آراء

د. بندر عباس اللامي: نحن حفاة في زمن القنادر

من اللافت للانتباه كتابة مثل هذه العبارة على مؤخرة سيارة كيا في بغداد نحن حفاة في زمن القنادر ……..لعلها المفارقة الأكثر سخرية ووجعاً في تاريخ العراق بعد احتلاله أن يعيش أبناء أرض السواد والذهب الأسود حفاةً بينما تتسيد “القنادر” المشهد. ليس المقصود هنا طبعا أحذية الجلد الفاخرة التي يرتديها لصوص المنطقة الخضراء فحسب بل هو توصيف دقيق لحقبة زمنية انقلبت فيها الموازين !؟ حيث صعد اسقط وأسفل القوم ليحكموا شعب العراق وحولوا الوطن إلى وليمة تنهشها ذئاب جاءت جائعة خلف دبابات الاحتلال.
منذ الاحتلال وحتى اليوم ونحن نشهد فصلاً مسرحياً داميًا أبطالهُ ثلة من العملاء واللصوص الذين وضعوا بساطيل المحتل على رؤوسهم ثم (نعلانهم ) البالية مثلهم بأحذية “إيطالية” لامعة ليدوسوا بها على كرامة المواطن وحقوقه . لقد أصبحنا “حفاة” ليس فقراً بالمال وبالحال فقط بل حفاة من الجوع والمرض وفقدان الأمان ومن غياب الخدمات ومن ضياع السيادة. نمشي على أرض تطفو على بحيرات من النفط فتتشقق أقدامنا من اليباس والحرمان بينما تزداد أرصدة “القنادر” انتفاخاً في بنوك الخارج.
إن مصطلح “القندرة” في الوجدان العراقي لا يعني الحذاء فقط بل هو رمز للوضاعة والاحتقار. وفي زمن الاحتلال هذا اعتلى هؤلاء الحكام عروش السلطة فسرقوا اللقمة من فم الجائع والدواء من فم المريض والنور من بيوت العراقيين. هم يلمعون في الفضائيات ببدلاتهم الأنيقة لكنهم في حقيقة الأمر مجرد أدوات رخيصة بيد المحتل الأجنبي يحركهم كيفما شاء لنهب خيرات البلاد.
نحن الحفاة.. نعم ولكن أقدامنا مغروسة في تراب هذا الوطن جذورنا تمتد لآلاف السنين بينما هم مجرد “أحذية” زائلة مهما علا شأنها ومهما غلت أثمانها فمصير الحذاء -في نهاية المطاف- هو الرمي ومصير الحافي الشريف أن يظل صاحب الأرض والحق.
إنها مرحلة مؤلمة ولكن التاريخ يخبرنا دائماً: لا يمكن للقندرة أن تصبح تاجاً وإن طال الزمن.

زر الذهاب إلى الأعلى