تفاصيل جديدة عن جاسوس نظام طهران الدنماركي: ما هي أصوله وكيف تم تجنيده؟

يورو تايمز / كوبنهاغن – برلين
ألقت السلطات الدنماركية القبض على مواطن يُدعى “علي س.”، يبلغ من العمر 53 عامًا ويحمل الجنسية الدنماركية، بناءً على مذكرة توقيف ألمانية تتهمه بالتجسس لصالح أجهزة الاستخبارات الإيرانية.
ووفقًا للنيابة الفيدرالية الألمانية، فإن الرجل كان يعمل لصالح جهة مرتبطة بالاستخبارات الإيرانية، ويُشتبه في قيامه بجمع معلومات حول شخصيات ومواقع يهودية في العاصمة الألمانية برلين، في خطوة يرجّح أنها كانت تمهيدًا لهجوم محتمل.
جاء الاعتقال بعد عملية أمنية نفذها جهاز الاستخبارات الدنماركي PET، بالتنسيق مع جهاز حماية الدستور الألماني BfV، في صباح الاول من يوليو حيث تم مداهمة شقة في مدينة ارهوس الدنماركية .
ويُتوقع أن يتم تسليم المشتبه به إلى السلطات الألمانية خلال الأيام المقبلة، حيث ستُوجَّه إليه تهم رسمية بالتجسس وتهديد الأمن القومي.
خلفيات وتحركات مريبة
تشير التحقيقات الأولية إلى أن علي س. من أصول أفغانية، وكان قد أقام في برلين لعدة أشهر عام 2022، حيث يُعتقد أنه بدأ هناك أنشطته التجسسية.
وبحسب ما كشفته صحيفة دير شبيغل، فإن الرجل عاد إلى برلين ثلاث مرات بين مايو ويونيو 2025، وقام بتصوير منشآت ومراكز يهودية بينها مقر الجمعية الألمانية-الإسرائيلية ومبانٍ سكنية يُعتقد أنها مرتبطة بشخصيات يهودية بارزة.
ووفقًا للمصادر الأمنية، كان علي س. يستخدم هاتفًا مزودًا ببطاقة SIM ألمانية مدفوعة مسبقًا ويرفع الصور إلى خوادم سحابية مشفّرة يُعتقد أن جهة وسيطة في تركيا تتحكم بها، في أسلوب مشابه لحالات تجسس إيرانية تم إحباطها في كل من اليونان وألمانيا خلال السنوات الماضية.
موقف السلطات الألمانية والدنماركية
أصدرت وزارة الخارجية الألمانية بيانًا شديد اللهجة استنكرت فيه النشاط الاستخباري الإيراني داخل الأراضي الألمانية، واستدعت السفير الإيراني في برلين لتقديم احتجاج رسمي. كما أعلنت شرطة برلين رفع مستوى التأهب في محيط المؤسسات والمراكز الدينية والثقافية اليهودية.
أما في كوبنهاغن، فقد أشادت السلطات بسرعة التعاون مع ألمانيا في كشف وتوقيف المتهم، مؤكدة التزامها الكامل بحماية أراضيها من أي نشاط عدائي خارجي.
امتداد لنهج إيراني متكرر
يُنظر إلى هذه القضية باعتبارها جزءًا من سلسلة محاولات إيرانية لاستخدام خلايا نائمة أو متعاونين في أوروبا لتنفيذ أعمال تخريبية أو هجمات اغتيال.
وتأتي بعد محاولات مشابهة في اليونان ضد مركز يهودي، وفي ألمانيا ضد كنيس بمدينة بوخوم، إضافة إلى قضية محاولة اغتيال أحد قادة المعارضة الأحوازية في هولندا عام 2018.
تجدد هذه الحادثة الدعوات الأوروبية لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وتدعو إلى مراقبة أكبر للتحركات والتمويلات المرتبطة بطهران داخل القارة.
أسئلة مفتوحة
لا تزال التحقيقات مستمرة حول طبيعة المهام التي كُلّف بها علي س.، ومدى تورطه في شبكات أوسع، وإذا ما كانت هناك خلية أخرى تعمل داخل ألمانيا أو الدنمارك، كما تسعى الأجهزة الأمنية لتحديد الجهة الإيرانية التي أشرفت على العملية، سواء كانت وزارة الاستخبارات (MOIS) أو فيلق القدس التابع للحرس الثوري.
خيط زمنيّ مفصَّل
التاريخ الحدث
مطلع 2025 كلَّفته جهة تابعة للاستخبارات الإيرانية (يُرجَّح «قوّة القدس» بالحرس الثوري) برصد أهداف يهودية في برلين.
أيار/مايو 2025 زيارة استطلاعية أولى لبرلين؛ يلتقط صورًا أولية لعدة مواقع دينية وثقافية يهودية (بحسب مصدر أمني لصحيفة Der Spiegel).
15–25 يونيو 2025 يجري ثلاث عمليات مراقبة تفصيلية؛ أبرزها مقر الجمعية الألمانية-الإسرائيليّة وإحدى البنايات التي يقيم فيها أحيانًا الدكتور يوسف شوستر رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا.
27 يونيو 2025 (الخميس) اعتقاله في آرهوس بعد بلاغ استخباراتي من جهاز حماية الدستور الألماني BfV.
1 يوليو 2025 ألمانيا تستصدر أمرَ تسليم وتستدعي السفير الإيراني في برلين للاحتجاج الرسمي.
شخصية المشتبه به ومسار التجنيد
الخلفيّة: لا سجلّ جنائيّ معروف في الدنمارك، عملَ كسائق شحن حرّ؛ أقام سابقًا في برلين ستة أشهر عام 2022.
التجنيد: تقول النيابة إن «علي س.» تواصل بداية السنة مع وسيط أفغاني-إيراني مقيم بطهران، تلقّى عبره تعليمات ومبالغ نقدية صغيرة (إجمالي حوالى 4 آلاف €) مقابل تصوير المواقع وتوثيق الإجراءات الأمنية حولها.
أسلوب الرصد: استخدم هاتفًا مزوَّدًا ببطاقة SIM ألمانية مدفوعة مسبقًا، وكان يرفع الصور إلى سحابة مشفَّرة تحكمها جهة وسيطة في تركيا.
خاتمة
تسلط هذه القضية الضوء من جديد على مدى التغلغل الاستخباراتي الإيراني في أوروبا، واستخدام طهران لأساليب غير تقليدية لتجنيد عناصر محلية أو مهاجرين من خلفيات متنوعة، في إطار استراتيجية تستهدف الخصوم والمعارضين وحتى الجاليات اليهودية.
ومع ترقّب بدء محاكمة المشتبه به أمام القضاء الألماني، تتزايد الضغوط على العواصم الأوروبية لتشديد الرقابة وإعادة النظر في تعاملها مع النظام الإيراني وشبكاته الأمنية.