قبل خمسين الف سنة ظهر الانسان العاقل Homosapiens سلالة مختلفة تمتلك دماغا افضل وتفكير اعمق…خلقت ثورة على الارض في نمط المعيشة وفي الاستقرار وفي صناعة الادوات والتحكم بالنار وفي طرق الصيد وفي بناء تكتلات بشرية تواجه التحديات وتعد نفسها في الحرب والسلام ..كان الانسان القديم النياندرتال Neanderthals لا زال موجودا واختلط بهم وعاش معهم ردحا ولكن لانه متخلف عقله لا يستوعب عجز عن مجارات الانسان العاقل (الهوموسابين) فانقرض مخليا الطريق،، ازاحه الانسان الاقدر والاجدر ..
وربما سيعيش الانسان على الارض في مستقبل ليس ببعيد ذات الفجوة الكبيرة ..
بين انسان مبتكر،متطور،جسور يصنع ما يحتاج، يكتشف الفضاء واعماق المحيطات ويصوغ النظريات ويفسر الظواهر ويوظف العلم والمختبرات ولا يتوقف عن الاختراع،، وبين آخر على العكس..
يتوقع المختصون بعلم الاجتماع انه وبعد اقل من نصف قرن سنرى تطورا هائلا يوسع الفجوة جدا بين العالم المتقدم والاخرين.. حين تمنح تقنيات (الدمج العصبي الرقمي) فئة من البشر قدرات مضاعفة على الادراك, وقابليات قصوى على البناء وعلى التعامل مع ازمات البيئة وصعوبات الحياة. يقابلها مجتمعات متخلفة لا تفهم عصر البيانات ولا التقنيات، مستهلكة غير مبتكرة يقودها تفكير فردي مع تعليم متهالك واقتصادات هشة لا تستثمر في الانسان وتنتشر بينها شبكات تضليل وهرطقات غيبية جاهلة تفتقد للوعي، قدرتها الرقمية صفرا ، دورها العلمي والمعرفي صفرا واداءها صفرا.
حينها سيكون الحال مشابها لتلك الفجوة التي نشأت بين انسان الهوموسابين الذي حقق تفوقا نوعيا هائلا وبين النيانتردال الذي لم يوفق لمجاراته وخلال اقل من عشرة الاف سنة انقرض..!
وهكذا كما انقرض انسان النياندرتال انقراضا هادئا واخلى الساحة للافضل ستنقرض من على الارض مجتمعات كاملة وتغيب عن مسرح الحياة تماما، فقط لانها لم تفهم الحياة ولم تع متطلباتها ولم تثابر في المنافسة من أجل البقاء..
” هذه الامم ليست حرة، إما ان تتبع الغرب تماما وتتخلى عن هويتها لتبقى تتنفس الهواء وأما ان تبدأ فورا ببناء جزيرتها وتجربتها المعرفية والعلمية لتصنع لها اهدافا ومبررا للبقاء كما فعل الصينيون مثلا والا ستنقرض كما انقرضت أمم كثيرة فاتها الادراك”.
