موجة البرد في فرنسا: هل إيقاف التدفئة ليلًا أفضل أم خفضها لتوفير الطاقة؟

يورو تايمز / باريس
مع عودة البرد القارس في فرنسا وتسجيل درجات حرارة سلبية في عدد كبير من المدن، يجد كثير من الأسر نفسها أمام سؤال متكرر: هل من الأفضل إيقاف التدفئة كليًا ليلًا أم الاكتفاء بخفضها من أجل تقليل استهلاك الطاقة؟ الإجابة، بحسب خبراء الطاقة، تعتمد أساسًا على عزل المسكن ونوع نظام التدفئة المستخدم.
توصي Agence de la transition écologique (Ademe) بخفض درجة الحرارة ليلًا إلى ما بين 16 و17 درجة مئوية في غرف النوم والغرف غير المستخدمة، بدل 19 درجة نهارًا. ويعود ذلك لأسباب صحية، إذ إن الجسم ليلًا يبطئ نشاطه الأيضي ويبرد بشكل طبيعي، ما يجعل الحرارة المرتفعة مضرة بجودة النوم، وقد تؤدي إلى جفاف الهواء وتهيج المسالك التنفسية وحدوث استيقاظ متكرر أثناء الليل.
إلى جانب الفوائد الصحية، يشكّل خفض التدفئة وسيلة فعالة لتقليل الفاتورة الطاقية، إذ تقدّر Ademe أن خفض درجة واحدة مئوية يتيح توفير نحو 7% من استهلاك الطاقة، ما يعني أن التدفئة الليلية المفرطة تمثل استهلاكًا غير ضروري للكهرباء أو الغاز.
الإيقاف الكامل ليس مناسبًا للجميع
غير أن خفض الحرارة لا يعني بالضرورة إيقاف التدفئة كليًا. فالأمر يختلف باختلاف مستوى العزل الحراري للمسكن. في المساكن ذات العزل الممتاز، يمكن في بعض الحالات إطفاء التدفئة ليلًا دون خسائر كبيرة، لأن الجدران والنوافذ تحتفظ بالحرارة المتراكمة خلال النهار، ما يجعل إعادة التشغيل صباحًا أقل استهلاكًا للطاقة من إبقاء التدفئة عاملة طوال الليل. لكن هذا الخيار يظل محدودًا جدًا، إذ تشير البيانات الحكومية إلى أن نحو 3.3% فقط من المساكن الفرنسية تتمتع بتصنيف طاقي ممتاز من الفئة A.
في المقابل، تعاني غالبية المساكن من تسربات حرارية عبر الجدران أو الأسقف أو النوافذ. وفي هذه الحالة، يؤدي إيقاف التدفئة تمامًا إلى انخفاض كبير في درجة الحرارة داخل المنزل، ما يجعل إعادة التدفئة صباحًا أكثر كلفة طاقيًا من الحفاظ على حد أدنى من الحرارة خلال الليل.
“المساكن الرديئة العزل” الأكثر تضررًا
في ما يُعرف بـ”المساكن الآكلة للطاقة” أو ذات العزل الضعيف، ينصح الخبراء بعدم إطفاء التدفئة بالكامل، بل الاكتفاء بخفض طفيف في الحرارة. فالتفاوت الكبير بين حرارة الليل والنهار يجعل الجدران والأرضيات شديدة البرودة، ما يطيل زمن إعادة التسخين ويزيد استهلاك الطاقة، ويؤدي إلى شعور كبير بعدم الراحة في الصباح.
الحذر مع أنظمة التدفئة ذات القصور الحراري العالي
وتشدد التوصيات على عدم إطفاء الغلايات تمامًا، خاصة تلك التي تعمل بالغاز أو الفيول وتغذي مشعات حديدية ذات قصور حراري عالٍ، إذ إن إعادة تشغيلها تستهلك طاقة أكبر وتتطلب وقتًا أطول لإعادة توزيع الحرارة. في هذه الحالات، يُعد خفض الحرارة ليلًا الخيار الأكثر توازنًا بين الراحة والتوفير.
أما أنظمة التدفئة الكهربائية الحديثة أو المشعات ذات القصور الحراري المنخفض، فتسمح بمرونة أكبر في خفض الحرارة، لكنها لا تعفي من ضرورة مراعاة عزل المسكن، لأن إعادة تشغيلها في منزل ضعيف العزل قد تكون مكلفة أيضًا.
