ألمانيا- الكنيسة الملجأ الأخير لطالبي اللجوء المرفوضين
توفر بعض الكنائس الألمانية مأوى مؤقت لطالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم. ولكن هل تستطيع الكنيسة بالفعل منع ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين؟ وماذا يقول القانون في ذلك؟
للمعتقد المسيحي مكانة مهمة في المجتمع الألماني المعاصر. ويوجد في ألمانيا كنيستان رئيسيتان: الكاثوليكية والبروتستانتية. ولا يخلو أي حي في أي مدينة أو بلدة من كنيسة. وتشكل إغاثة المحتاج جزءا محورياً في الديانة المسيحية. وقد لبت الكنائس الألمانية نداء المعوزين عدة مرات في الماضي، وكذلك فعلت منذ تدفق موجة اللجوء الكبيرة عام 2015.
وتعرّف بيرغت نويفيرت من منظمة " اللجوء الى الكنيسة" اللجوء الكنسي بأنه: "تقديم الدعم والمشورة والمأوى للاجئين المهددين بالترحيل إلى بلاد تسود فيها ظروف معيشة غير إنسانية أو التعذيب أو حتى الموت. واللجوء الكنسي هو وسيط بين العمل الخيري والسياسة".
أرقام وحقائق
بتاريخ تاريخ 19 شباط/فبراير الماضي كان في ألمانيا 422 كنيسة يمكن اللجوء إليها. آنذاك كانت تلك الكنائس تستضيف حوالي 627 إنساناً، حسب إحصاءات اللجوء الكنسي في ألمانيا. وللمساهمة في التخفيف من أزمة اللاجئين تم افتتاح 414 مأوى جديد للاجئين في الكنائس في عام 2016. وقامت الكنيسة بتوفير الحماية لـ 1139 طالب لجوء على الأقل، معظمهم من العراق وسوريا وإريتريا وأفغانستان.
ليس من السهل اللجوء إلى الكنسية والبقاء فيها، إذ يتعين على اللاجئين إلى الكنيسة القيام ببعض الأعمال خلال إقامتهم. وحتى أن بعض الكنائس تطلب من طالبي اللجوء من غير المسيحيين اعتناق المسيحية.
مثير للجدل و"مخالف للقانون"
سلط تقرير حديث لصحيفة "واشنطن بوست" الضوء على اللجوء الكنسي. وورد في التقرير أن بعض الكنائس المحلية في ألمانيا تعتقد أن اللاجئين إليها ليسوا مسيحيين حقيقيين وأنهم يحاولون بأي طريقة البقاء في ألمانيا. وفي السنوات الأخيرة، تخضع بعض الكنائس، وفي مقدمتها تلك التي ليست كاثوليكية ولا بروتستانتية، إلى المراقبة على خلفية قيامها بإدخال عدد كبير من طالبي اللجوء في رعاياها.
نويفيرت تقول إن الكنسية لا تملك أي حق قانوني بمنح اللاجئين إليها الحماية من الشرطة والدولة. ومن وجهة نظر قضائية، يعتبر اللجوء الكنسي بمثابة خرق للقانون ومس بسلطة الدولة. ويقول المنتقدون إن الكنيسة تعمل خارج إطار القانون بتوفيرها مكاناً للإقامة لطالبي اللجوء المرفوضين. وقد كرر وزير الداخلية السابق توماس دي ميزير نقده ذلك عدة مرات.
ومهما يكن من الأمر، وقعت الكنيسة و"المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين" في 2015 على اتفاقية تلتزم بموجبها السلطات الحكومية بالتساهل مع بعض حالات اللجوء الكنسي وعدم التدخل في الفترة التي يكون فيها طلب الترحيل تحت إعادة التقييم والفحص. وفي المقابل تلتزم الكنيسة بعدم إخفاء أي طالب لجوء وحتى في حالة صدور قرار بتأكيد رفض طلب لجوئه، وبإخبار السلطات الحكومية عن كل شخص يلجئ إليها.
على كل حال، يمكن تنفيذ الترحيل وبالقوة، وحتى في حال وجدت اعتراضات على ذلك. وحيث أن اتفاقية دبلن تلزم اللاجئين بتقديم طلبه في أول بلد أوروبي يصل إليه، ومن هنا فقد تم ترحيل الآلاف من ألمانيا إلى بلدان أوروبية أخرى.
"سراً" و"علانية"
وجدير بالذكر أن بعض الكنائس تفتح أبوابها لطالبي اللجوء "علانية". هذا يعني أنها تفتح أبوابها للإعلام ولعامة الناس لمساعدة اللاجئين. كما تقوم بإبلاغ السلطات أنها تقوم بالاهتمام والعناية بطالبي اللجوء.
في حين أن بعض الكنائس الأخرى تقبل طالبي اللجوء إليها "سراً" ولا تسمح بدخول الإعلام أو احتكاك العامة باللاجئين إليها، لكنها تخبر السلطات بذلك.
وماذا عن أوروبا؟
تنهج كنائس عدة في بلدان أوروبية أخرى نهجاً مشابهاً، على سبيل المثال في هولندا. وقد ذكرت "هيئة الإذاعة البريطانية" أن العديد من اللاجئين الإيرانيين إلى الكنيسة تحولوا إلى المسيحية. وفي حال عودتهم إلى إيران قد يتعرضون لعقوبة قاسية قد تصل حد الموت بسبب تغير ديانتهم.
وساهمت الكنائس الإيطالية كذلك في استقبال لاجئين أثناء موجة اللجوء الأخيرة. وأفاد مركز يرعى اللاجئين ويدافع عن حقوقهم، أنه وبتاريخ الأول من حزيران/يونيو 2016 كان هناك ما يقارب 5000 طالب لجوء في كنائس إيطالية وفي بيوت عائلات مرتبطة بالكنيسة