روكسانا ماراسينيانو…من طفلة لاجئة إلى وزيرة للرياضة في الحكومة الفرنسية
عينت البطلة في السباحة روكسانا ماراسينيانو وزيرة في الحكومة الفرنسية. وتتحدر هذه الوزيرة من أصول رومانية. وصلت، في 1984، كلاجئة بعمر التاسعة إلى مرسيليا، هاربة بصحبة أسرتها من نظام تشاوتشيسكو الديكتاتوري. بورتريه.
"شكرا لفرنسا برمتها وإلى هذه الجمهورية المضيافة كثيرا. وأنا جد مسرورة لخدمتها". كان ذلك هو رد فعل وزيرة الرياضة الفرنسية الجديدة روكسانا ماراسينيانو، 43 عاما، التي تم تعيينها الأسبوع الأخير إثر استقالة الوزيرة السابقة لورا فليسيل "لأسباب شخصية" على حد تبريرها، إلا أن صحيفة "لوكنار أونشيني" الشهيرة، قالت إنها كانت على خلفية قضية تهرب ضريبي.
"مصائب قوم عند قوم فوائد"، هي القولة التي تنسجم مع ما حصل للوزيرة السابقة التي وجدت نفسها مرغمة على مغادرة الحكومة، فيما فتحت هذه الاستقالة الطريق أمام السباحة السابقة لاعتلاء كرسي الوزارة. ووفرت الفرصة لهذه اللاجئة السابقة، "المشتعلة بالأفكار" وفق تعبير وكالة الأنباء الفرنسية، أن تخدم البلد الذي تبناها منذ سن الطفولة من موقع المسؤولية.
الفرار من نظام تشاوسيسكو
في 1984، وصلت ماراسينيانو إلى فرنسا في عمر التاسعة هاربة رفقة أسرتها من جحيم النظام الديكتاتوري لتشاوتشيسكو. لكن هذا الفرار لم يكن سهلا. فروكسانا الطفلة ذو الست سنوات، ظلت رهينة بين أيدي النظام، في وقت توجهت أسرتها إلى الجزائر، حيث كان والدها يعمل مهندسا في الأشغال العمومية وفق اتفاق بين البلدين، الذين كانا محسوبين وقتها على المعسكر الشرقي.
قضت الطفلة روكسانا، أكثر من سنتين لوحدها في رومانيا قبل أن يتمكن والدها أثناء العطلة الصيفة في منتصف الثمانينات من استقدامها إلى الجزائر، حيث قضت بها أربعة أشهر، لتصاحب أسرتها في رحلة أبدية لفرنسا، ذاقت بها الأسرة خلال الأشهر الأولى بعض المعاناة مع الحصول على سكن وعمل، حيث اضطرت أن تسكن في سيارة لمدة من الوقت، إلى أن تم إلحاقها بمركز إدماج اللاجئين في منطقة "لا بروتان" في أقصى غرب البلاد.
نجمة السباحة الفرنسية
أظهرت روكسانا مارسينيانو، التي حصلت على الجنسية الفرنسية في 1991، منذ سن مبكر، مهارات عالية في السباحة، واستطاعت صقلها بشكل كبير في أحد النوادي الفرنسية. وفي 1998، كانت أول سباحة فرنسية تفوز ببطولة العالم. كما منحت بلادها ميدالية فضية في الألعاب الأولمبية في 2000 بسيدني. ولم تمنعها الرياضة من مواصلة مشوارها الدراسي، حيث حصلت على دبلوم عال في التسيير. وقررت اعتزال المنافسات الرياضية والانخراط أكثر في المجتمع المدني والسياسي في 2004، إذ انتخبت في 2010 مستشارة في المجلس الإقليمي لباريس والضواحي "إيل دوفرانس"، وكرست وقتها خاصة للدفاع عن النساء والأطفال. وتتحدث الوزيرة خمس لغات: الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية، الألمانية، الرومانية.
تجربتها في أحواض السباحة العالمية، سمحت لها بدخول الإعلام الرياضي الفرنسي من بابه الواسع، إذ عملت معلقة رياضية في إذاعة أوروب1 وعلى قنوات "فرانس تلفزيون" العمومية.
"فرنسا بلد مضياف"
"بالنسبة لي، فرنسا هي بلد مضياف. هي الصورة التي كانت لوالدي. أتيا إلى هنا لأجل ذلك ولم يخب ظنهما. في الوقت الحالي، الكثير من الناس أصيبوا بالخيبة". تقول الوزيرة في تعليق مبطن حول أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء في فرنسا الحالية.
وتنتظرها مسؤولية حكومية ثقيلة بحكم تقليص ميزانية الوزارة التي تترأسها. وبالنسبة لها، خفض الميزانية هو قرار "يأتي من الفوق دون دراية بخصوصيات الرياضة، وأنا مطالبة بشرحها" لبقية المسؤولين، تقول الوزيرة، دون أن تغفل أنها "تنتمي لحكومة" ومن المفروض "اتباع التوجيهات" و"العمل قدر المستطاع بالإمكانيات المتاحة".
"عندما دخلت مركزا لإدماج اللاجئين في منطقة بروتان، لم أكن أتصور أن أصل يوما إلى ما أنا عليه الآن"، تستحضر الوزيرة ذكريات الطفولة، قبل أن تثني على والديها الذين قررا المجيء إلى فرنسا والاستقرار بها. "شكرا لإتاحتهما لي ولأخي، عيش حياتنا بطريقة حرة".
infomigrants