آراء

موفق الخطاب: تحت المجهر.. كورمور طرف في تشكيل الحكومة العراقية

يبدو ان حقل كورمور وميزانية الاقليم يشكلان البعد الرابع بعد الكتل الثلاثة في تشكيل الحكومة العراقية وتسمية رئيس الوزراء ما بعد الانتخابات البرلمانية ..

ابتداءً دعونا نعرفكم بهذا الحقل الاستراتيجي:

حقل كورمور هو أحد أهم حقول الغاز في إقليم كوردستان العراق.و ينتج الحقل كميات كبيرة من الغاز الطبيعي مما يجعله مصدرًا رئيسيًا للإمداد بالغاز لمحطات توليد الكهرباء في الإقليم وبالتالي هو عنصر حيوي للأمن الكهربائي والاقتصادي والسياحي.

ما حصل في ليلة الأربعاء (26 تشرين الثاني نوفمبر 2025) من استهداف الحقل بطائرة مسيّرة أو أكثر من جهة مجهولة الهوية.
والهجوم أصاب مستودع خزان غاز داخل الحقل، مما أدى إلى اندلاع حريق كبير فيه.

وبحسب البيان المشترك لوزارتي الموارد الطبيعية والكهرباء في إقليم كوردستان والشركة المشغلة: فقد توقّفت جميع إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء بسبب الهجوم. ونتيجة لذلك، تعطلت عمليات الحقل بالكامل!!

وبحسب المتحدث باسم وزارة الكهرباء في الإقليم أن الهجوم خفض حوالي 80% من كهرباء الإقليم المنتج اعتمادًا على الغاز من كورمور وبالتالي فإن التوقف أثر على مناطق واسعة في جميع محافظات ..
حتى الآن لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.
والحقل سبق أن تعرض لهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ في السنوات الأخيرة، ما يضع هذا الحادث في سياق سلسلة اعتداءات على منشآت الطاقة في الإقليم.

وكما جرت العادة لم تعلن اي جهة المسؤولية حتى الآن لكن معظم التحليلات والأنباء تشير إلى أن ميليشيات مسنودة من إيران (فصائل مسلحة عراقية أو وكلاء إقليميون) هم المشتبه بهم، والسبب يعود إلى مزيج من دوافع استراتيجية وسياسية واقتصادية.
هناك نمط متكرر يستهدف حقول الطاقة ومطار اربيل المدني والقاعدة الأمريكية في إقليم كوردستان حيث تتعرض لهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ ولا تعلن أي جهة مسؤوليتها، لكن أجهزة استخبارات ورصد وتحليلات صحفية تربط بعضها بفصائل «مدعومة إيرانياً» لأنها استفادت تاريخياً من ضرب أهداف مرتبطة بحلفاء الولايات المتحدة .

وهذا الاعتداء الإرهابي السافر يمثل رسائل ضغط على إقليم كوردستان أو رداً على مواقف سياسية مع تصاعد التوتر ما بعد الانتخابات ومعضلة تشكيل الحكومة الاتحادية واختيار شخص رئيس الوزراء القادم وربطها باستحقاقات الاقليم ويبدو ان تشكيل الحكومة المقبلة ترسمه المسيرات وسط تكهنات بتصاعد الفوضى والصراعات .
وقد اعتاد الكرد على لعبة جر الحبل بين الشد والتراخي كل اربعة سنين عجاف.
فبعض الجماعات المتطرفة والفصائل ترى في حالة الخلاف فرصة لرفع سقف المطالب و أفضل و أرخص و أحقر وسيلة هي ضرب البنى التحتية وارباك الفرقاء مما يخلق أزمة داخل الإقليم و يُحمّل بغداد تبعات أمنية وسياسية لخلط الأوراق ويزيد قدرة هذه الفصائل ومن خلفهم إيران التي لم يتبق لديها وسيلة ضغط على واشنطن سوى الملف العراقي بعد فقد أذرعها في لبنان وسوريا لفرض إرادتها و مشروعها على جميع الاطراف.

لكن هنالك تساؤلات مشروعة؟

فإذا كان الحقل بهذا الأهمية لماذا لا تتعاقد حكومة الإقليم مع شركات عالمية لحمايته، ولماذا لا توفر أمريكا و حلفاؤها أنظمة دفاعية للاقليم؟
والى متى تبقى الفصائل المسلحة خارجة عن سيطرة الحكومة الاتحادية وتفلت في كل مرة من الحساب وهذه الأعمال تقع تحت جرم الارهاب؟
وهل ستتغاضى أمريكا عنهم كما في كل مرة وتختفي بوضع قادتها على لائحة الارهاب وعقبال الخزانة الأمريكية التي يستهزؤون بفاعليتها ! خصوصا انهم وتحت حراب اسلحتهم تسلل قادتهم الى المقاعد البرلمانية وقد يزداد الوضع تعقيدا ؟

هذه الحادثة تمثل رسالة موجعة و أكبر اختبار لمبعوث ترامب السيد مارك سافايا فالموضوع تحول إلى تحد فماذا هم فاعلون ؟

ما حدث يشكل اختباراً سياسياً ودبلوماسياً لمبعوث واشنطن، لكن قدرته محدودة ربما يمكنه الضغط دبلوماسياً والتوسط بين بغداد و أربيل، والضغط لتمكين إجراءات دفاعية أو شراكات أمنية، لكنه لا يملك سلطة عسكرية أحادية لنشر أنظمة دفاع دون موافقة بغداد أو قرار فوري من واشنطن تكون فاعليته متصلة بإرادة الإدارة الأميركية وعلاقاتها مع بغداد والإقليم.

قد ينجح مارك سافايا في التنسيق الدولي لجلب مساعدات تقنية واستخبارية للإقليم لمكافحة الطائرات المسيّرة.
لكنه لا يستطيع إجبار فصيل مسلح على الانصياع أو نشر بطاريات دفاعية أميركية دون موافقات رسمية من بغداد و واشنطن.

الإجراء العاجل الذي يجب ان تسلكه حكومة الاقليم يتمثل بالتعاقد مع شركات دولية متخصصة في الدفاع ضد الطائرات المسيّرة
مع تزويد الحقل بمنظومات تشويش وقطع اتصال طائرات الدرون ونصب رادارات قصيرة المدى لكشف المقذوفات الصغيرة مع نصب أنظمة اعتراض تكتيكية .
حروب اليوم لم تعد حروب قتالية كما قد مضى لذا يجب التحول إلى المنظومات الدفاعية ، وعليه فعلى حكومة الإقليم التنسيق مع واشنطن لإرسال فريق تقييم دفاعي لنشر مزيد من منظومات قتالية مباشرة، بعد توحيد الموقف مع الحكومة الاتحادية للتغلب على الحساسية السياسية لتواجد منظومات أميركية في الإقليم عبر إدخالها بصفة “برنامج وطني لحماية الطاقة، مما يتيح للإقليم الحصول على غطاء دفاعي متقدّم بموافقة بغداد ودعم واشنطن دون خرق الدستور أو إثارة حساسيات سياسية…
حفظ الله إقليم كوردستان والشعب الكردي من كل غدر و سوء..

زر الذهاب إلى الأعلى