د بندر عباس اللامي: ملف العراق 2025.. الاستقرار الهش وفقدان السيادة والتحولات في القرار السياسي

يعيش العراق في نهاية عام 2025 حالة تُعرف بـ “الهدوء القلق”. فبينما تحاول الحكومة بدون اي نجاح في تقليل مظاهر العنف المسلح في المدن الكبرى ! إلا أن هذا الاستقرار الهش يصطدم بتحولات سياسية كبرى أفرزتها انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2025 أبرزها :-
-مأزق تشكيل الحكومة: نظرا إلى نتائج انتخابات 2025 المثيرة للجدل والتي تحوم حوّلها علامات الاستفهام اظهرت تفتتاً في الكتل السياسية، حيث لم يحصل أي طرف على أغلبية مريحة ؟! مما أعاد البلاد إلى “دائرة التفاوض العقيمة خلف الأبواب المغلقة” لتوزيع الحصص الوزارية وفق نظام المحاصصة (المكوناتية سيئ الصيت والمحتوى)!
-عسكرة السياسة: تحول الصراع من “المواجهة المسلحة” إلى “السيطرة المؤسساتية”. الفصائل المسلحة أصبحت تمتلك نفوذاً داخل مفاصل الدولة والقرار القضائي، مما يجعل أي محاولة للإصلاح الهيكلي تصطدم بـ “الفيتو” غير المعلن لهذه القوى.
-الفجوة الشعبية: انعدام الثقة بالنظام وبالعملية الديموقراطية دفع الغالبية العظمى من الناخبين إلى العزوف، مما جعل شرعية القرار السياسي تعتمد على التوافقات النخبوية لا على القاعدة الشعبية.
ثانياً: النفوذ الإقليمي والدولي (العراق كساحة صراع وتوازن)
لا يزال العراق يمثل “صندوق بريد” ورأس حربة في الصراع (الإقليمي – الدولي).
-المحور الإيراني – الأمريكي: رغم الضغوط الأمريكية لحصر السلاح، لا تزال طهران تمتلك أوراق ضغط قوية عبر حلفائها في “الإطار التنسيقي”. في المقابل، تستخدم واشنطن “الورقة المالية” (الدولار) كأداة للضغط على القرار العراقي.
-سياسة “النأي بالنفس”: حاولت الحكومة في 2025 عبر “قمة بغداد” لعب دور الوسيط، لكن اتساع رقعة الصراع الإقليمي (خاصة التوتر الإيراني الإسرائيلي) جعل من الصعب بقاء العراق بمنأى عن التداعيات الأمنية.
ثالثاً: ملف السيادة والاقتصاد (الريع والعجز)
يمثل الاقتصاد “الكعب الأخيل” للسيادة العراقية.
-سيادة مفقودة تحت وطأة “الفدرالي الأمريكي”: لا يزال البنك الفدرالي الأمريكي يتحكم في تدفقات الدولار للعراق، مما يجعل السيادة المالية العراقية مرتبطة بمدى امتثال بغداد لمعايير واشنطن في مكافحة غسيل الأموال ومنع وصولها لدول الجوار.
-الاقتصاد الريعي والتضخم المالي: يعتمد العراق بنسبة 93٪على النفط لتغطية الموازنة. مع هبوط أسعار النفط العالمية في 2025، واجهت الحكومة عجزاً حاداً في تغطية رواتب القطاع العام الذي يضم أكثر من 40٪من القوى العاملة علما ان غالبية من يتقاضون رواتب هم معينيين من قبل القوى التي تهيمن على السلطة منذ نيسان ٢٠٠٣ وهم من يعيدون هذه الوجوه الكالحة إلى البرلمان والحكومة وهم لايقدمون أية خدمات للدولة ناهيك عن الأرقام التريولونية التي تصرف رواتب لسواح رفحا وما يسمون انفسهم بالسجناء السياسيين علما انهم جميعا ليس لهم علاقة بالسياسة قبل الاحتلال وجميعنا يعلم ان هؤلاء هم من المجرمين وارباب السوابق المطلوبين للقضاء العراقي قبل الاحتلال؟!
-طريق التنمية: يمثل “طريق التنمية” الرهان الاقتصادي الأكبر لربط الشرق بالغرب، لكنه يواجه تحديات أمنية وتنافس من مشاريع إقليمية أخرى.
أبرز القضايا التي أثارت الجدل ولا تزال في العراق
١-قانون الأحوال الشخصية: التعديلات المقترحة التي تثير مخاوف حقوقية حول زواج القاصرات وتكريس السلطة المذهبية.
٢-السلاح المنفلت: بقاء سلاح الفصائل خارج إطار السيطرة المركزية رغم الوعود المتكررة بدمجه.
٣-تعديل قانون الانتخابات: الجدل حول العودة لنظام “الدوائر المتعددة” أو “الدائرة الواحدة” الذي يخدم الأحزاب الكبيرة.
٤-التغيير الديموغرافي: اتهامات متبادلة حول محاولات تغيير هوية بعض المناطق (مثل جرف الصخر والمناطق المتنازع عليها).
٥-أزمة سعر الصرف: الفجوة المستمرة بين السعر الرسمي والسوق الموازية وأثرها على معيشة الفقراء.
٦-ملف النزوح والعودة: لا يزال آلاف العراقيين في المخيمات (مثل مخيم الهول) وسط مخاوف أمنية من عودة خلايا داعش.
٧-الفساد المالي (سرقات القرن 2): الكشف عن ملفات فساد كبرى جديدة تورط فيها “الدرجات الخاصة” في الوزارات السيادية.
٨-التدخل التركي والسيادة: العمليات العسكرية التركية المستمرة في الشمال واحتلال اجزاء مهمة من شمال العراق وملف حزب العمال الكردستاني.
٩-التغير المناخي وجفاف الأهوار: فقدان العراق لمصادر المياه وتأثير ذلك على هجرة سكان الأرياف للمدن.
١٠-العلاقة بين بغداد وأربيل: فالصراع الدائم على موازنة الإقليم، وقرارات المحكمة الاتحادية بخصوص تصدير النفط والغاز.
الاستقرار المفقود
بناءً على التقارير الميدانية والحقوقية المحدثة حتى نهاية عام 2025، العراق من “الاستقرار المفقود إلى “المنطقة الرمادية”؛ وهي الملفات التي تُصنف بأنها “خطوط حمراء” أو قضايا مسكوت عنها نظراً لحساسيتها الأمنية والسياسية والاجتماعية.
إليك رصد لأعمق الملفات المسكوت عنها في العراق:
1. السجون السرية والاختفاء القسري
2. الملف المعلق)
رغم إعلان الحكومات المتعاقبة كذبا خلو البلاد من السجون السرية إلا أن تقارير منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة لعام 2025 لا تزال تشير إلى وجود مئات آلالاف من المفقودين منذ عمليات (2014-2017).
المسكوت عنه: هوية الجهات التي تدير مواقع احتجاز غير رسمية في مناطق معينة (مثل “جرف الصخر”)، ومصير المغيبين الذين لم يدرجوا في السجلات الرسمية. هذا الملف يُفتح فقط في المزايدات الانتخابية ثم يُغلق بـ “فيتو” أمني. 2. التلوث الإشعاعي وتجارة “الموت البطيء” يعاني العراق من إرث ثقيل من التلوث الإشعاعي والكيميائي نتيجة الحروب المتعاقبة، خاصة في البصرة والفلوجة. المسكوت عنه: ارتفاع معدلات السرطان والتشوهات الخلقية بنسب تفوق المعدلات العالمية بعشر مرات في مناطق معينة، مع “تعتيم” على حجم التلوث في الأراضي الزراعية والمناطق التي استخدمت فيها ذخائر اليورانيوم المنضب، خوفاً من المطالبات بالتعويضات الدولية أو إثارة الذعر الشعبي.
3. تجارة الأعضاء والاتجار بالبشر (تجار الفقر)
مع ارتفاع معدلات الفقر تحت خط الـ٣٥- ٤٠٪ في عدد لايستهان به من المحافظات، نشأت شبكات جريمة منظمة تتغذى على حاجة البسطاء.
-المسكوت عنه: تغلغل هذه الشبكات داخل بعض المؤسسات الصحية أو الغطاء الذي توفره بعض القوى المسلحة لتسهيل عمليات نقل الأعضاء البشرية عبر الحدود. يُنظر لهذا الملف كجريمة جنائية بسيطة، بينما هي “تجارة منظمة” عابرة للحدود.
4. اقتصاد الظل و”غسيل الأموال” المؤسساتي
بعيداً عن “سرقات القرن” الشهيرة، هناك نظام موازي يدير المليارات بعيداً عن أعين الرقابة وبعلم وتنسيق وشراكات مع مؤسسات الدولة ؟!
-المسكوت عنه: كيفية استخدام “المنافذ الحدودية” و”مزادات العملة” لتمويل صراعات إقليمية وتغذية صناديق الأحزاب السياسية. هذا الملف يمس جوهر بقاء النخبة السياسية، لذا يُمنع المساس بجذوره الحقيقية ويكتفى بملاحقة صغار الموظفين.
5. التهجير القسري الصامت والتغيير الديموغرافي
هناك مناطق في العراق لا يزال أهلها ممنوعين من العودة إليها لأسباب “أمنية” غير واضحة.
-المسكوت عنه: محاولات تغيير الخارطة السكانية في مناطق استراتيجية لتأمين ممرات برية إقليمية أو حماية مصالح اقتصادية (مثل الأراضي الزراعية والموارد المائية). هذا الملف يُعد من أكثر القضايا حساسية لأنه يمس “الأمن القومي” للفصائل والقوى المتنفذة.
لماذا يظل الكلام عن هذه الملفات “صعباً”؟
ابرز الملفات
-المغيبون
-تورط قوى فاعلة في الدولة
-هدم التوافق السياسي الهش.
التلوث البيئي
تكلفة التطهير والتعويضات
-عبء مالي
