة جان دو لا فونتان الإعدادية بمنطقة لواز (شمال فرنسا) عن عمر ناهز 60 عاما. وبعد مرور ثلاثة أيام فقط، ولم تكد ساندرين هوريز شوليتسكي مساعدة مدير المدرسة تستفيق من حزنها على رحيل زميلها المفاجئ حتى علمت أنها حاملة لـفيروس كورونا المستجد.
للإجابة على هذا السؤال، فقد روت ساندرين قصتها في مقال نشرته صحيفة لوموند الفرنسية الأربعاء، وقالت إن كل شيء بدأ في العطلة الدراسية الشتوية عندما ذهبت برفقة زوجها وابنتها البالغة من العمر 11 ربيعا إلى بيت والدتها الواقع بمنطقة نورماندي (شمال غرب فرنسا)، وحين عودتها في 21 فبراير/شباط شعرت بارتفاع شديد في درجة حرارة جسدها، وبآلام قوية أسفل الظهر وفي الساقين.
في اليوم التالي، أخبرها الطبيب أنها تعاني من أعراض الأنفلونزا، كما قالت للصحيفة المسائية. وتابعت قائلة: "حينها قررت عزل نفسي عن زوجي وطفلتي"، مضيفة: "اتخذت هذا الإجراء دون أن أعلم بأنني أحمل الفيروس القاتل".
وبعد مرور أربعة أيام، اتصلت ساندرين هوريز شوليتسكي بطبيبها لتخربه بأنها تعاني من سعال والتهاب في الجيوب الأنفية، فقرر الطبيب إعطاءها مضادات حيوية.
وتسرد شوليتسكي مضيفة أن كل هذه التفاصيل قد حدثت قبل علمها في 26 فبراير/شباط بوفاة زميلها في العمل، حينها قرر طبيب العمل الخاص بالهيئة التعليمية وضعها قيد الحجر الصحي وطلب منها إبلاغ الطوارئ.
وفي 28 فبراير/ شباط تلقت ساندرين اتصالا من خدمة المستشفى الجامعي بمدينة أميان وطُلب منها الحضور بمفردها إلى المستشفى لإجراء تحاليل هامة.
ساعات انتظار طويلة
فكيف تم استقبالها في المستشفى؟ "العاملون داخل هذه المؤسسة الصحية كانوا رائعين رغم أننا كنا نحو 25 شخصا مكدسين جميعا داخل غرفة ضيقة في انتظار إجراء التحاليل"، كما أن "الأمر استغرق ساعات طويلة لكي يستطيع الطاقم الطبي اتمام الاستعدادات الوقائية المناسبة" إذ "كانت تلك تجربتهم الأولى في التعامل مع احتمال وجود إصابات بفيروس كورونا في منطقة سكني".
وفي 29 فبراير/ شباط، تلقت المعلمة اتصالا لإخبارها أنها مصابة بفيروس كورونا، وأن عليها أن تظل في المستشفى للخضوع لاختبار آخر في 2 مارس/ آذار. وكانت النتائج إيجابية لتتأكد إصابتها بالفيروس.
المثير في الأمر أنها حين دخلت إلى المستشفى لم يظهر عليها أية أعراض، فانخفضت حرارتها وتوقفت عن السعال، لم تكن تعاني إلا من صداع شديد وإسهال وفقدان لحاسة الشم.
وتروي المريضة السابقة أن المصابين بفيروس كورونا يخضعون إلى إجمالي أربعة تحاليل مختلفة، مشيرة إلى أنها خضعت بالفعل لاختبار ثالث استغرق صدور نتائجه وقتا طويلا نظرا لبدء انتشار الفيروس في فرنسا حينها، ثم لاختبار رابع أكد إصابتها بالمرض.
وعلمت ساندرين في 16 مارس/ آذار أنها ستظل في المستشفى لمدة سبعة أيام إضافية، رغم أنها لم تتلق أي علاج حتى ذلك اليوم. وأخبرها الفريق الطبي أنه في حال لم تظهر عليها أعراض المرض في غضون سبعة أيام، سوف تمر بفحص طبي وليس باختبار ومن ثم يمكن اعتبارها "متعافية".
26 يوما بدون أن أضم ابنتي وزوجي
يمثل العبء النفسي على المريض ضغطا هائلا، فشبح الانتظار ومراقبة النفس عن كثب مرهق نفسيا، وهو ما أكدته المريضة السابقة قائلة: "حاولت أن أبقى صامدة هادئة ولجأت إلى تطبيقات تساعد على التأمل والهدوء، وأقنعت نفسي أنه في غضون سبعة أيام من الحجر الصحي في المستشفى سوف أتعافى من هذا المرض"، مضيفة "مرت 26 ليلة وضحاها بدون أن أضم ابنتي وزوجي. الأمر شاق نفسيا".
وتقول المريضة المتعافية من الفيروس: "أخبرني الأطباء أنه بإمكاني أن أقوم بالحجر الصحي في الطابق الأرضي لمنزلي ولكني لم أسمح لنفسي بذلك، فقد أردت التأكد من سلامة ابنتي وزوجي".
ولم تمتنع ساندرين تماما عن رؤية زوجها وابنتها فهي تقول إنها "محظوظة" لكونها تعيش في الريف، فقد كان بإمكانها التنزه مع زوجها وابنتها وهي مرتدية القناع الطبي ومتلفحة بحجاب فوق القناع للتأكد من عدم انتشار أي رذاذ من فمها أو أنفها.
إسدال ستائر المنزل
وقالت ساندرين في مقالها مع صحيفة لوموند: "حين كنت أذهب للتنزه وعلى الرغم من ارتدائي القناع الطبي إلا أن المارة كانوا يبتعدون عني". وأضافت: "في قريتي الصغيرة، حين علم السكان بتسجيل حالة إصابة بالفيروس، تسابقوا إلى معرفة من هي ومن أي عائلة؟، لم أكن أريد أن أعرض ابنتي إلى مثل هذا الموقف فطلبت من زوجي إسدال جميع ستائر المنزل".
وعن الحجر الصحي، تروي مساعدة مدير مدرسة جان دو لا فونتان: "كنت منغلقة على نفسي، وكنت أرفض فتح باب الغرفة خوفا من خروج الفيروس"، ثم "بمرور الوقت بدأت تتكون مجموعات من الأصدقاء والزملاء على تطبيق واتسآب لمساندتي، وتجنبت تماما مشاهدة التلفزيون، فالأمر مخيف…".
منذ خروجها من الحجر الصحي وهي في حالة أفضل بكثير، تقول ساندرين "بات جسدي نحيلا، وفي بعض الأحيان أشعر برعشة شديدة غير مبررة حتى اليوم، ولم أستعد تماما حاسة الشم، أما الإسهال فيأتي بين الحين والآخر، لكن ما يخيفني هي العواقب المحتملة للمرض، إذ يبدو أننا سنعيش ما تبقى من حياتنا ببعض من آثاره".
مها فريد
فرنسا 24