عودة المدارس «أولوية بريطانية» رغم ارتفاع الإصابات
سجلت بريطانيا، أمس، 1062 حالة جديدة بمرض «كوفيد – 19»، في أعلى زيادة يومية لإصابات فيروس كورونا المستجد منذ أواخر يونيو (حزيران)، في وقت تتمسك الحكومة بفتح المدارس الشهر المقبل وتعيد فرض إجراءات عزل عام في بعض المناطق التي تشهد انتشارا واسعا. وأظهرت بيانات الحكومة أن 1062 شخصا تأكدت إصابتهم بالمرض الأحد، لتتجاوز الإصابات مستوى الألف حالة يوميا لأول مرة منذ يونيو، بزيادة 304 حالات عن اليوم السابق.
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن معاودة فتح المدارس في سبتمبر (أيلول) ضرورة اجتماعية واقتصادية وأخلاقية، مشددا على أنها ستكون قادرة على استئناف الدراسة بأمان رغم استمرار تهديد جائحة فيروس كورونا. جاءت تصريحات جونسون بعد دراسة حذرت قبل أيام من أن بريطانيا تواجه خطر موجة ثانية من «كوفيد – 19» في الشتاء ستكون أكبر مرتين من التفشي الأول، إذا فتحت المدارس أبوابها دون نظام مطور للفحوص وتتبع الحالات.
وكتب جونسون في صحيفة «ذا ميل أون صنداي» أن معاودة فتح المدارس أولوية وطنية. ونقلت وكالة رويترز قوله في اجتماع يوم الخميس إن المدارس ستكون آخر ما يغلق أبوابه في أي عمليات إغلاق تأتي في المستقبل ضمن إجراءات عزل عام محلية. وأُغلقت المدارس في إنجلترا في مارس (آذار) خلال عزل عام وطني، مع استثناء أطفال العاملين في مجالات أساسية، وعاودت الفتح في يونيو أمام عدد محدود من التلاميذ.
وحذر جونسون من أن التكاليف الاقتصادية التي يتكبدها الآباء غير القادرين على العمل في ظل إغلاق المدارس تتزايد، وأن البلاد تواجه مشكلات كبيرة إذا فوت الأطفال تعليمهم. وكتب أن «الجائحة لم تنته، آخر ما يمكن لأي منا تحمل تبعاته هو أن نصبح متراخين. لكن الآن بعدما أصبحنا نعرف ما يكفي لمعاودة فتح المدارس أمام جميع التلاميذ بأمان، فإن علينا واجبا أخلاقيا أن نفعل ذلك».
وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أنه أمر حملة علاقات عامة بضمان فتح المدارس في الموعد، وقال في اجتماع الأسبوع الماضي إن المدارس ينبغي أن تكون آخر ما يغلق أبوابه بعد المطاعم والحانات والمتاجر في حال اضطرت البلاد إلى فرض إجراءات العزل مرة أخرى.
من جانب آخر، لا تزال أحياء الأعمال في لندن بعيدة من الصخب المألوف فيها، إذ تبدو شوارعها مهجورة فيما المطاعم مقفلة والموظفون القلقون من جائحة «كوفيد – 19» غير مستعجلين للعودة إلى المكاتب. فالـ«سيتي»، وهو المركز التاريخي لعالم المال والأعمال البريطاني، لا يزال فارغاً إلا من بعض السياح الذي يحومون حول كاتدرائية القديس بولس، مع أن المنطقة تعج عادة بموظفين شديدي الانشغال، يذرعون أرصفة هذه الأحياء مستعجلين.
والمشهد نفسه قائم في حي «كاناري وارف» في شرق العاصمة البريطانية، المشهور بناطحات السحاب الموجودة فيه والتي تضم مقار أكبر المصارف وأهم شركات التدقيق المالي. ويستمر الوضع على هذا النحو رغم حض الحكومة البريطانية مواطنيها منذ الأول من أغسطس (آب) الجاري على العودة إلى أعمالهم، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال بابلو شاه من مركز «سي إي بي آر» للأبحاث الاقتصادية، إن «الكثير من زبائننا، وخصوصاً في مجالي الخدمات المالية والتأمين، لن يعودوا قبل السنة المقبلة»، واصفاً لندن بأنها «مدينة أشباح».
وخلال مرحلة تطبيق تدابير الحجر المنزلي الرامية إلى وقف تفشي فيروس كورونا المستجد، لجأ عدد كبير من الشركات إلى العمل من المنزل بواسطة الإنترنت، وحققت هذه التجربة نجاحاً. وقد اعتاد الموظفون على الاجتماعات بواسطة تقنية الفيديو، واستساغوا فكرة عدم الحاجة إلى قطع مسافات طويلة ومتعبة يومياً للذهاب إلى أعمالهم.
ولاحظت جمعية «لندن فرست» التي تعنى بحقوق مدينة لندن أن وسائل النقل المشترك والبقاء مع الأطفال هما المسألتان الأساسيتان اللتان تعوقان عودة الموظفين إلى مكاتبهم. وأشارت دراسة لمصرف «مورغان ستانلي» الأميركي نشرت هذا الأسبوع إلى أن 34 في المائة فحسب من الموظفين في المملكة المتحدة عادوا إلى أعمالهم، فيما تبلغ هذه النسبة 31 في المائة في لندن تحديداً. ولا تزال بريطانيا التي سجل فيها أكبر عدد وفيات في أوروبا متأخرة في هذا المجال عن الدول الأوروبية الأخرى، حيث عادت غالبية الموظفين إلى المكاتب.
aawsat