تدوينات مختارة

متقاعد عراقي: تأخير رواتبهم كل شهر.. المتقاعدون ضحية الفساد

تتكرر مأساة تأخر صرف رواتب المتقاعدين في العراق لتكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها المواطن العراقي في ظل دولة تعاني من فساد مستشري وإهمال مزمن لحقوق مواطنيها. ففي الوقت الذي تُهدر فيه مليارات الدولارات على مشاريع وهمية وهبات خارجية تخدم أجندات طائفية وإقليمية يُترك المتقاعدون الذين يعانون نفسيا واقتصاديا في كل شهر وهم شريحة واسعة من المجتمع العراقي المضطهد يواجهون مصيراً مجهولاً ويكابدون العوز والحاجة في معالجة وتوفير حاجاتهم بسبب تأخر رواتبهم التي تمثل مصدر رزقهم الوحيد.
ماعلاقة رواتب المتقاعد بالأزمات التي يفتعلها او يتسبب بها المسؤولين الفاسدين واللصوص ولماذا ينعم هؤلاء الفاسدين بكل اموال العراق في حين يرفعون سقف المشاكل عندما يتعلق الأمر برواتب المتقاعدين ؟
إنّ الأمر لا يتعلق بأزمة مالية عابرة أو صعوبات تقنية طارئة بل بجذور أعمق تتعلق بمنظومة فساد متجذرة تنهش جسد الدولة العراقية. فبدلاً من توجيه الموارد نحو تحسين الخدمات الأساسية وتوفير حياة كريمة للمواطنين تُستنزف الأموال في صفقات مشبوهة ومشاريع صورية ويتقاسم المتنفذون الفاسدون الغنائم دون حسيب أو رقيب.
وعلى سبيل المثال لا الحصر لاحظ المواطن العراقي كيف تم تخصيص المليارات للانتخابات التي أثبتت فشلها في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في حين يعاني المتقاعدون من تأخر الرواتب في كل شهر وهذا يمثل قمة الاستهتار بحقوق المواطنين وتجاهل معاناتهم. فبدلاً من إنفاق هذه الأموال على دعاية انتخابية عقيمة او التبرع بها إلى تلك الدولة او ذلك الشعب كان الأجدر بالحكومة توجيهها نحو ضمان صرف الرواتب في مواعيدها المحددة وتوفير حياة كريمة لهذه الشريحة التي أفنت حياتها وزهرة شبابها في خدمة بلدهم العراق.
إنّ استمرار هذه المهزلة والأزمة التي تفتعل كل شهر ….يؤكد بأن واقع العراق الان وليس غدا بحاجة ماسة وفورية لإجراء إصلاحات جذرية في النظام السياسي والاقتصادي الفاسد والفاشل في العراق !!! ومكافحة الفساد بكل أشكاله وتفعيل دور المؤسسات الرقابية المغيبة او المشلولة وتغليب مصلحة المواطن على المصالح الشخصية والفئوية والطائفية في دول اخرى ؟؟؟ فالمتقاعدون ليسوا مجرد أرقام في سجلات الدولة الفاشلة بل هم آباء وأمهات وأجداد يستحقون الاحترام والتقدير … لذلك يجب العمل الجاد لتوفير حياة كريمة لهم هو أقل ما يمكن أن تقدمه هذه الدولة لهم. لذلك فإنّ تجاهل حقوقهم وتأخير رواتبهم كل شهر ليس فقط ظلماً بحقهم بل هو مؤشر خطير على مدى تدهور الأوضاع في العراق واستهتار النظام القائم وتهديد حقيقي لمستقبل الأجيال القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى