في فرنسا.. الجامعات تختار طلابها
بدءاً من العام الدراسي 2018-2019، تبدأ 85 جامعة حكومية فرنسية و250 مؤسسة تعليمية تُعرف باسم "المدارس العليا"، تطبيق آليات جديدة لقبول الطلبة من فرنسا ومُختلف أنحاء العالم، حيث سيتم إلغاء العمل بنظام القرعة المُطبق لغاية اليوم، والذي كان يستقبل في السنة الجامعية الأولى أعداداً كبيرة من الطلبة تتم تصفيتهم لاحقاً نهاية السنة الدراسية وفقاً لنتائحهم.
وسيتم العام القادم إلحاق الطلاب بالنظام العام للضمان الاجتماعي، والحرص على معالجة كل طلب التحاق بأيّ من الجامعات بشكل فردي وفقاً للمؤهلات والقدرات الفردية، وبالتالي ضمان دخول الطلبة الجيدين للتخصّص الذي يرغبون بدراسته، وتقليل نسب الرسوب.
وتمتلك فرنسا إحدى أرقى نظم التعليم العالي في العالم، بما في ذلك في مجال الدراسات العليا.
وتُقدّم الجامعات الفرنسية الحكومية البرامج الدراسية برسوم دراسية مُنخفضة جداً لجميع الطلبة من مختلف الجنسيات، وذلك بالمقارنة مع جامعات أوروبية وأمريكية مُماثلة.
وتتراوح الرسوم السنوية في جامعات فرنسا ما بين 200-600 يورو، حسب التخصّص والدرجة الجامعية المطلوب تحصيلها.
وتدعم الحكومة الفرنسية التعليم الجامعي بشكل كامل، وتعتبره أحد الحقوق الأساسية للفرنسيين وللمُقيمين على أراضيها في ذات الوقت، وذلك بغض النظر عن كون الطالب فرنسياً أو من أيّ بلدٍ آخر، حتى أنّها تمنح بعض الطلبة من ذوي الإمكانات المحدودة رواتب شهرية معقولة لتغطية التزاماتهم.
وقد وافق كل من البرلمان الفرنسي ومجلس الشيوخ منذ أيام، وبأغلبية كبيرة، باستثناء اليسار الذي يرى النظام الجديد انتقائياً، على مشروع قانون ينصّ على تعديل قواعد القبول في الجامعات، إذ اعتمد النوّاب مشروع قانون "توجّه الطلاب ونجاحهم" الذي يهدف بشكل خاص إلى إلغاء نظام القرعة، وخفض معدلات الفشل في السنة الجامعية الأولى.
ومن بين ما يقضي به هذا القانون الذي تمّ اقتراحه بدايةً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إنهاء نظام القرعة، على أن تقوم كل جامعة بمعالجة أي طلب انتساب بشكل فردي، بحيث يتم اتخاذ القرار بقبول الطالب من عدمه وفق عدد من المؤهلات والمعرفة المطلوبة للقبول في الفرع الذي يرغب الطالب دخوله، وبالتالي يُساهم هذا النظام في تخفيض نسب الرسوب في السنة الجامعية الأولى، حيث كان في السابق يتم استقطاب أعداد كبيرة من الطلبة الذين يضطر غالبيتهم لتغيير تخصّصهم بعد السنة الأولى نتيجة عدم تمكّنهم من القدرات العلمية اللازمة.
وقالت وزيرة التعليم العالي فريديريك فيدال "إنّ أساس النظام الجديد هو ضمان مواكبة واستقطاب المزيد من الطلاب إلى التعليم العالي، مع الحرص على تحقيق مُقوّمات النجاح لهم".
وقد رفض اليسار الفرنسي بما في ذلك الاشتراكيون والشيوعيون واليسار المتطرف هذه الآلية الجديدة، مُعترضين على أن تكون الجامعات هي من يختار الطلاب، وليس العكس.
وأوضحت "دوغري بتيت با" المسؤولة عن استقبال الطلبة الأجانب وضمان تمكنهم من اللغة الفرنسية، أنّ الجامعات الفرنسية، والتي يعمل جزء كبير منها بنظام "المدارس العُليا"، تحتل مراكز مرموقة جداً في تصنيف أفضل الجامعات حول العالم، حيث تدخل فرنسا بـ 27 جامعة في التصنيف الدولي السنوي لأفضل 500 جامعة.
ولعلّ أشهر تلك الجامعات الفرنسية العريقة هي مدرسة الأساتذة العليا، جامعة بيير وماري كوري، جامعة ستراسبورغ، جامعة البوليتيكنيك، وجامعة باريس السوربون العريقة، التي تُضاهي جامعات هارفارد وستانفورد في الولايات المُتحدة وكامبردج وأكسفورد في بريطانيا.
وتُعتبر المدارس العليا، أحد أكثر عناصر التعليم العالي الفرنسي تميزاً، وهي مؤسسات نخبة تتميز بتنافس قوي على القبول، وبالتخصص في مجال واحد كالفيزياء أو الهندسة أو الاقتصاد، وغيرها. وتتبوأ جامعات باريس المراتب الخمس الأولى في فرنسا، فيما تدخل جامعات ليون، غرونوبل، مرسيليا، بوردو، وستراسبورغ، ضمن المراكز العشرة الأولى في فرنسا.