سباق التسوق قبل عيد الميلاد يضع الباعة في فرنسا تحت ضغط غير مسبوق

يورو تايمز / باريس
مع اقتراب عيد الميلاد، تدخل المتاجر الفرنسية، من محال العطور والمجوهرات إلى متاجر الملابس الجاهزة، مرحلة توصف من قبل العاملين فيها بأنها الأكثر كثافة وإجهادًا خلال العام. ففي الأسبوعين الأخيرين قبل العيد، يتحول التسوق إلى سباق محموم لشراء الهدايا وملابس السهرات في اللحظات الأخيرة، ما يضع الباعة وموظفي المتاجر في مواجهة ضغط غير اعتيادي.
ازدحام شديد، نفاد سريع للسلع، طوابير طويلة أمام صناديق الدفع، وفوضى في الأروقة… مشاهد تتكرر سنويًا في المراكز التجارية ووسط المدن، حيث يصبح شهر ديسمبر بمثابة ماراثون حقيقي للعاملين في قطاع البيع بالتجزئة.
خطوات لا تُحصى وساعات عمل مرهقة
كارلا، شابة تبلغ من العمر 21 عامًا تعمل في متجر للملابس الجاهزة، تقول إنها لم تكن تتخيل قبل العمل في موسم الأعياد أنها ستقطع ما بين 18 و20 ألف خطوة يوميًا، بحسب ساعتها الذكية. لكنها تؤكد أنه لا خيار آخر، إذ يتعين عليها البقاء في حالة نشاط دائم لاستقبال موجات الزبائن الباحثين عن هدايا عيد الميلاد.
وتوضح كارلا، التي تعمل في أحد متاجر مركز “بوغرونيل” التجاري في باريس، أن الأيام الحالية ما زالت مرحلة استطلاع، لكن مع حلول عطلة نهاية الأسبوع تبدأ الوتيرة بالتصاعد بشكل حاد، لتتحول الأيام القليلة التي تسبق العيد إلى الأكثر ضغطًا طوال السنة، خاصة وأن نحو ثلث الفرنسيين اعتادوا القيام بمشترياتهم في اللحظات الأخيرة.
توقعات مرتفعة وضغط نفسي
وتضيف أن هذه الفترة، رغم ما تحمله من أجواء حماسية، تُعد مرهقة للغاية جسديًا ونفسيًا، إذ ترتفع توقعات الإدارات وتُعد هذه المرحلة حاسمة لنتائج المبيعات السنوية. وترى أن شهر ديسمبر يمثل تحديًا حقيقيًا يتطلب من العاملين أن يكونوا في حالة تركيز قصوى رغم الإرهاق.
الأزياء السريعة… كثافة بلا توقف
في متاجر الأزياء السريعة، يبدو الضغط مضاعفًا. براندون، الذي يعمل منذ عامين في أحد عمالقة الموضة العالمية، يصف الوضع قائلًا إن العمل لا يتوقف لحظة واحدة، وإن الصعوبة لا تكمن في المهام نفسها، بل في شدة الإيقاع المتواصل.
ويشتكي من أن عدد العاملين لم يتم تعزيزه بما يتناسب مع حجم الضغط، رغم ارتفاع حجم العمل بشكل واضح، موضحًا أن الأيام تتحول إلى سباق دائم بين غرف القياس، وصناديق الدفع، وترتيب الملابس، والتعامل مع زبائن يفقدون صبرهم بسرعة.
تعزيز محدود بعقود قصيرة
في المقابل، تلجأ بعض المتاجر، خصوصًا محال العطور والمجوهرات، إلى تعزيز فرقها بعقود قصيرة الأجل خلال الأيام التي تسبق العيد. ومع ذلك، ترى أوصيان، وهي مستشارة مبيعات في متجر مجوهرات معروف، أن هذه التعزيزات غير كافية.
وتستعيد أوصيان ذكرى موسم سابق اضطرت فيه المتاجر إلى إغلاق أبوابها مؤقتًا بسبب الاكتظاظ الشديد، مشيرة إلى أن الضغط يبقى كبيرًا حتى مع وجود موظفين إضافيين، حيث يُطلب من البائعين إدارة عدة عمليات بيع في الوقت نفسه مع مطالبة الزبائن بالصبر.
الرهان على الطلب عبر الإنترنت
في متاجر المنتجات الثقافية، مثل الكتب وألعاب الأطفال، بات الاعتماد كبيرًا على خدمة الطلب عبر الإنترنت والاستلام من المتجر. وتؤكد إدارات هذه المتاجر أن سلوك المستهلكين تغيّر، إذ يفضل كثيرون تفادي الازدحام وشراء الهدايا إلكترونيًا ثم استلامها بسرعة من المتجر.
هدوء مقلق في الملابس الراقية
في المقابل، تعاني بعض العلامات الفرنسية في قطاع الملابس النسائية الراقية من بداية موسم بطيئة. بائعات في هذا القطاع يؤكدن أن الزبائن يأتين للاستطلاع فقط دون الإقدام على الشراء، بسبب ارتفاع الأسعار مقابل تراجع جودة الخامات، إضافة إلى الضغوط المالية المتزايدة على الأسر.
تغيّر عادات الاستهلاك
وتشير بيانات حديثة لمعهد IFOP إلى أن 79% من الفرنسيين باتوا يولون أهمية كبيرة للأسعار عند شراء هدايا عيد الميلاد، مع لجوء واسع إلى التخفيضات، الشراء المبكر، أو حتى المنتجات المستعملة، في ظل تراجع القدرة الشرائية.
ويكشف ذلك عن أزمة أعمق يعيشها قطاع الملابس الجاهزة منذ سنوات، حيث لم يعد موسم الأعياد يشهد التدفقات الضخمة نفسها، ما انعكس على تقليص الاعتماد على العقود المؤقتة مقارنة بالسنوات الماضية.
المصدر
BFMTV – فرنسا
https://www.bfmtv.com
