التبرع بالأعضاء توجه آخذ بالانتشار بين اللاجئين في ألمانيا
تشمل عمليات زرع الأعضاء الشائعة: الكلى والقلب والكبد والبنكرياس والأمعاء والرئتين ونخاع العظام والجلد والقرنيات. ويمكن التبرع ببعض الأعضاء والأنسجة من قبل المتبرعين الأحياء، مثل الكلى أو جزء من: الكبد أو البنكرياس أو الرئتين أو الأمعاء، ولكن معظم التبرعات تحدث بعد وفاة المتبرع.
تعتبر ثقافة التبرع بالأعضاء أمرا غير شائع كثيرا في المجتمع الألماني، فوفقا للأرقام الرسمية الموجودة على الموقع الرسمي الإحصائي organspende-info.de بلغ عدد المتبرعين بأعضائهم بعد وفاتهم 955 متبرعا عام 2018 وهو يزيد بـ 20 بالمئة فقط عن العام الذي سبقه والذي بلغ 797 شخصا فقط.
بالمقابل وأمام هذه الأرقام الضئيلة من المتبرعين يوجد حوالي 9500 شخص على قائمة الانتظار في ألمانيا للحصول على مانح لهم من أجل إتمام عملية نقل العضو، فيما توفي 901 شخصا وهم على قائمة الانتظار عام 2018 وذلك بسبب عدم وجود أية جهة متبرعة.
وفي حين تمتلك إسبانيا أكبر عدد من المتبرعين بأعضائهم بعد الوفاة أوروبيا بحسب الموقع الإحصائي، فإن ألمانيا واحدة من البلاد التي لديها عدد قليل من التبرعات في الأعضاء ضمن الاتحاد الأوروبي.
هذه الأرقام تظهر الأهمية الكبيرة للمبادرة التي بدأت تنتشر بين بعض اللاجئين في السماح بالتبرع بأعضائهم بعد الوفاة، ونبين مقدار الاستفادة خاصة لقائمة الانتظار الطويلة من المرضى الذين هم بحاجة ماسة إلى متبرع.
أردت فقط إنقاذ حياة إنسان
ميديا محمود لاجئة سورية في ألمانيا تبلغ من العمر 36 عاما وأم لطفل، وهي إحدى المبادرات للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة. وتؤكد محمود أن الفعل الذي قامت به بعد أن تملكها إحساس أنها قد تستطيع أن تنقذ حياة إنسان أو أكثر بعد وفاتها. وتقول: "شاهدت العديد من الاعلانات الخاصة بهذا الأمر، ووصلتني رسائل من شركة التأمين في حالة رغبتي بالتبرع إلا أن الأمر احتاج مني بعض التفكير". وتعترف محمود أن ثقافة التبرع بالأعضاء جديدة عليها، بيد أنها قررت أن تقوم بهذا الأمر حبا في عمل الخير، وأيضا كنوع من العرفان للبلد الذي استقبلها ومنحها الحماية.
وتوضح "حين قمت بالتوقيع على الأوراق لم يكن يهمني من سيحصل على هذه الأعضاء، وإن كان لاجئا أم ألمانيا، طفلا أم امرأة، أردت فقط أن أساهم في تقديم فرصة حياة للآخرين مهما كان لونهم ودينهم وجنسهم". وتعترف محمود أنها واجهت بعض الصعوبات في إقناع العديد من الأصدقاء فيما قامت به وتقول لمهاجر نيوز: "بالرغم من أن عائلتي تقبلت الأمر، العديد من أصدقائي أقروا بأنها خطوة صعبة وغير قابلة للتنفيذ من قبلهم".
تغيير الصورة النمطية
الصعوبة في إقناع من حولها دفع أيضا اللاجئة السورية كاجين دمرجان (25 عاما) والأم لطفلة إلى إخفاء الأمر عن أهلها. دمرجان التي تسكن في هولندا منذ 6 سنوات والتي وقعت على أوراق تبرع الأعضاء مع أحد شركات التأمين، قالت إنها أرادت من هذه الخطوة أن تشارك من خلال هذه الخطوة في تقديم الأمل للمرضى، متمنية أن يسهم هذا الامر في تغيير الصورة النمطية عن اللاجئين. وتقول لمهاجر نيوز: "لم أستطع إخبار أهلي، خشيت معارضتهم، بيد أنني كنت مصممة على هذا الأمر" وتتابع "فجعنا بوفاة قريب لي، ودفعنا الكثير من المال كي يدفن، ثم توصلنا برسالة بعد عدة سنوات مفادها أن على العائلة الدفع مجددا من أجل الاحتفاظ بالقبر".
وترى دمرجان القادمة من القامشلي في شمال سوريا، أن هذه المبالغ الطائلة من أجل الدفن مبالغ فيها، وفي حين قام بعض أفراد عائلتها بعقد اتفاقيات مع شركات خاصة من أجل الدفن في الوطن، قامت هي بشكل منفرد بالتوجه إلى شركة التأمين، والتبرع بأعضائها. وتقول: "كيف سيشعر المتلقي حين يعلم أن هذه الأعضاء تعود للاجئ، وأنه قدم هذه الأعضاء من أجل إنقاذ حياته وحياة الناس هنا في هذا البلد؟".
معارضة ورفض
بيد أن هذا التوجه لم يجد نفس القبول والحماسة لدى لاجئين آخرين، فبلال وهو لاجئ من دمشق كما عرف بنفسه أعلن عن رفضه التام لهذه الخطوة، مشددا على أنه لن يعبأ بهذا الامر حتى لو عرف أنه بعد موته سينقذ أناسا آخرين. ويقول أنا ذد الفكرة جملة وتفصيلا مهما كانت الأسباب.
أيضا هيفين جعفر من حلب والبالغة من العمر 36 عاما ترفض هذا الموضوع، وتقول إن هذه الفكرة تشعرها بالخوف. وتوضح فكرة الموت بحد ذاته يشعر المرء بالخوف، فكيف بفكرة التبرع بالأعضاء. وتقول جعفر أنها صدمت بعد قدومها إلى ألمانيا بعد محاولة فتح الموضوع معها للنقاش، وتوضح: صدمت فعلا، هذا موضوع خاص جدا، وأشعر أن جسمي أصبح مباحا"، وتتكمل من يريد أن يتبره بأعضاء جسده هو حر ، أنا أحترم رأيه، وليدعونني وشأني".
الكاتب: علاء جمعة
المصدر: مهاجر نيوز