الهجرات الجماعية تنذر بحروب في أوروبا
تتواصل الهجرات الجماعية نحو أوروبا من كل أنحاء العالم، الأمر الذي أثار توترات، داخل الدول الاوروبية وفي ما بينها.
تحول لافت
وكتب هوارد، في مجلة "ناشونال إنترست"، تجسد الهجرات الحديثة تحولاً لافتاً. فبعدما كانت الحروب، على مر التاريخ، سبباً في حدوث موجات من الهجرة، حيث اضطر ملايين المدنيين إلى الهرب من معارك نشبت في أوروبا، وفي مناطق عدة خلال الحرب العالمية الثانية، أدت الحرب الأهلية في سوريا للجوء قرابة 5,3 مليون سوري، بالإضافة لعدد كبير منهم نزحوا نحو مناطق أخرى داخل الأراضي السورية. ولكن اليوم، لم تعد الحروب سبباً في حدوث هجرات جماعية، بل أصبحت هي ذاتها سبباً لحروب.
تقديرات
ويرجع الكاتب سبب هذه الحالة للأثر الكبير الذي تركته أزمة الهجرة المعاصرة. فبحسب تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أجبر حوالي 65,6 مليون شخص في العالم على ترك بيوتهم، حيث تحول بعضهم إلى نازحين داخل أوطانهم. ولكن 22,5 مليون شخص تقريباً هاجروا من بلدانهم الأصلية.
وقد تضرر بعض دول في العالم، إلى جانب أوروبا، من آثار تلك الموجات الهائلة من المهاجرين. فعلى سبيل المثال، ومنذ أغسطس (آب) 2017، هرب حوالي نصف مليون من مسلمي الروهينغا خوفاً من العنف والقمع في بلدهم الأصلي، ميانمار، نحو مناطق أكثر أمناً، مثل بنغلادش وتايلاند وإندونيسيا وماليزيا.
هجرة اقتصادية
ويشير هوارد لما أصبح يعرف باسم "الهجرة الاقتصادية"، وحيث يهرب ملايين من الفقر في بلدانهم. ويرجع البعض سبب هذه الظاهرة لزيادة كبيرة في أعداد السكان، أو للأثر المدمر لتحول المناخ على مصادر الغذاء. لكن هناك قوة دافعة تمثلت في زيادة وعي اللاجئين. فقد أصبح الناس اليوم، بفضل صور وأفلام تبث عبر الفضائيات والانترنت وأجهزة الهاتف النقال، أكثر اطلاعاً على الرفاه النسبي الذي ينعم به سكان الغرب.
دور العصابات
ويشير الكاتب لسبب آخر للهجرة يتمثل في انتشار عصابات إجرامية، والتي استطاعت جني أرباح طائلة من خلال عمليات تهريب وتنظيم رحلات لنقل مهاجرين من منطقتين رئيسيتين حول العالم، من ليبيا نحو أوروبا، وفي تايلاند، كنقطة عبور خاصة بلاجئي الروهينغا.
تدخل
وبحسب هوارد، قد تدفع تلك الموجة الهائلة من المهاجرين، أو حتى مجرد وجود خطرها، بحكومات غربية لغزو أراضٍ أجنبية، سواء كانت دول مغادرة أو عبور، مثل ليبيا، كمسعى لوقف تلك تدفق مهاجرين. وليس هذا بجديد، فقد تورطت دول غربية في حروب البلقان منذ بداية التسعينات وحتى منتصفها، من أجل وقف هجرات جماعية.
مبادرات وبرامج
ويقول الكاتب إن التدخل قد يكون أيضاً سلمياً، كتوفير المساعدات الخارجية والغذائية، وإطلاق مبادرات وبرامج تهدف للحد من أعداد المهاجرين. لكن قد يتخذ التدخل أشكالاً عسكرية، كنشر قوات لفرض الاستقرار في دول أجنبية تواجه حالات نزوح من أراضيها.
وبرأي هوارد، قد لا تؤدي مثل تلك الإجراءات لتقليل عدد اللاجئين، أو القضاء على رغبات آخرين في الهجرة، بل قد تتعداها من أجل إعادة مهاجرين حاليين إلى" دول آمنة".
وقد عبرت دول، بينها ألمانيا، عن نيتها ترحيل عدد من اللاجئين نحو بلدانهم الأصلية، في حال انتفت أسباب وجودهم على أراضيها.