بلجيكا: “مركز إنساني” للمهاجرين المشردين في شوارع بروكسل
يقدم "المركز الإنساني" في محطة القطار "غار دي نور" في بروكسل خدمات مختلفة للمهاجرين، هم في حاجة ماسة إليها، بينها استشارات طبية ونفسية علاوة على الملابس. ويستفيد من هذه الخدمات حوالي 150 مهاجرا يوميا. وتشكل المركز منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2018 من سبع منظمات غير حكومية بمباردة من منظمة "أرضية المواطنة". ريبورتاج:
لم تفلح مساعي أحد العاملين في "المركز الإنساني" في بروكسل في وقف تدافع المهاجرين عند باب مقر المنظمة. "لا داعي للتدافع، ستدخلون إلى المقر جميعا"، يقول هذا المتطوع صارخا بأمل أن ينظم المهاجرين قبل ولوجهم الواحد تلو الآخر إلى بناية المنظمة.
"نحن مجبرون لغلق الباب، وفتح آخر بالجانب المقابل للبناية حتى تهدأ الأمور"، يضيف هذا المتطوع، بعد أن أغلقه بصعوبة وسط تدافع المهاجرين، وهو يسرع الخطى بصحبة زميل آخر. هذا في الوقت الذي كان فيه بقية المتطوعين داخل المقر ينظمون أنفسهم لاستقبال المهاجرين. "هم في حالة نفسية صعبة وتحت ضغط متواصل"، تشرح إحدى المتطوعات لمهاجر نيوز أسباب الاندفاع والتوتر الظاهر على المهاجرين.
مهاجرون في انتظار الحصول على ملابس أو أحذية
"عند دخول المهاجرين إلى المركز، تستقبله إحدى المتطوعات في المدخل، حيث يحدد لها طلباته، وبناء على ذلك يحصل على ورقة برسم يترجم حاجياته، ويتم توجيهه وفقها بعد ذلك إلى المكتب المعني"، تشرح الإيطالية غية، التي تعمل منسقة في "أرضية المواطنة" إحدى المنظمات السبع المساهمة في المركز، لمهاجر نيوز.
ويقدم المركز، الذي تشرف عليه سبع منظمات غير حكومية، بينها أطباء بلا حدود وأطباء العالم، مجموعة من الخدمات للمهاجرين، بينها استشارات طبية يشرف عليها طبيب من أطباء العالم، وأخرى نفسية من قبل طبيب نفسي يعمل لحساب أطباء بلا حدود، كما يوزع الملابس على هذه الفئة من المعوزين.
الحاجة والتوتر
"التدافع الذي حصل في الباب هو بسبب حاجة العديد من المهاجرين للملابس والأحذية، ويحاولون أن يكونوا الأوائل حتى تكون لهم أكبر الحظوظ في الحصول على ما يريدون"، حسب تفسير المهاجر السوداني محمد البالغ من العمر 25 عاما. كما "أنهم بحاجة لمكان دافئ"، تلفت إحدى العاملات في أطباء العالم.
كان محمد، الذي أتى بدوره إلى المركز للحصول على ملابس، يجلس في قاعة الانتظار. ويعتبر نفسه من المحظوظين الذين تمكنوا من دخول مقر المركز مبكرا، فيما يبقى هدفه الوحيد هو العبور إلى بريطانيا، وإن كان يدرك أنه أصبح من الصعب ذلك انطلاقا من بلجيكا. "سأذهب إلى كاليه لأجرب حظي من هناك"، يؤكد محمد الذي يبدو متعبا نتيجة البقاء لوقت طويل في البرد القارس.
ملابس تقدم للمهاجرين
من جانبه، يؤكد مواطنه أحمد أن "حلمي الوحيد هو العبور إلى بريطانيا"، قبل أن يتابع مفسرا سبب وجوده في "المركز الإنساني": "لم أجد ما أتيت من أجله. كنت أود الحصول على معطف دافئ، لكن ما يهمني هو المرور إلى بريطانيا وليس اللباس أو الغذاء"، يبوح أحمد لمهاجر نيوز بنوع من الصعوبة في الكلام، تظهر الحالة النفسية الصعبة التي يوجد عليها هؤلاء المهاجرون.
وعلى خلاف أحمد، الذي تحدث لمهاجر نيوز بابتسامة يعلوها نوع من الحزن، بدت مجموعة من المهاجرين في حالة فرح بالفضاء المخصص لتوزيع الملابس. كل منهم أتى لأجل هدف معين. الطيب، وهو اسم مستعار، أتى خصيصا لأجل الحصول على حذاء. "لقد وجدت ما كنت أرغب فيه"، يقول لمهاجر نيوز، وهو يغادر فضاء الملابس، ملقيا النظر من حين لآخر لحذائه "الجديد"، فيما كان آخرون يجربون ألبسة مختلفة من سراويل ومعاطف وغيرها.
استشارات طبية ونفسية
هذا، في وقت كان فيه العديد منهم ينتظرون في طابور دورهم للدخول لدى الطبيب. و"تنتشر الأمراض التنفسية وسط هؤلاء المهاجرين بسبب الظروف التي يعيشونها"، تقول لويزة منسقة أطباء العالم، و"وضعهم يصعب معه متابعة حالتهم الصحية باستمرار، ما قد يؤدي في مجموعة من الحالات إلى استفحالها".
وتلفت لويزة إلى أن البعض منهم تناولوا أدوية مخدرة في ليبيا، يجهل إن كانت لأجل مرض معين أو لتهدئتهم، كما لا يعرف إن كانت قدمت لهم في المستشفيات أو في مراكز الاحتجاز، وعندما يصلون إلى هنا يكونون في حاجة ماسة إليها بسبب فعل الإدمان.
فضاء للإنترنت
لكن لا يوجد أي تقرير رسمي في الموضوع، يؤكد الطبيب النفسي، العامل لحساب أطباء بلا حدود، إغزافيي غيلمان لمهاجر نيوز، "إلا أن هذا الأمر ورد على لسان العديد من المهاجرين، على أنهم تلقوا مواد مهدئة عند تواجدهم في ليبيا".
ولا تتوقف الحركة داخل المركز، الذي يفتح أبوابه بوجه المهاجرين من الاثنين حتى الجمعة، وفق برنامج يومي مفصل. "المهاجرون عموما على علم بهذا البرنامج، سواء عن طريق أصدقائهم أو من خلال حملات نقوم بها في نقاط توزيع الطعام"، توضح المتطوعة الإيطالية غية لمهاجر نيوز.
فبالإضافة إلى الخدمات الطبية والقضائية التي قد يحتاجها المهاجرون أمام الإدارات، يوفر المركز لهم أيضا فضاء لشحن الهواتف ولدخول شبكة الإنترنت. "هو فضاء يسمح لهم بالبقاء في علاقة مع العالم الخارجي، والتواصل مع عائلاتهم" ثلاثة أيام في الأسبوع.
infomigrants