هنا اوروبا

سويسريون انتفضوا من أجل سياسة هجرة أكثر انفتاحا

قبل أربعين عام، تجمّع 3000 شخص في ميدان خارج مقر البرلمان الفدرالي ببرن. وكان مطلبهم الرئيسي اعتماد سياسة أكثر انسانية تجاه الأجانب ومعاملتهم على أساس من المساواة في الحقوق مع بقية سكان البلاد. فكيف نشأت هذه المظاهرة الكبرى التي نظمتها حركة ميتناند (معا جميعا) الوطنية؟

انتدبت سويسرا في الخمسينات والستينات من القرن العشرين مئات الآلاف من العمال الأجانب. وسُمح لهؤلاء "العمال الموسميين" بالبقاء في سويسرا لفترة محدودة، لكن ظلت الفكرة أنه يمكن إرسال هؤلاء إلى بلدانهم من حيث أتوا في حال اندلاع أزمة اقتصادية.

وقد طُلب من الذين سُمح لهم بالبقاء التماهي والذوبان داخل المجتمع السويسري. لكن استقرار القادمين الجدد أخافت بعض السكان المحليي، واستغل السياسيون الخوف من وجود اعداد كبيرة من الاجانب لتحقيق أغراضهم الحزبية أو الشخصية: ففي عام 1970، قال الناخبون السويسريون كلمتهم من خلال مبادرة شوارزنباخ، والتي سُميت على إسم السياسي اليميني جيمس شوارزنباخ، الذي كان يهدف من خلال مبادرته إلى الحد من نسبة الاجانب في كل كانتون بحيث لا تتجاوز النسبة 10%.

رُفضت المبادرة من قبل 54% من الناخبين، وهو ما حفّز العديد من المواطنين للوقوف ضد التمييز في الحياة اليومية وفي المؤسسات. كما دعوا إلى اعتماد الإندماج بدل الذوبان  في المجتمع المحلي. لقد أراد هؤلاء الرواد أن تكون للاجانب نفس الحقوق مثل المواطنين السويسريين، وأن تكون سوق العمل مفتوحة أمام الاجانب بنفس القدر مثل المحليين.

وفي 1974، ظهرت حركة متيناند (معا جميعا) ولقيت الدعم والمساندة من العديد من الجماعات اللبرالية والدينية ومن اليسار السياسي وكذلك المنظمات الخاصة بالمهاجرين.

جميع هذه الأطراف أطلقت معا مبادرة ترفع شعار الشعب بطالب بحقوق متساوية بين الأجانب الذين استقروا في البلاد والسكان المحليين. وطالب المنظمون بأن يكون بغمكان هؤلاء الاجانب العيش في سويسرا مع أسرهم وعدم تهديدهم بالترحيل. كما طالبوا بإلغاء وضع "العمال الموسميين".

كان الشعار الرئيسي: " يعتبر القانون مصالح السويسريين والاجانب على قدم المساواة".

وصفة للنجاح؟

في الستينات من القرن الماضي، كانت هناك بالفعل جهود في مدن سويسرية مختلفة للتقريب والجمع بين السويسريين وأفراد الجاليات الاجنبية العاملة في سويسرا. وكان الطرفان يجتمعان للسماع للموسيقى والاكل والإستمتاع. حتى أن هذه الحركة نشرت كتاب طبخ يحتوي على وصفات من إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان ويوغسلافيا السابقة وتركيا – أهم البلدان التي كان ينحدر منها العمال الأجانب آنذاك.

Initianten präsentieren vor den Medien ihre Mitenand-Initiative

مطلقو المبادرة يشرحون مطالبهم من اجل سياسة هجرة عادلة

(Keystone)

لكن الامر لم يكن يتعلّق بوصفات الطعام الغير معهودة في سويسرا فقط، بل كان الهدف المساهمة في إيجاد مجتمع سويسري يكون أكثر عدلا بين الجميع.

وفي عام 1977، تم جمع ما يكفي من التوقيعات للتقدّم بمبادرة، أعبها تنظيم تظاهرة تاريخية كبرى في ساحة البرلمان يوم 28 أكتوبر 1978.

 وأوصى البرلمان والحكومة الفدرالية برفض المبادرة. واستغرق الامر بعض الوقت قبل أن يتم الإعلان عن موعد للتصويت. وكان لابد من انتظارعام 1981، حيث رُفضت المبادرة بنسبة 83.9% من الناخبين.

وربما أدى ضعف التأييد الذي لقيته المبادرة من الناخبين إلى نسيان هذه المبادرة. إلا أن حركة ميتناند لم تستسلم، فبادرت على سبيل المثال إلى تنظيم معسكرات إجازات للاطفال السويسريين والاجانب معا. وشاركت في الحوار حول ملف اللجوء في الثمانينيات. وحلّت هذه الحركة في النهاية في عام 1990.

احتفال لتعزيز التواصلالايطاليون والإريتريون: المهاجرون القدامى يمدون أيديهم للقادمين الجدد

 

اليوم، وبعد أن عانى الإيطاليون في سويسرا الأمرين وذاقوا ويلات التمييز العنصري، أصبح ينظر إليهم كمنموذج يقتدى به في الإندماج، وترغب البعثة …

 
 
 
swissinfo
زر الذهاب إلى الأعلى