تحقيقات ومقابلات

جدل في فرنسا حول أسعار الكهرباء بعد نهاية نظام ARENH: بين تطمينات الحكومة وتحذيرات الجمعيات

يورو تايمز / باريس
يترقّب ملايين المستهلكين في فرنسا نهاية العمل بنظام ARENH مع حلول 31 ديسمبر 2025، وسط جدل متصاعد بين الحكومة الفرنسية وجمعيات حماية المستهلك حول التأثير الحقيقي لهذا القرار على فواتير الكهرباء خلال السنوات المقبلة، بين من يتحدث عن استقرار الأسعار ومن يحذر من ارتفاع فعلي مقنّع تتحمّل كلفته الأسر الفرنسية.

وينهي هذا التاريخ العمل بآلية ARENH، أو ما يُعرف بـ«الولوج المنظَّم إلى الكهرباء النووية التاريخية»، وهو نظام أُقرّ بقانون عام 2010 ودخل حيز التنفيذ في 2011، وكان يهدف إلى حماية المستهلكين وتشجيع المنافسة بعد فتح سوق الكهرباء أمام مزودين جدد غير شركة EDF.

ما هو ARENH ولماذا أُنشئ؟

ألزم هذا النظام شركة EDF، بصفتها المنتج الأكبر للكهرباء النووية في فرنسا، ببيع جزء من إنتاجها لمزوّدين منافسين بسعر ثابت بلغ 42 يورو للميغاواط/ساعة، وهو أقل من سعر السوق. وقد مكّن ذلك شركات بديلة مثل TotalEnergies وENI وغيرها من تقديم عروض تنافسية للمستهلكين، خصوصًا خلال أزمة الطاقة بين عامي 2021 و2023، حين تجاوز سعر الكهرباء في السوق الفورية 740 يورو للميغاواط/ساعة.

وبفضل هذا النظام، غادر نحو 32% من المستهلكين الفرنسيين العقود التقليدية لدى EDF لصالح مزودين آخرين، ما غيّر ملامح سوق الكهرباء بشكل جذري.

تحذيرات من “انفجار الفواتير”

مع اقتراب نهاية ARENH، دقّت جمعية UFC-Que Choisir ناقوس الخطر، معتبرة أن إنهاء هذا النظام سيؤدي إلى ارتفاع حاد في فواتير الكهرباء خلال السنوات المقبلة، واصفة التأثير المحتمل بأنه «كارثي» على القدرة الشرائية للأسر.

وترى الجمعية أن ARENH لم يكن مجرد أداة لدعم المنافسة، بل شكّل أيضًا درعًا واقيًا لفواتير المستهلكين، خصوصًا في فترات اضطراب الأسواق.

الحكومة: الأسعار ستبقى مستقرة

في المقابل، سعت الحكومة الفرنسية إلى طمأنة الرأي العام. فقد أكدت وزارة الاقتصاد، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، أن أسعار الكهرباء ستبقى مستقرة على الأقل خلال عامي 2026 و2027 بالنسبة لغالبية الأسر، مستندة إلى انخفاض أسعار الكهرباء المنتَجة من مصادر فرنسية منخفضة الكربون في أسواق الجملة.

تحليل Hello Watt: الخسارة غير مرئية

للفصل بين الروايتين، نشرت شركة Hello Watt دراسة تحليلية قارنت بين سيناريوهين: استمرار ARENH افتراضيًا، أو إنهاؤه فعليًا كما هو مقرر.

وخلصت الدراسة إلى أن الأسعار لن ترتفع رسميًا بعد نهاية النظام، لكنها في الوقت نفسه لن تنخفض كما كان ينبغي في ظل تراجع أسعار الجملة. وبحسب Hello Watt، فإن أكثر من نصف الكهرباء التي كان يستهلكها مشتركو التعرفة المنظمة في 2025 كانت تُسعَّر وفق ARENH بسعر 42 يورو للميغاواط/ساعة، في حين سيُشترى كامل الاستهلاك ابتداءً من 2026 بسعر سوقي متوسط يُقدّر بنحو 64.3 يورو للميغاواط/ساعة.

وبحسب الحسابات، فإن نهاية ARENH تعادل زيادة نظرية بنحو 9% في التعرفة المنظمة، لكن هذه الزيادة تُخفى بفعل انخفاض أسعار السوق، ما يؤدي عمليًا إلى ضياع وفورات محتملة تُقدّر بنحو 100 يورو سنويًا لكل أسرة.

ماذا لو ارتفعت الأسعار مجددًا؟

تحذّر الدراسة من أن هذا السيناريو يفترض استقرار أسعار الكهرباء في الأسواق، وهو أمر غير مضمون، خصوصًا في ظل الأزمات الجيوسياسية والطاقية. وحتى الحكومة نفسها لا تضمن الاستقرار إلا حتى عام 2027.

ولتدارك المخاطر، أعلنت السلطات الفرنسية عن آلية بديلة تُعرف باسم «العائد النووي الشامل» (VNU)، تقوم على فرض ضرائب مرتفعة على أرباح EDF وإعادة توزيعها على المستهلكين إذا تجاوزت أسعار الكهرباء سقوفًا محددة، تبدأ من 78 يورو للميغاواط/ساعة وتصل إلى اقتطاع 90% من الأرباح إذا تجاوز السعر 110 يورو.

غير أن فعالية هذا النظام تبقى غير مؤكدة، نظرًا لعدم دخوله حيز التنفيذ بعد، ولارتباط تفعيله بارتفاع كبير في الأسعار، وهو ما يعني عودة أزمة الكهرباء من جديد.

المصدر: RMC Conso – AFP – Hello Watt – UFC-Que Choisir

زر الذهاب إلى الأعلى