مهاجرون ببطون جائعة تحاصرهم الأمراض في مدينة نانت الفرنسية
يقيم حوالي 400 مهاجر في مخيم بوسط مدينة نانت غربي فرنسا. ويعيش هؤلاء ظروفا صعبة للغاية، بدءا من نقص الطعام ووصولا إلى الرعاية الصحية، ما جعل منظمة أطباء العالم تدق ناقوس الخطر.
ببراءة الأطفال كان مهند، الذي لا يتجاوز عمره السبع سنوات، يداعب كرة بقدميه في حديقة دفيي وسط نانت، وذلك داخل غابة من الخيم انضافت للمشاهد اليومية للمدينة، حيث تكثر حركة السير دون أن تثير اهتمام أو فضول أصحاب السيارات والمارة، فيما يحاول الكثير من المتطوعين الناشطين في منظمات أو نقابات مساعدة هؤلاء المهاجرين ومصاحبتهم في الإجراءات اليومية.
ومهند هو طفل لعائلة سودانية مهاجرة تقيم في هذا المخيم منذ عشرة أيام من ضمن حوالي 400 مهاجر، اختاروا النزول بهذه المدينة في غرب فرنسا. "أوضاعنا صعبة، كل العائلة تقيم في خيمة واحدة، ولا نجد حتى الطعام للأطفال"، تسرد أم مهند لمهاجر نيوز جزءا من معاناة هذه أسرتها التي غادرت السودان بسبب "المشاكل السياسية لرب الأسرة مع حكومة الخرطوم". وتزامن وجود مهاجر نيوز مع يوم تسجيلها طلب اللجوء، بعد محاولات متكررة لأجل ذلك.
صنبور في المخيم، يستخدم المهاجرون مياهه للشرب وغسل الملابس
إضافة لهذه العائلة، هناك المئات من المهاجرين في المخيم يشتكون جميعا من نقص الطعام، كما يعيشون في ظروف صعبة جدا يزيد من استفحالها ارتفاع حرارة الطقس والروائح النتنة المنبعثة من المكان، نظرا للتبول به في غياب مراحيض.
"لم أغتسل منذ ستة أيام، أي منذ وصولي إلى المخيم"، يستعرض محمد، وهو شاب تشادي، حالته على مهاجر نيوز. فيما يضيف عصمان وهو مهاجر سوداني، أن "الاستحمام يتطلب التوفر على بطاقة معينة لا تمنح إلا للمهاجرين الذين قدموا طلب اللجوء"، وهو الأمر الذي تعذر على غالبيتهم بسبب الطوابير الطويلة من الانتظار أمام مكاتب الإدارة لأجل ذلك. "في كل مرة أحاول فيها التسجيل، أرجع خاوي الوفاض بسبب الازدحام"، يحكي موسى وهو مهاجر تشادي قاصر معاناته إيداع طلب اللجوء.
منظمات تحذر من تدهور الأوضاع الصحية
ويحذر الناشطون في جمعيات مدافعة عن المهاجرين من تدهور الأوضاع الصحية للمهاجرين في هذا المخيم. "في الوقت الحالي، يصعب تحديد الأمراض التي يعاني منها المهاجرون" في المخيم، يشير مسؤول منظمة "أطباء العالم" في نانت ماتيو كينيت. ويضيف أن الأمراض المنتشرة في مثل هذه الظروف وسط المهاجرين هي "الأمراض الجلدية والتنفسية".
"أطباء العالم" تقدم استشارات طبية للمهاجرين
وتسعى "أطباء العالم" إلى تقديم الرعاية الصحية لهم، ولفت انتباه المسؤولين لهذا الوضع. "نريد إثارة انتباه الرأي العام"، يقول مسؤول المنظمة الذي انتقد بشدة ما أسماه "الإرادة السياسية لعدم الاستقبال" من قبل المسؤولين المحليين. واعتبر أن السلطات العمومية "تستخدم المعاناة والصحة كأداة لأجل دفع المهاجرين لمغادرة المدينة…". وقال في هذا السياق أيضا "إنهم يعتقدون أن عدم معالجة المهاجرين وتركهم مرضى، سيجبرهم على الانتقال لوجهة أخرى".
لماذا يتوجه المهاجرون إلى نانت؟
ويبدو أن المدينة لم تكن مستعدة لهذا التدفق للمهاجرين، الذي صعب على مسؤوليها تفسيره. فيما يرى لبير هنري من منظمة "فرنسا أرض اللجوء" الشبه رسمية، أن وصول هؤلاء المهاجرين إلى المنطقة يعود في الأصل إلى تاريخ تفكيك مخيمين للمهاجرين في باريس قبل أسابيع.
وغالبية المهاجرين المقيمين في المخيم من السودان وأريتيريا وتشاد، أتوا لهذه المدينة رغم أنها لا توجد ضمن المسار الاعتيادي لرحلات المهاجرين، إذ يمرون من باريس كمحطة أولى قادمين من إيطاليا أو ألمانيا، قبل الانتقال إلى نانت، لكون "إجراءات تقديم طلب اللجوء، سريعة مقارنة مع العاصمة"، حسب تفسير المهاجرين الذين تحدث إليهم مهاجر نيوز.
يافطة لإحدى المنظمات تنتقد وضع المهاجرين
محافظة المنطقة، التي تمثل الدولة، تؤكد أن عدد المهاجرين في المنطقة ارتفع بنسبة 27% مقارنة مع السنة الماضية، فيما اعتبر ناشط في إحدى الجمعيات المدافعة عن المهاجرين، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن تدفق المهاجرين "يظل نفسه مقارنة مع السنوات الماضية، ولم يسجل بالنسبة لنا توافد أعداد كبيرة منهم في المدة الأخيرة". ويعتبر أحد أعضاء المجموعة النقابية لمستشفى المدينة، التي تحاول تقديم المساعدة لهؤلاء المهاجرين، أن المنطقة "تتوفر على الإمكانيات الكافية لإيجاد حل لهؤلاء المهاجرين".
infomigrants.