عبير السهلاني القيادية العراقية بحزب سويدي: “المهاجرون ليسوا مسؤولين عن الوضع الاجتماعي”
استطاعت السياسية السويدية من أصل عراقي عبير السهلاني أن ترسم طريقها بالكثير من النجاح في عالم السياسة في هذا البلد الإسكندنافي. وكانت السهلاني انتخبت نائبة في البرلمان السويدي، وهي مرشحة اليوم للعودة إليه مجددا. وتنتقد السهلاني بشدة سياسة الاندماج في السويد، وتعتبرها معطلة.
لم يكن عمرها يتجاوز 15 سنة عندما وصلت عبير السهلاني إلى السويد. فهذه القيادية في حزب "المعتدلين" السويدي المحسوب على يمين الوسط، فرت بصحبة عائلتها من بطش نظام صدام حسين نهاية سبعينات القرن الماضي، متنقلة بين اليمن وسوريا وبلغاريا، قبل أن تعتنقها السويد "البلد الوحيد الذي كان يستقبل المعارضة العراقية"، تقول عبير.
"كنت أشعر بالخوف والقلق"، تتذكر السهلاني شعورها وهي تصل لأول مرة إلى السويد عبر الجو. "بقيت ثمان ساعات في المطار خضعت خلالها للتحقيق"، تضيف النائبة السابقة في البرلمان السويدي. وهذا بعد أن قررت يوما والدتها إيفادها وحدها إلى هذا البلد عن طريق التهريب.
"والدتي حددت كل شيء مع المهرب، واتفقت معه على الثمن، على أن تدفع بمجرد وصولي إلى السويد، وذلك ما حصل"، تسترجع ذكريات اليوم الأول التي تعرفت فيه على السويد من 1979. "كنت خائفة أن أعاد من حيث أتيت"، تذكر عبير، خاصة وأن أسرتها كانت تعلق عليها أمل الحصول على اللجوء حتى تلتحق بها في وقت لاحق.
"علاقتنا نحن في الشرق الأوسط بالشرطة كانت دائما صعبة، وهذا ما زاد من قلقي وأنا بين أيدي الشرطة السويدية"، تقول عبير متحدثة عن وضعيتها النفسية وقتها. وتضيف وهي تحفر بالكثير من السلاسة في ذاكرة وصولها إلى السويد: "لم أشعر بالأمان حتى قيل لي أنني سأنقل إلى مركز للاجئين".
الانخراط في الحياة السياسية
اختارت عبير الانخراط في الحياة السياسية من خلال العمل في حزب المعتدلين. "اخترت هذا الحزب لأنه أكثر تطابقا مع قناعاتي، ويدافع عن القيم المجتمعية التي أومن بها"، تشرح دوافع انتمائها لهذا الحزب، منتقدة "انخراط الجاليات العربية الأوتوماتيكي في الأحزاب اليسارية وعدم توزيعها على جميع الهئيات السياسية".
ولا تخفي عبير اعتزازها بما حققته في حياتها السياسية: "أنا فخورة بذلك"، كما تؤكد أنها "كانت محظوظة لوصولها إلى السويد". وترى أن العمل الذي قامت به كبرلمانية أو سياسية من داخل حزب المعتدلين هو لأجل "فتح الطريق أمام الأجيال المقبلة…والعمل حتى لا يكون أبنائي عرضة للعنصرية كما تعرضت لها أنا".
سياسة اندماج معطلة
تنتقد القيادية في "المعتدلين" بشدة آلة الاندماج في المجتمع السويدي. "أعتقد أن العراقي في الولايات المتحدة يشعر أنه أمريكي، أما في السويد فهناك خلل في المنظومة السويدية". وتلفت إلى أن "الهوية السويدية لاتزال ضيقة، وعلينا توسيعها حتى تشمل هويات أخرى".
وإن كان الاندماج في السويد معطلا اليوم، فالأحزاب السياسية التي حكمت البلاد تتحمل مسؤولية كبيرة في ذلك. "هذه الأحزاب أدخلت المهاجرين، لكنهم لم يدمجوا في المجتمع"، تقول عبير، "فالاندماج يبدأ بالشغل والسكن والتعليم. يمكن للاجئ أن ينتظر سبع سنوات قبل أن يعثر على عمل".
وليست إشكالية الاندماج وحدها هي التي أدت إلى تصاعد اليمين المتطرف، فهناك أسباب أخرى، تحددها عبير التي تعمل في الوقت الحالي على مشروع "توسيع الهوية" في حزبها، في "إحساس السويديين بكونهم تركوا لوحدهم يصارعون المستقبل، ويرون أنهم لا توفر لهم الإمكانيات لتحقيق أحلامهم".
وبالنسبة لها، "المهاجرون لم يكونوا يوما مسؤولين عن الوضع الحالي في البلاد، لكن الأحزاب ليس لها الجرأة للإقرار بذلك"، تقول القيادية في حزب المعتدلين، وهذا يعكس أيضا "عجزها عن تقديم بدائل ومقترحات جديدة"، وتختار الهجرة لإلصاق كل التهم بها.
infomigrants