ميركل.. مستشارة ألمانيا الأزلية تواجه طريقاً وعراً
ويعتبر سايمون في مقال في صحيفة "تلغراف" البريطانية أن فوز ميركل لم يكن متوقعاً لدى كثيرين بسبب أزمة اللاجئين التي شهدتها ألمانيا في 2015، ولكن الطريق أمامها ليس ممهداً ولا يزال محفوفاً بالصعوبات؛ إذ تضم قائمة المهام التي ينبغي عليها إنجازها تحديات يعجز سياسيون كثر عن حلها.
خيارات صعبة
ويشير سايمون إلى أن الإشكاليات التي تواجه ميركل قد بدأت من اليوم الأول بمحادثات التحالف المتوترة، ومن الناحية الشخصية لن تمانع ميركل الدخول في تحالف آخر واسع مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي (حليفها منذ آمد طويل)، ولكن هذا الخيار ليس مطروحاً الآن. فبعد ساعات قليلة من بدء التنبؤات بتقدم ميركل في الانتخابات، استبعد مارتن شولتز زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي (أقوى منافسي ميركل الذي كان مؤمناً بإمكانية فوزه بمنصب المستشارية الألمانية) تجديد التحالف الواسع مع ميركل.
ويرى سيمون أن الخيارات الأخرى المطروحة أمام ميركل لا تزال صعبة، فعلى سبيل المثال يقود تحالف حزب ميركل "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" مع الحزب الديمقراطي الحر (المؤيد للأعمال التجارية وهو حليف طبيعي لحزب ميركل) إلى حكومة أقلية، وهو أمر لا يصب في مصلحة ميركل، وسيكون الخيار الوحيد الآخر هو التحالف الذي يُطلق عليه الألمان "جامايكا"؛ ويجمع ثلاثة أحزاب هي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والخضر والحزب الديمقراطي الحر.
مقامرة عالية المخاطر
ويقول سيمون: "على الرغم من أن الحزبين الأصغرين (الخضر والديمقراطي الحر) يتشاركان بشكل عادل مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فإن صفقة الزواج بين الأحزاب الثلاثة لن تكون سهلة؛ وبخاصة أن حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والخضر ينقسمان إلى معسكرين وهما الليبرالي والأصولي؛ وحتى في حالة عقد هذا التحالف البعيد المنال فإنه سوف يتعين على المستشارة الألمانية ميركل أن تحقق التوازن بين كل هذه العناصر المتعارضة، وهي مقامرة عالية المخاطر وتبدو مثل الكابوس بالنسبة إلى اكثر السياسيين حنكة في ألمانيا. ولكن يبدو أن التحالف مع "جامايكا" هو الخيار الوحيد المتاح الآن".
ميركل .. زعيمة عاقلة
ويلفت كاتب المقال إلى أن ميركل تواجه على الجبهة الداخلية مجموعة من القضايا التي تحتاج إلى المعالجة سواء أكانت تتعلق بمستقبل الرخاء الاقتصادي في ألمانيا أو تحسين الرعاية الصحية أو حماية البيئة بشكل أقوى، إضافة إلى القضايا الأمنية، ويتوقع العديد من الناخبين أن تتولى ميركل إدارة هذه المهام الشاقة.
أما على الصعيد الدولي، فمهمة ميركل تبدو أكثر صعوبة، بحسب كاتب المقال، إذ يعود جزء كبير من الفضل في إعادة انتخاب ميركل إلى أنها تُعد برأي الكثيرين ممثلة إيجابية للبلاد في الخارج، والأهم من ذلك أنها زعيمة "عاقلة" في عالم يمتلئ بـ "المجانين"، ولكن على الرغم من تحركات ميركل في الساحة الدولية التي أكسبتها العديد من المشجعين والمؤيدين، فإنها في الوقت نفسه قد أثارت المخاطر ضدها.
روسيا وتركيا والاتحاد الأوروبي
فعلى سبيل المثال، باتت علاقات ألمانيا مع روسيا وتركيا "باردة" بشكل ملحوظ بسبب التحول الاستبدادي في البلدين، وتتضح محاولات كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتدخل في الشؤون الألمانية لتقويض الاستقرار في ألمانيا، ومن ثم يتوقع الكثيرون أن تتخذ المستشارة الألمانية ميركل موقفاً متشدداً ضد بوتين وأردوغان.
ويلفت الكاتب في ختام مقاله إلى أن ميركل لم تتطرق خلال حملتها الانتخابية الأخيرة إلى "البريكزيت" لأن موقفها من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان واضحاً منذ البداية ولن يتغير بشكل ملحوظ عقب الانتخابات، بغض النظر عن أي إدعاءات بمخالفة، أما رسالتها التي أكدت خلالها على حماية المشروع الأوروبي فقد لاقت استحسان الناخبين وسيتم الحكم على مدى قدرتها على الوفاء بهذا الوعد.