لهذه الأسباب تتمسك كوريا الشمالية ببرنامجها النووي
وعلى رغم الشكاوى بشأن العقوبات الجديدة لمجلس الأمن ضد كوريا الشمالية بحجة أنها ليست صارمة بما يكفي لإجبار كيم جونغ أون على التخلى عن برنامجه النووي، على الولايات المتحدة أن تواجه حقيقة أن لا شيء من شأنه أن يجبر كيم على القيام بذلك؛ حيث أن كوريا الشمالية باتت قوة نووية حتى وإن كانت قوة صغيرة وغير مختبرة بالكامل، ولكن مثلما هو الحال مع القوى النووية الأخرى، فإن أكثر الطرق الفاعلة للتعامل معها هي الردع والدبلوماسية.
ثلاثة أسباب
ويحدد كاتب المقال ثلاثة أسباب وراء إصرار كيم على عدم التخلى عن أسلحته النووية، ويتمثل السبب الأول في أن كيم لم يعد يملك إلا هذه الأسلحة النووية فهي فعلاً "كل ما لديه"، وبالنسبة إلى الدولة الفقيرة والصغيرة التي أسسها كيم إيل سونغ بين العديد من الدول الكبرى الغنية ويحكمها الآن حفيده كيم جونغ أون، فإن توافر الأسلحة النووية لدى كوريا الشمالية يجعلها تتجنب مجموعة واسعة من التهديدات.
ويوضح الكاتب أن السبب الثاني يعود إلى متابعة كيم لمصير كل من صدام حسين ومعمر القذافي عندما تخلى كل منهما عن برنامجه النووي سواء أكان ذلك من خلال الإجبار أو بالتراضي؛ إذ تم غزو بلادهما والإطاحة بهما في نهاية المطاف، كما أنه يتابع عن كثب أيضاً الأمور المتعلقة بالتوترات ما بين الولايات المتحدة وإيران حول الاتفاق النووي واحتمالية إعادة فرض العقوبات ضد إيران بسبب عدم التزامها بشروط الاتفاق، ومن ثم فإن كيم لا يرغب في الاستسلام والتخلي عن المصدر الوحيد الذي يمنحه النفوذ والسلطة.
أما السبب الثالث، برأي الكاتب، فهو أن العقوبات الاقتصادية لها حدودها وخاصة بالنسبة إلى ديكتاتور لا يهتم بصحة مواطنيه أو ثروتهم؛ إذ يتمتع كيم وحاشيته وبعض المسؤولين في الحزب بالرفاهية بينما يعاني معظم سكان كوريا الشمالية البالغ عددهم 25 مليون نسمة من الفقر المدقع، ويُقدر بأن مليوني شخص قد لقوا مصرعهم في المجاعة خلال تسعينيات القرن العشرين، ولم تتأثر سلالة كيم.
عقوبات أكثر صرامة
ويشير الكاتب إلى أن مجلس الأمن الدولي قد فرض يوم الاثنين الماضي عقوبات جديدة "بعيدة المدى" ضد كوريا الشمالية، تحظر صادرات المنسوجات من كوريا الشمالية وكذلك بيع الغاز الطبيعي إلى الأخيرة، إضافة إلى وضع سقف لواردات كوريا الشمالية من النفط المكرر لدرجة خفض الاستهلاك الحالي للبلاد بنحو 10%، فضلاً عن السماح بعمليات تفتيش للسفن المشتبه في حملها الوقود أو الأسلحة إلى موانىء كوريا الشمالية.
ولكن إدارة ترامب كانت تطمح إلى عقوبات أكثر تشدداً تتضمن حظر استيراد كوريا الشمالية للنفط المكرر وتجميد الأصول الشخصية لكيم، بيد أن مثل هذه العقوبات الصارمة لن يتم تمريرها أبداً في مجلس الأمن، بحسب الكاتب، فهي تحتاج إلى موافقة من يقومون فعلاً بالتجارة مع كوريا الشمالية وخاصة الصين (لا يوجد أي تجارة مشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية).
إسقاط كيم .. معضلة للصين
ويقول الكاتب: "تكمن المعضلة في أن الصين ترغب في معاقبة كوريا الشمالية على صواريخها النووية ولكن ليس لدرجة تدمير النظام؛ إذ إنه في حال انهيار النظام الكوري الشمالي فعلاً، ستواجه الصين أزمة إنسانية في أقاليمها الشرقية المأهولة بالسكان نتيجة تدفق ملايين الكوريين الشماليين عبر الحدود، كما أن مثل هذا الانهيار سوف يعني أيضاً أن القوات الأمريكية (الجوية والبحرية) لن تكون محاصرة في شمال شرق آسيا، ومن ثم يمكن أن تعيد انتشارها إلى بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان وهي أكثر المناطق الحيوية الصينية. وربما تدفع أقوال أو أفعال كيم المتهورة القادة الصينيين إلى إعادة حسابات أولوياتهم الإستراتيجية، ولكن حتى الآن لا توجد دلائل على مثل هذا التحول".
الردع والدبلوماسية
ويخلص كاتب المقال إلى أنه نظراً إلى السياق الجيوستراتيجي يمكن القول إن العقوبات لن تحقق النتائج المرجوه، ولذلك لابد من اللجوء إلى "الردع" من خلال نشر القوات العسكرية الأمريكية لردع كيم عن مهاجمة الحلفاء الإمريكيين، وكذلك استخدام "الدبلوماسية" وإجراء محادثات مع كوريا الشمالية والتوصل إلى تسوية مع الأخيرة للتخلص من ترسانتها النووية أو حتى تجميدها.
وفي ختام مقاله، يحض الكاتب الولايات المتحدة على رفض طلب كوريا الشمالية بتعليق المناورات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في مقابل تجميد البرنامج النووي؛ فهي فكرة "سيئة"، وبدلاً من ذلك يتعين على الولايات المتحدة تعزيز تعاونها العسكري مع كوريا الجنوبية وغيرها من الحلفاء في المنطقة طالما أن كوريا الشمالية لديها أسلحة نووية.