آراء

صواريخ السويد بعيدة المدى: من دولة حيادية إلى قوة ردع في بحر البلطيق

كتب المحرر السياسي ليورو تايمز

منذ انضمامها إلى حلف الناتو، تمضي السويد بخطوات متسارعة نحو إعادة تعريف دورها الأمني في شمال أوروبا.

شراء أنظمة HIMARS الصاروخية بعيدة المدى لم يكن مجرد تحديث عسكري تقني، بل هو إعلان ضمني بأن السويد لم تعد “الدولة الهادئة” التي تقف على الهامش، بل باتت جزءًا من عمق الصراع الجيوسياسي القائم على تخوم روسيا.

الدرس الذي استخلصته ستوكهولم من حرب أوكرانيا واضح: الحماية لا تُشترى فقط بالتحالفات، بل بالقدرة على الردع.

من هنا، تسعى السويد لتجهيز نفسها بما يكفي من أدوات الردع القادر على إصابة أهداف حيوية داخل الأراضي الروسية، بما في ذلك كالينينغراد ومحيط سانت بطرسبرغ.

لكن مقارنة بسيطة مع أوكرانيا تظهر تباينًا جوهريًا. فبينما تُراكم كييف خبرتها تحت ضغط المعركة، تبني السويد قدراتها من دون تجارب ميدانية، بل عبر ما توفره التقنية الغربية من دعم وتدريب ودمج في منظومات دفاع الناتو. وعلى عكس أوكرانيا، فإن السويد تنطلق من موقع متقدم تقنيًا ولوجستيًا، ما يجعلها قادرة على الوصول بسرعة إلى مستويات ردع فعالة.

هذا التحول لن يمر دون رد. موسكو، التي تعتبر بحر البلطيق خط دفاع استراتيجي، لن تترك السويد تملأ فراغ الردع من دون محاولة لزعزعة استقرارها. وعلينا أن نتوقع موجات من التصعيد الإعلامي، وزيادة في الأنشطة السيبرانية الروسية، بل وربما مناورات عسكرية استفزازية في المناطق الحدودية البحرية.

مع ذلك، من الخطأ تصور أن السويد تحاول لعب دور هجومي. بل هي تستبق أي فراغ أمني، وتؤسس لوضع جديد لا يمكن لروسيا تجاهله. وفي ميزان القوى الإقليمي، لم يعد الاكتفاء بالبنية الدفاعية التقليدية خيارًا، بل باتت أنظمة الضربات الدقيقة ضرورة استراتيجية لكل دولة في مرمى الصراع المحتمل.

يبقى التحدي الآن في كيفية تحصين الداخل، ليس فقط بالسلاح، بل بالحكمة السياسية والتأهب السيبراني، لضمان أن لا تتحول أدوات الردع إلى شرارات صراع غير مقصود.

زر الذهاب إلى الأعلى